حزب الإصلاح اليمني هل الحل في الحل أم في التصالح أم ثمة خيار ثالث؟!

لا يخفى على أي متابع للأحداث الأخيرة في اليمن، أن من أهم الأهداف التي رفعها هاني بن بريك نائب رئيس ما يسمى المجلس الانتقالي في عدن، في خطاب النفير كما يسميه، هو التخلص من حزب الإصلاح المسيطر على القصر الرئاسي في عدن وعلى مؤسسات الدولة هناك حسبما ورد في الخطاب، وبناء على ذلك تحرك الحزام الأمني وكافة التشكيلات التابعة للانتقالي في عدن، صوب القصر الرئاسي والمعسكرات التابعة للشرعية لإسقاطها وفرض الأمر الواقع، انتهى هذا التحرك بالسيطرة على عدن كاملة، بدعم إماراتي كامل، صاحبه صمت مطبق من مؤسسة الرئاسة والمملكة العربية السعودية الراعية لتحالف دعم الشرعية في اليمن، كما صرح بذلك نائب رئيس الوزراء اليمني وزير الداخلية أحمد الميسري.

كان لسقوط عدن أثره على معنويات المؤيدين للشرعية، وفي خضم هذه الحالة من الشعور بالهزيمة، ظهرت دعوات من هنا وهناك، بعضها يطالب بالتصالح مع الحوثي وأخرى تطالب حزب الإصلاح بحل نفسه، بحجة أن الآخرين استخدموه شماعة في إسقاط عدن ومن قبلهم الحوثي الذي اقتحم صنعاء بحجة محاربة الإصلاح، والسؤال الذي يطرح نفسه لو حل الإصلاح نفسه هل ستنتهي الشماعات التي يستخدمها أعداء اليمن في محاربته، وهل ما يحدث في اليمن الهدف منه الحرب على الإصلاح فقط أم أن الهدف أكبر من ذلك، وهو تدمير اليمن وإطالة أمد الصراع وعدم السماح لليمنين بالعبور صوب الدولة المدنية المنشودة حتى لا تكون هناك سيادة لليمنيين على أرضهم وتكون السيادة كلها للخارج، وهل عندما دخل الحوثيون صنعاء اكتفوا فقط بمحاربة الإصلاح أم أن أهدافهم أكبر من الإصلاح، أما ما يتعلق بعدن فهل كانت هناك ألوية عسكرية في عدن تتبع الإصلاح أم أنها تتبع الشرعية، ومن يقودها أكثرهم محسوبون على أحزاب وجماعات أخرى من رئيس المنطقة العسكرية إلى قيادات الألوية.

لقد بذل حزب الإصلاح جهودا كبيرة في سبيل ردم الفجوة بينه وبين دول التحالف، وحاول جاهدا إيصال رسالته كحزب سياسي يمني لدول تتخذ من الإخوان المسلمين أكبر عدو استراتيجي في المنطقة، وقدم نفسه إليهم كحزب سياسي يمني لا علاقة له سياسية أو تنظيمية بالإخوان المسلمين، وحرص على توحيد خطابه وخطاب أعضائه ومناصريه ليصب ضد العدو الأول لليمن والمنطقة وهو مليشيات الحوثي الانقلابية، وأوفد عددا من قياداته ومناصريه للإمارات لذات الهدف، وجلس اثنين من كبار قياداته مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وولي العهد الإماراتي محمد بن زايد، وزار رئيسه وأمينه العام الإمارات، ولم يستطع إنجاز شيء ملموس لأنه ربما جزء من الهدف وليس الهدف كله.

الإصلاح شماعة إذا انتهت فهناك ألف شماعة وشماعة، وليس من مصلحة اليمن حل الإصلاح أو حل أي حزب سياسي آخر، لأن اليمنيين قطعوا شوطا كبيرا نحو التعددية الحزبية والسياسية، والتي يجب أن تبقى وأن تهذب بما فيه مصلحة الوطن، وإلغاؤها معناه الانزلاق في الفوضى أكثر وأكثر، مع الإقرار بإن المنظومة الحزبية في اليمن هشة وتعاني حالة من الترهل العجيب، إلا أنها مع هشاشتها وترهلها مكسب، يجب المحافظة عليه، والنضال في سبيل تطويره وتهذيبه.

في ظل هذا الانسداد السياسي تطرح كذلك فكرة التصالح مع الحوثي، وأن الإصلاح في حال اتجه للتصالح مع الحوثي فإنه سيسد الباب أمام كل القوى المتربصة باليمن، وحتى ندرك أبعاد هذا المقترح ينبغي علينا أن نتذكر أن معركة اليمنيين الأولى مع الحوثي، ومع فكرة الإمامة السياسية التي دفعت الحوثي للسيطرة على اليمن، والتي لا تعترف بالجمهورية ولا بالديمقراطية ولا بالتعددية الحزبية ولا بالشراكة ولا بالمساواة، ويمكن معرفة ذلك بأقل اطلاع على الأدبيات السابقة واللاحقة للجماعة والواقع المفروض على اليمنيين حاليا، ثم إن الإصلاح حاول توقيع عددا من الاتفاقيات مع الحوثي بداية سيطرته على صنعاء ولم يفلح، وزيادة على ذلك زج الحوثي بقياداته وأنصاره في السجون، ومات عدد منهم تحت التعذيب في سجون الحوثي، واحتل بيوتهم وفجر بعضها، ورفض شراكة ابن عمه محمد عبد العظيم الحوثي، وانقلب على حليفه صالح، ونقض أكثر من ثمانين اتفاقية مع القبائل اليمنية، وخالف مخرجات الحوار الوطني واتفاق السلم والشراكة الذي فرضه بنفسه ورضي به اليمنيون حقنا للدماء، وحتى القرارات الدولية التي صدرت ضده لم يلتزم بها، أفبعد كل هذا ندعو وببساطة للمصالحة مع الحوثي الذي أثبت التاريخ أنه لم ولن يفي بعهد أو اتفاق مع أي أحد.

لقد أصبحنا نخير نحن ودول الربيع العربي الأخرى بين شرين كل واحد منهما أمر من الآخر، ولو أن الشعوب سترضى بأحدهما لما ثارت من أصلها، والانتصار ليس في قبول أحد الشريين، وإنما في مدافعتهما معا، ولهذا يدرك العقلاء أن الحل ربما يكمن في تأسيس تيار وطني يتجاوز الجميع، ويحاول الخروج باليمن من أزمتها الحالية، وليس سوى ذلك إلا الاستسلام الذي لن تكون ضريبته أقل من ضريبة النضال.

وسوم: العدد 837