مركز جنيف الدولي للعدالة: العراق، جثث مجهولة ام تصفيات طائفيّة؟

البيان

جنيف 15/8/2019

طالب مركز جنيف الدولي للعدالة (جنيف للعدالة) الأمم المتحدّة بارسال لجنة تحقيق دوليّة مستقلة الى العراق للتحقيق بما كُشف عنه مؤخرّاً من عمليّات دفن غير قانونية لما يقرب من 300 جثّة وصفتها جهات على صلة بالسلطات العراقيّة على انها (مجهولة الهوّية)، جرى تسليمها لـ (منظمة انسانيّة غير حكوميّة) لكي تتولى دفنهم. ورأى المركز ان هذا الإجراء هو امرٌ خطير للغاية يؤكدّ النوايا غير السليمة للسلطات العراقيّة التي سمحت بدفن الجثث دون اتخاذ الإجراءات القانونيّة اللازمة للتعرّف على الضحايا وتسليمهم الى عوائلهم، مما يخالف التزاماتٍ قانونية دولية لا يمكن لحكومة العراق التنصل منها بهذه السهولة.  جاء ذلك في نداء صدر هذا اليوم الخميس 15/8/2019.

وقال المركز، وهو منظمّة غير حكوميّة دوليّة، مقرّها جنيف، انّه تسلّم معلومات من جهات عراقيّة مطّلعة ونداءات من ناشطين حقوقيين تؤكدّ ان السلطات العراقيّة بدأت تتخلص من مئات الجثث التي يُرجح انّها جثث الأشخصاص المختفين قسرياً منذ سنوات في معتقلات الميليشيات العراقيّة السرّية وخاصّة لدى ميليشيا ما يسمّى بــ (الحشد الشعبي)، مؤكدا أنّ ذلك يمثل انتهاكاً خطيراً للقانون الدولي لحقوق الإنسان و للقانون الدولي الإنساني، وهو ما يتطلّب التدخل، العاجل والفوري، من قبل الأجهزة المعنيّة في الأمم المتحدّة وبصورة خاصة الأمين العام والمفوضة الساميّة لحقوق الإنسان وارسال لجنة تحقيق دوليّة مستقلّة للتحقيق بهذه الانتهاكات.

واكدّ مركز جنيف الدولي للعدالة ان هذه العمليّة هي محاولة متكرّرة من قبل السلطات التي تعاقبت على الحكم في العراق منذ عام 2003، لطمس وتشويه الحقائق، وحرمان ذوي الضحايا من معرفة الحقيقة ومن حقّهم الثابت قانوناً في طلب القصاص العادل من المتسببين بهذه الجرائم، والتماس طرق الجبر والتعويض المعروفة عن الاضرار التي اصابتهم مع انّ فقدان احبّائهم هو امر لا يعوّض مهما كان الثمن. كما يؤكدّ ان ليس من مهام اواختصاصات المنظمّات الإنسانيّة او غير الحكوميّة تولي دفن الجثث (مجهولة الهويّة) فهذه مسؤوليّة خطيرة يجب ان تتولاها الأجهزة الرسميّة للدولة وفق الإختصاصات الدستورية والالتزامات القانونية وضمن إجراءاتٍ شفّافة وموثقة تقود الى معرفة الضحايا والى معرفة القتلة وصولاً الى تحقيق العدالة. ومن هنا فان تولي منظمّة غيرحكوميّة عملية الدفن ما هو إلاّ محاولة واضحة للتضليل من اجل التنصل عن التحقيق في جرائم التصفية الجسدية هذه للمختفين قسرياً وتقييد الجريمة ضد مجهول وبالتالي فان المنظمّة غير الحكومية التي تقوم بذلك هي شريكة في طمس الجريمة.

ويذكر ان العراق يعاني منذ الغزو الأمريكي عام 2003 من ظاهرة الجثث المجهولة حيث غالباً ما يجري التخلص من المناوئين للاحتلال او السلطات بهذه الطريقة اذ يجري تعذيبهم ومن ثمّ قتلهم ورمي جثثهم في الأماكن العامة بعد اعتقالهم بفترات زمنية متفاوتة.

ويؤكدّ جنيف للعدالة انّه سبق ان وثّق لأجهزة الأمم المتحدّة وللمحكمة الجنائية الدوليّة عمليات التصفية التي تقوم بها اذرع الحكومة العراقيّة، وهي الميليشيات والأجهزة الأمنيّة، للمئات من الأشخاص على أسس طائفيّة بحت، حيث استهدفت تلك العمليات العرب السنّة (تحديداً) في العاصمة بغداد منذ عام 2006 وفي المدن المحيطة بها، ومنها مدينة جرف الصخر التي اُخليت من سكّانها عام 2014، واعتقلت ميليشيا بدر وحزب الله وعصائب اهل الحقّ المئات منهم. وانّ ذلك قد تزامن مع اختفاء مئاتٍ آخرين من محافظة ديالى، ومن مدينتي الدور وسامرّاء في محافظة صلاح الدين ومن مدن الفلوجة والرمادي والخالدية في محافظة الانبار. ومن الواضح ان الظروف السياسيّة الدوليّة الضاغطة الان على وجود و دور الميليشيات في العراق في ظلّ استخدامها من قبل النظام الإيراني لتنفيذ عمليات قتلٍ طائفي في سورّية والعراق، تدفع هذه الميليشيات للتخلص من المعتقلين باعدامهم خارج القانون ومن ثمّ دفنهم خارج القانون ايضاً، وهو إنتهاك خطير للغاية يقع تحت توصيف جرائم الحرب والجرائم ضدّ الإنسانيّة وفقاً للقانون الجنائي الدولي.

ومن هنا يوضّح مركز جنيف الدولي للعدالة ان تقريره الذي سيصدر قريباً سيتضمن المزيد من الحقائق وسيبين بالتفصيل مسؤوليّة الحكومة العراقيّة والأمم المتحدّة وخاصّة بعثة يونامي في العراق، والمفوضيّة السامية لحقوق الإنسان. ويطالب كل تلك الأجهزة ان تتخذ بأقصى ما يمكن من السرعة، وبالتعاون مع الأمين العام للأمم المتحدّة، كل الإجراءات التالية:

  اولاً: إرسال بعثة تحقيق دوليّة للتحقيق في هذه الجرائم وتقديم النتائج الى مجلس حقوق الإنسان ومجلس الأمن الدولي وبما يضمن تقديم كلّ المخطّطين والمرتكبين، ومن يغطّي عليها، الى العدالة الجنائيّة الدوليّة في ظلّ الشلل والفساد الذي يصيب القضاء العراقي وأجهزة حفظ القانون.

ثانيا: اتخاذ كل الإجراءات اللازمة للضغط على السلطات العراقيّة لحلّ النميليشيات وتقديم قادتها الى القضاء الجنائي الدولي.

ثالثا: تعيين مقرّر خاص لحالة حقوق الإنسان في العراق، يكلّف بالكشف عن كل الانتهاكات المُرتكبة منذ الغزو الأمريكي عام 2003 ولحد الآن.

وسوم: العدد 838