جمال عبد الناصر والزواج من إيرانية !

القليل الذين يعلمون أن زوجة عبد الناصر إيرانية و القليل النادر هم الذين يعلمون أنها كانت شيعية!

لم يكن من المصادفات زواج رؤوساء مصر في ( عهد الثورة ) من إنكليزيات على التوالي كما في حالة السادات و مبارك ، و لا حتى الزعيم القومي العروبي جمال عبد الناصر ، و الذي لم تعجبه نساء مصر جميعاً ، فلم يجد إلا ( إيرانية شيعية ) تليق به !

و يبدو أن هذا الموضوع لا فرق فيه بين ملكية و جمهورية و لا رجعية أو تقدمية .. فقد زوّج الملك فاروق أخته الأميرة فوزية لشـــــــــاه إيران ،فكيف حصل هذا و لماذا ؟

( تـحـيـة كـاظـم ) من مواليد إيران ( طهران أو أصفهان ) عام 1920 .. و هناك بعض المواقع و الكتب تذكر أنها مواليد 1923 مصر ! فيما يبدو محاولة للتغطية و التلاعب بالتاريخ لإضفاء الصفة العروبية على زوجة البكباشي جمال .( كاظم ) ليس لقب عائلة ! بل هو اسم والدها ،إذاً ما هو لقب العائلة و على ماذا يدل، تذكر بعض الكتب و التراجم أنه ( كاظم بغدادي ) و البغدادي هو لقب لعائلة شيعية بلا خلاف ، و ليس هنا المهم فذلك معروف ،و يذكر بأنه ( كاظمي رشتي ) 

كاظم رشتي ،هو شيخ شيعي من رشـــت في إيران ، لكن له مكانة خاصة و أتباع إلى أيامنا هذه فهو الذي أسس للطريقة ( الشيخية ) و ما عرف فيما بعد ( بالبابية أو البهائية ) 1843 ، و هو تلميذ الشيخ أحمد الأحسائي ، و البهائية مركزها حالياً في إسرائيل و من أكثر الفرق قبولاً و نفوذاً و أبو مازن (محمود عباس) منهم ! و هذا الانشقاق البابي له قصة وملابسات تطول.قدم (كاظم) إلى مصر كتاجر للشاي ، و عمل هناك و انضم إلى (الجالية الإيرانية) في مصر و هذه الجالية كان لها عمل منظم ،مثل الجاليات الشيعية في الخليج و لبنان ،و لها ارتباط بالمراجع الدينية في إيران ، و كان لها رئيس (الميرزا) و لها جرائد و مجلات و مجلس أعمال .الجالية الإيرانية في مصر كانت على قسمين (شيعة) و (بهائية) لكن الجمهور كان يعتقد أن الجميع شيعة و لا يميز بينهما ، و كانت تتركز تلك الجالية في ( خان الخليلي ) و غيره ، و هناك أسماء مشهورة قد لا يعلم البعض أنها لشيعة إيرانيين كـ ( الحلواني ) (كازروني ) ( الموسكي ) ( الميرزا ) و هناك بعض البهائيين كـ ( هنيدي ) 

و كانت المراسم الشيعية التي تمّ تأسيسها منذ زمن الدولة الفاطمية العبيدية بمصر تقام كل سنة ومازالت حتى اليوم بما فيها الاحتفال بالنيروز ،و من هناك نشأ الاحتفال بالمولد النبوي و عاشوراء و ليلة النصف من شعبان و الحسين و مقام الحسين الخ ، و في كل عام يقوم تجار الشيعة بالاحتفال و توزيع الحلوى و الملابس الجديدة على الفقراء استمراراً على طقوس العبيديين.تقول الرواية: بأن والد تحية و أمها توفيا و هي صغيرة فتابعت دراستها تحت رعاية أخيها ( عبد الحميد كاظم ) و الذي كان تاجراً للسجاد و له مصنع قرب الكلية العسكرية بالعباسية ، و كان عبد الحميد صديقاً لـ ( خليل حسين ) أخو جمال عبد الناصر حسين ،و هو قدمها له من خلال التعارف و تزوجا في عام 1944 

و كانت تحية قد درست باللغة الفرنسية في مدرسة ( سانت جوزيف ) و تعلمت العزف على ( البيانو ) هكذا زوجات العروبيين و القوميين أعداء الامبريالية أجنبيات و بيانو و لغات أجنبية !بعد ثماني سنوات من الزواج تقريباً ولدت تحية أربعة أبناء : هدى و منى و خالد و عبد الحميد باسم أخيها.عبد الناصر كان يمازح الزوار في بيته و على طاولة الطعام و يقول: ( أولادي أخوالهم شيعة ).

و هو سيكون عنوان المقال القادم ( عبد الناصر و التشيع مواقف مجهولة ) !

بقي أخيراً الاجابة عن تساؤل يتعلق بهذه الزيجات لقادة الجمهورية العربية المصرية ؟

بكل اختصار و لكي لا نكرر الكلام ، ما الذي جمع قائد الثورة العروبي بالإيراني و ما الذي جمع خلفاءه من بعد بالأنكليز ؟

الجواب : هو نفس الذي جمع الملكي الفاروقي بالشاه ،فتّش عن الإنكليز وراء تلك القضايا ! فقد كان (( شـــاه إيران )) و (( ملك مصر )) ألعوبة بيد الانكليز ، و كان (( بترول إيران و معادنها )) و (( قناة السويس و مؤسسات مصر )) مرهونة للإنكليز و ديونهم ،و كذلك بقي الحال حتى مع (( البكباشي جمال عبد الناصر )) فهو لم يشذ عن القاعدة ،لكنه تطور قليلاً و بشكل مغاير مع الرياح الأمريكية التي وصلت المنطقة .. و تحديداً بعد (( زيارة الرئيس الأمريكي روزفلت )) للمنطقة عام 1945 و هنا صار للزعماء بالمنطقة اللاعب الأمريكي البديل و لم يعد التفرد للانكليز الذين خرجوا نهائياً من المنطقة لاحقاً بعد ثورة مصدق بإيران 1951 و الثورة بمصر 1952 و هي ليست مصادفات بل تزامنات دقيقة مهندسة مسبقاً ..

وسوم: العدد 838