ما الذي ستحملُه قمةُ موسكو إلى قمة أنقرة ؟

ما بين يائسٍ من إحداث أيّ خرقٍ بخصوص إدلب، يمكن للرئيس أردوغان أن يحدثه في لقاء موسكو ظهيرة الثلاثاء: 27/ 8 الجاري، و آخر ما زال يؤمِّل الخير في هكذا لقاءات؛ انقسمت الحواضن الشعبية في منطقة إدلب، و شاركهم في ذلك شرائح عريضة من السوريين، الذين ما زال الهمّ يعتصرُ قلوبَهم على ما تشهده منطقة إدلب الكبرى منذُ أربعة أشهر، من تصعيد غير مسبوق، أتى على مرافق الحياة كلّها دونما استثناء.

يرى المراقبون أنّ لغة الجسد لكلا الرئيسين، كانت منبئة عن كثير من وجهات النظر الإيجابية، التي طُرحت على طاولة البحث، في لقاء القمة الذي جمع بينهما، على هامش  معرض " ماكس-2019 " للطيران والفضاء في ضواحي موسكو.

ربما كانت هناك رسائل حارّة، أراد كلٌّ منهما أن يوصلها إلى الآخر، فبوتين بدا منتشيًا بقضم 49 قرية و بلدة مع تلالها، و أردوغان هو الآخر أراد أن يحمل معه نبأ إفشال الهجوم على محور التمانعة، للإطباق على طريق M5 من جهة الشرق؛ غير أنّ برودة الآيس كريم خفّفت من ذلك كثيرًا.

فضلًا على الجردة الاقتصادية بين البلدين، حيث بلغت الصادرات بينهما مائة مليار دولار، منها جزء لا بأس به بالعملة المحلية، و توافد خمسة ملايين سائح، و توقعات بالانتهاء من خط السيل التركي الذي سينقل الغاز إلى عموم أوربا، و السماح لسائقي الشاحنات بالتنقل من غير تأشيرة دخول بين البلدين.

إلى جانب خبر تنامي العلاقات العسكرية، حيث وصلت أجزاء من بطارية S400 الثانية في الوقت الذي كانا يجتمعان فيه، و فوق ذلك كلّه جلوس الرئيس أردوغان في كبينة طائرة سوخوي 57، و الاطلاع على بعض تقنياتها، و هو مالم يحظَ به رئيس آخر غيره، و هناك أنباء عن نية أنقرة التباحث حول شرائها، و توطين صناعة بعض أجزائها.

هذه المؤشرات الاقتصادية المتنامية، انعكست إيجابيًّا على أجواء القمة المزدوجة الغايات:

ـ اقتصاديًا على المستوى الثنائي الداخلي.

ـ و سياسيًا على مستوى العلاقات بينهما، و بين أطراف أخرى في الملف السوريّ.

ففي الملف السوريّ، يبدو أنّ بوتين قد أمّل خيرًا في مشاركة قواته في ضبط الإيقاع في المنطقة الآمنة شرق الفرات، عن طريق تسيير دوريات مشتركة مع الأتراك، بما يضمن له المزيد من الأوراق في صياغة مستقبل سورية.

و حظي كذلك بتعهد الرئيس أردوغان، بضمان قاعدة حميميم من هجمات جديدة، تطالها طائرات هيئة تحرير الشام المسيَّرة، و إقرار تركيا بوصول روسيا إلى خان شيخون، للمباشرة بفتح الطرق الدولية؛ بعدما بقيت القوات المهاجمة خمسة أيام على مشارفها، حتى دخلتها بعد جولات من المفاوضات خلف الأبواب المغلقة مع الأتراك، من غير أن يرشح شيء ممّا توصل إليه الجانبان.

و حصل أيضًا على تعهّده، باتخاذ الإجراءات اللازمة لإزالة بؤر العناصر الإرهابية من إدلب، في مقابل المشارفة على الانتهاء من لجنة صياغة الدستور، و اتخاذ خطوات مهمة للغاية، لحماية المدنيين في الشمال السوريّ، و العمل تحت سقف تفاهمات سوتشي؛ كونها المظلة التي يتحرّك بموجبها الجانبان مع الضامن الإيراني في إدلب، بمباركة أمريكية ـ أوروبية، تمهيدًا لمرحلة الانتقال السياسي في الملف السوريّ عمومًا.

و بانتظار موعد انعقاد قمة أنقرة في: 16/ 9 القادم، التي سيصادق فيها الضامنون الثلاثة لتفاهمات سوتشي، على ما تمّت صياغته من تفاصيل قمّة موسكو الثنائية، سيبقى السوريون منقسمين على أنفسهم كما أسلفنا: ما بين قانط يائس، و مؤمِّل متفائل.

فهل ستشهد إدلب هدوءًا حذرًا، بانتظار جولة أخرى من التصعيد العسكري، تأتي على معالم الحياة في ريف إدلب الجنوبي ـ الشرقي، على غرار ما كان لتلك المعالم في شمال حماة و أجزاء من جنوب إدلب، أم تنعم المنطقة بشيء من الرخاء و الأمان، تطبيقًا لمقررات تفاهم أستانا 4، التي يلحّ المراقبون و الأدالبة على حدٍّ سواء، على الإفصاح عن مضامينها و مقرارتها.

وسوم: العدد 839