نصر اللات يحذر اللبنانيين من حرب أهلية

حذر الأمين العام لحزب اللات اللبناني من حرب أهلية لتخويف اللبنانيين الذين تظاهروا في طول البلاد وعرضها، وشكلوا سلسلة بشرية امتدت من طرابلس في الشمال وحتى صيدا في الجنوب، واعتصامات غطت ساحات بيروت وكافة المدن اللبنانية، معبرا في كلمة له؛ عن رفض حزبه إسقاط الحكومة أو إجراء انتخابات نيابية مبكرة، ظناً منه أنه لا يزال الرمز المسموع كلمته في أوساط اللبنانيين، طواعية أو خوفاً وإرهابا.

وجاء الرد من المتظاهرين كالصاعقة على رأس حسن نصر اللات، مؤكدين على إزاحة الجميع من المشهد السياسي، وقد تغول الجميع في الفساد المالي والاجتماعي، وقد صدحت حناجرهم بصوت واحد: "كلن يعني كلن ونصر الله واحد منن".

المتظاهرون يطالبون بإسقاط النخبة الحاكمة التي يرون أنها أدت إلى انهيار اقتصاد البلاد من خلال الفساد وسوء الإدارة.

وسعى مجلس الوزراء إلى تهدئة خواطر اللبنانيين فأقر مجموعة من الإصلاحات تتضمن إلغاء الضرائب الجديدة وخفض رواتب كبار المسؤولين إلى النصف.

لكن يبدو أن هذا لم ينجح في تهدئة أكبر وأوسع احتجاجات تشهدها البلاد منذ سنوات، حيث واصل المحتجون التظاهر والاعتصام في الساحات العامة والقريبة من مؤسسات الدولة الهامة والحساسة.

وأعلن حسن نصر اللات في خطاب تلفزيوني من داخل سردابه لاءاته الثلاث: "لا نقبل بإسقاط الرئيس، ولا نقبل بالدعوة إلى استقالة الحكومة، ولا نقبل بإجراء انتخابات نيابية مبكرة"، ودعا إلى أن "يبحث لبنان عن حلول تمضي بالبلاد قدما"، محذرا من "الانزلاق إلى الفوضى".

وحذر نصر اللات اللبنانيين من الوقوع في فخ المؤامرة التي تحيكها بعض الأطراف التي لم يسمها، وتعمل على الدفع بالبلاد نحو حرب أهلية، قائلا: "الحراك الاحتجاجي لم يعد حركة شعبية عفوية بل حالة تقودها أحزاب معينة وتجمعات معلوم من وراءها، وثمة أموال طائلة تنفق في ساحات الاحتجاج".

وأضاف: "لا تصدقوا ما تقوله السفارات ووسائل الإعلام الخليجي، وأخشى أن يكون ثمة من يريد تأجيج التوترات ليصل بلبنان إلى الحرب الأهلية".

لقد كانت من بركات انتفاضة_ لبنان إجبار "المسردب" حسن نصر اللات على وضع علم لبنان خلفه للمرة الأولى بدل العلم الأصفر؛ كنوع من ركوب موجة الحراك، وتغيير نبرة صوته لتكون هادئة، مع ابتسامة صفراء وعيوناً تقدح غيظاً وحنقا، وقد غابت علامة إشهار الأصبع التي تعود الناس عليها، وكان باديا عليه الخوف والقلق، وقد توحد اللبنانيون ضده وضد كل التركيبة السياسية الفاسدة، التي أفقرت لبنان وأجاعته وأفسدته، ورسخت الطائفية بين مكوناته، وبذر بذور التفكك والعداء بينها.

وأمام التصعيد الذي قام به المتظاهرون وحشدهم للآلاف من اللبنانيين في الشوارع والساحات العامة، وقطعها لأهم طرق بيروت التي تصل العاصمة في الشمال والجنوب، هاجم زعران حركة أمل وحزب اللات، يوم أمس الثلاثاء 29 تشرين الأول، المتظاهرين السلميين في العاصمة بيروت، وأحرقوا وكسروا خيام المعتصمين، مثيرين حالة من الهلع تحول معها وسط العاصمة إلى ما يشبه ساحة حرب في ظل تراخي السلطات الأمنية، بحسب متظاهرين وصحافيين.

وأعلن الصليب الأحمر اللبناني نقل 11 جريحاً من المتظاهرين من جسر الرينغ وساحة الشهداء إلى المستشفيات القريبة.

وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي في لبنان مقاطع فيديو تظهر قيام زعران أمل وحزب اللات بالهجوم على خيم المتظاهرين في ساحة رياض الصلح وتكسير الموجودات فيها، مطلقين هتافات عدائية.

وأظهرت مقاطع فيديو أخرى إشعال مجموعة من هؤلاء الزعران خيام المعتصمين المناهضين للحكومة في ساحة الشهداء في وسط بيروت، واستخدام العصي في الاعتداء على المعتصمين.

وأكد ناشطون وصحافيون على مواقع التواصل الاجتماعي أنه "لم يتم اعتقال أي من الذين اعتدوا على المعتصمين السلميين"، وأن "القوى الأمنية تركت المجموعات تحرق الخيم وتضرب المعتصمين بالعصي والحجارة ولم تتدخل إلا عند اقترابهم من السور الفاصل بين الساحة والسراي الحكومي".

وقال متظاهرون إن الاعتداءات شملت الشباب والشابات على السواء، ولم تستثنِ الإعلاميين الذين ينقلون وقائع التظاهرات.

حالة الفزع والترهيب التي عاشها المعتصمون السلميون في وسط بيروت بعد هجوم زعران حزب اللات وحركة أمل عليهم، لم تمنعهم من العودة لترميم خيامهم، وعاد المعتصمون إلى ساحتي الشهداء ورياض الصلح، بعد عصر 29 تشرين الأول، وبدأوا تنظيف أثار الفوضى التي تركها المعتدون وإعادة ترميم الخيام الممزقة ونصب خيام جديدة.

وتداول هؤلاء، بعد عودتهم، مشاهد لما بعد الاعتداء على الخيام، بدت معها الساحات في حالة فوضى عارمة.

لاءات حسن نصر اللات لم تثني سعد الحريري عن قراره الذي هز أركان حزب اللات وحليفه التيار الحر العوني، فقد أعلن عن الاستقالة من منصبه، وتوجه إلى القصر الرئاسي لتقديمها إلى الرئيس ميشال عون، يوم الثلاثاء 29 تشرين الأول، وسط احتجاجات اجتاحت البلاد على مدار الأسبوعين الماضيين.

وقال الحريري في كلمة بثها التليفزيون يوم الثلاثاء، إن لبنان وصل إلى طريق مسدود ويحتاج إلى صدمة لكسر الأزمة، مضيفا "سأتوجه إلى قصر بعبدا لتقديم استقالة الحكومة لرئيس الجمهورية وللشعب اللبناني"، "تجاوبا مع إرادة الكثير من اللبنانيين الذين نزلوا إلى الساحات للمطالبة بالتغيير".

وقوبل إعلان الحريري بهتافات مرحبة واحتفالات بين المحتجين في العاصمة بيروت.

وباستقالة الحريري يكون الشعب اللبناني قد حقق نصراً كبيراً وكانت استقالة الحكومة مطلباً جماهرياً منذ ساعة بدء تظاهره وعصيانه.  

وهكذا اسقط بيد حسن نصر اللات واختفى في سردابه دون أن يعلق على استقالة الحريري، وقد انكشفت كل سوءاته وعوراته أمام الجماهير اللبنانية التي خُدعت به وبحزبه، وبمحور المقاومة الذي عرته الثورة السورية، والمشكل من الثالوث الخبيث (معممي إيران ونمرود الشام وحزب اللات)، وثبت للبنانيين حقيقة حزب اللات الخبيث، الذي لعب دوراً مركزياً في تفجير التوترات والانقسامات في الداخل اللبناني؛ حيث تمكن الحزب خلال العقود الماضية من فرض أمر واقع في لبنان بقوة سلاحه؛ الذي يزعم أنه سلاح مقاومة، وهو الموجَّه إلى صدور السوريين واليمنيين، فضلًا عن اللبنانيين، وقد أنشأ دولة داخل الدولة، وسيطر على جميع مفاصلها، وتأكد للبنانيين أن هذا الحزب هو من كان وراء كل الاغتيالات التي استهدفت وطنييه ورموز لبنان الشريفة، وقد ننتظر في قابل الأيام أن يتطور الحراك الجماهيري اللبناني إلى طلب تجريد حزب الله من سلاحه وتسليمه للجيش، ولن يكون هذا الأمر مستبعداً أو محرما.

وسوم: العدد 849