لا تكن ممن يكرهون " الإخوان المسلمون " !

بعد مقالي عن الحوار مع صديقي السلفي .. وردَتني بعض أسئلة عما أعجبني في الإخوان ..

فقلت :

لقد قرأت الإخوان في ذاتهم ومسالكهم ودققت النظر في لحظات أزماتهم وخياراتهم وقارنتهم بأمثالهم ومخالفيهم واتخذت موضعا محايدا أنظر منه إليهم ( حاولت ذلك ) بعيدا عن الإشاعات الترويجية والتشويهات واللاموضوعية والإعجاب الذي يعمي عن العيوب :

1- فوجدت الإخوان لم يفعلوا قديما ولا حديثا ما يبرر كره مسلم مخلص لهم ومواجهتهم بالسوء ؛ فهم وسطيو الفكر سلميو الوسائل طموحو الآمال واقعيو التقدير ، إسلاميو المنهج وطاهرو الغايات .. لا يتهمون بعنف كما اتهمت القاعدة ، ولا بسلبية ما يقال عن بعض الأحزاب الباردة التنظيرية ، ولا بالولاء للنظم الفاسدة كتلك الطائفة من علماء السلطان المطبلين بحق وبباطل ، ولا يتهمون بسوء السيرة أو السريرة ، ولا بالخنوع ولا بالجبن ، ولا بالتردد ولا بالتوهان !

2- ووجدت جل ما ينسب إلى الإخوان من أخطاء ومخالفات إما هي ادعاءات زورا وما أكثرها وأكشفها ، وإما أخطاء بسيطة ( وهي حقيقية ) وما أقلها ! وتنحصر في مجالات الأداء التكتيكي والاجتهادي وليس في الغايات ولا في النيات ولا في الاستراتيجي من القرارات ؛ وفي كل الأحوال فأخطاؤهم لا تبرر أبدا كل تلك المعاديات والاستهدافات ولا إغلاق الأبواب دونهم ؛ ولا هي من الضخامة أو الأثر لتغطي على إنجازاتهم وتضحياتهم ومحاسنهم ، ولا لتشوه صورة قوم ثاروا في زمن العبيد ، وثبتوا عندما تساقط الآخرون .

3- ووجدت لهم دورا مجيدا وكبيرا ومؤثرا وواسعا ومنتشرا في نواحي الأمة وفي جل علمائها ومخلصيها ومفكريها وفي معظم أحداثها ، ووجدتهم يجتهدون الليل والنهار في حماية كينونة الرسالة وهويتها وأوطانها ، ووجدت لهم وزنا شعبيا وإمكانات روحية وبشرية وحركية وسياسية من الخطأ بل غاية الخطر تعطيلها أو السماح بتبديدها .

4- ونظرت لأعدائهم فوجدتهم ذات أعداء رسول الله صلى الله عليه وسلم بأوصافهم وأدوارهم مع تغيير في الأسماء الحديثة ( الأسماء التجارية التسويقية ) التي يتسللون بها ، ووجدت أخطر هؤلاء من بني جلدتنا بعض الانقلابيين وبقايا يسار فارط وبعض نظم وطائفة من إعلاميين مرتزقين وبعض سياسيين انتهت صلاحيتهم ؛ وفي الأعم الأغلب لا تنقصهم معرفة صحة مواقف الإخوان أو القناعة بأحقية قضيتهم وعدالة موقفهم ، ولكنهم جزء مبرمج في صراع كبير تدور رحاه على الأمة ، ووجدتهم ضد الإخوان قولا واحدا وذهابا بلا عودة حتى لو رأوا للإخوان الكرامات وخوارق العادات ، وأمثال هؤلاء حذر الله تعالى نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم منهم إذ وُجدوا في زمانه وكانوا يُسمّوْن " المنافقون " فقال جَل من قائل ( هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله أنى يؤفكون ) ..

5- ونظرت لمن يستقصون أخطاء الإخوان ويبالغون في توصيفها وتوظيفها والتبرمج في ضوئها فوجدتهم على ثلاثة أنساق ؛

* نسق أول : يسمعون الإشاعات ويرددونها ، وقد حبسوا أنفسهم في زاوية الجهل والتبعية .

* ونسق ثان : لا ينقصهم الوعي والإخلاص ؛ ولكنهم أضعف من أن يجعلوا قضية الإخوان قضية لهم ، فراحوا يُسكِّتون ضمائرهم بأن للإخوان أخطاء ، ومعظم تجارة هؤلاء مصالح أنفسهم وشهرتهم ، فانحشروا من حيث لا يشعرون في الحظيرة الخلفية لأعداء الإخوان .

* أما النسق الثالث : فمنافسون للإخوان وفيهم رغبة للإصلاح ، ولكنهم باردون باهتون تائهون منسيون ، فلما رأوا نجاحات الإخوان أكلت الغيرة قلوبهم ، فيما هم مرتكسون في عطالة الفعل وفشالة الوصول ، فقاموا يتذكرون تناقضاتهم مع الإخوان ومضوا بعيدا في الأنانية والكيدية ، وفاتهم التنبه للإصلاح والتحرر ومستقبل السلم الأهلي الذي انطلقوا من أجله يوم انطلقوا ..

6- بقي أن أقول :

* إن الله عز وجل لا يصلح عمل المفسدين مهما مكروا بالحق وكادوا لأهله ، والله تعالى يقول ( ومكر أولئك هو يبور ) ويقول ( ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين ) .

*  انتصر الإخوان وسينتصرون وهم يضيئون لأمتهم أنصع صفحات التاريخ في أحلك لياليها :

- قرأت عن " جمال عبد الناصر " أنه زار الصعيد قبل أن يهلك بأيام ، وأنه عرّج على مدرسة ثانوية ، فاستقبله طلابها بهتاف ( الله غايتنا ، والرسول قدوتنا ، والقرآن دستورنا ، والجهاد سبيلنا ، والموت في سبيل الله أسمى أمانينا ) فسأل من حوله " أليس هذا شعار الإخوان ؟ " فأجابوه بلى ! فقال " لقد سرق الإخوان مني جيل الثورة " .

- وانظر إن شئت لحماس وما تعرضت له منذ انطلقت من قطيعة وحصار وأذى واستخفاف واستهداف وخيانة وتخوين ، وانظر مقابل ذلك لما سجلته من نقاط النصر على حروف المجد وما فرضته على كل من حولها من تعامل معها واعتراف بها .

- وها هم الإخوان يفوزون بجدارة وتفوق على كل الخصوم مجمّعين ومجتمعين ، وها هم يكتسحون كل انتخابات يخوضونها ويسمح فيها بشيء من الشفافية مهما غيّرت وقصقصت قوانين الانتخابات للحؤول دون وصولهم سدة الحكم أو قبة البرلمان .

- أيا كان خصوم الإخوان ، ومهما جمّعوا إمكاناتهم وألوانهم ، أو اجتهد العدو الصهيوني والغرب في تبنيهم فسيظلون قلة ، وستظل الحقائق وحدها هي التي تنتصر .

آخر القول : ما على الإخوان إلا أن يثبتوا على إسلامية النهج ووسطية الفكر وسلمية الوسائل وأن يحافظوا على منهجية مراجعة مواقفهم وتلمس مسالك الحق ويكلوا أمرهم لله عز وجل ( ويأبى الله إلا أن يتم نوره ) ، ( والعاقبة للمتقين ) .

وسوم: العدد 853