شقاوة الشعوب العربية في جيوش تحمي الفساد وتؤذي العباد

كما كان متوقعا أثبت مسرحية الانتخابات الهزلية في الجزائر أن دار لقمان لا زالت على حالها ، ولم يبق أدنى شك في تكرار انقلاب عسكري على إرادة الشعب الجزائري كالذي حصل سنة 1992 لكنه بسيناريو آخر حيث رشح الجنرال الماسك بزمام الأمور بقبضة من حديد صاحبه ، وطبخ مسرحية الانتخابات الهزلية ليفوز فيها بالضربة القاضية  في أول جولة كما أراد الجنرال . ولا زال النظام كما كان منذ استقلال الجزائر يستأثر فيها حزب جبهة التحرير بالسلطة من خلال الارتزاق بثورة التحرير وبدماء الشهداء .

الرئيس الحالي  في المسرحية الانتخابية الهزلية من عصابة حزب جبهة التحرير تظاهر بسلخ جلد العصابة ، وتقدم بقناع المستقل للتمويه على لعبة الانقلاب العسكري على إرادة شعب يتوق إلى الخلاص من نظام فاحت رائحة عفونته وزكمت الأنوف .

ومنذ العشرين من شهر فبراير الماضي والشعب  الجزائري يصرخ ويصيح في الشوارع مطالبا برحيل رموز هذا النظام المتسلط على رقبته ، إلا أن الجنرال المستبد بالسلطة والحاكم الفعلي  جعل كلمته هي العليا وكلمة الشعب السفلى ، فنصب زميله ورفيق الحزب رئيسا متحديا إرادة الشعب التي لا إرادة فوقها سوى إرادة الله عز وجل .

نصب الجنرال رمزا من رموز النظام الفاسد  ليعلن أن الوضع القائم في الجزائر لا زال كما كان ، وأن حراك الشعب لم يململه ، وهذا يعني أن الجزائر ستبقى بلدا شعبه مقهور مستغل أبشع استغلال قد أفقر ونهب الناهبون من عصابة النظام الفاسد ثرواته ، وخصصوا جزءا منها لعصابة المرتزقة الذين يعتقلون بؤساء من رعايا الصحراء المغربية في معتقل تندوف الرهيب في ظروف لا تطاق ،وهي عصابة تمتهن الدعارة والاتجار في المخدرات ، والتهريب ، وقطع الطريق  والسلب والنهب والإجرام ضد الأبرياء ، وهي ورقة يلعبها النظام الفاسد لتخدير الشعب الذي يعيش بحدود مغلقة في غرب بلاده منذ عقود لأن النظام يخشى أن يطلع  من خلال مقارنة حال مع حال أشقائه في المغرب على ما يعيش فيه من ضنك العيش وسوء الحال والاستبداد ، والديمقراطية المزيفة  التي ينطبق عليها قول الرئيس المخلوع : " حميدة مان ، وحميد رشّام ، وحميدة صاحب المقهى " ولمن لا يعرف دلالة هذه العبارة من أشقائنا العرب نقول إن حميدة هذا شاطر يلعب لعبة الورق التي من قواعدها أن  يسمى آخر من يلقي الورقة الأخيرة " المان " والذي غالبا ما يظفر بحصة الأسد حيث يجمع بورقة يحتفظ بها ما على الطاولة من ورق، فيكون بذلك هو الفائز ، وهذا الشاطر هو " الرشّام " أيضا وهو الذي يكون حكما يقررالفائز باللعبة ، وهو في نفس الوقت  صاحب المقهى الذي يسوق المشروبات التي يؤدي ثمنها من يخسرون اللعبة ، وهكذا يكون الشاطر حميدة هو الرابح الوحيد  في جميع الأحوال . هذه عبارة قاله رمز النظام الفاسد الذي تمسك بالسلطة  حتى شل ولم يعد يقوى على الحركة والكلام ، ومع ذلك رشحه الجنرال المستبد لفترة رئاسية ثالثة وهو في عداد الموتى ينتظر موتا نهائيا بعد موت الشلل أو الموت السريري ، الشيء أخرج الشعب الجزائري إلى الشوارع يطالب برحيل نظام فاسد برمته وبجميع رموزه إلا أن الجنرال فضل لعبة ماكرة أخرى فرشح بديلا عن صاحب الكرسي المتحرك  من لا يختلف عنه في شيء ، ولا يغير شيئا من نظام فاسد ما دام الجنرال هو صاحب المقهي والمان والرشّام.

وها قد لحق الشعب الجزائري  بباقي الشعوب العربية التي تشقى بجيوش تحمى أنظمة فاسدة وتؤذي العباد كما هو الشأن في مصر وسوريا والعراق والسودان  وغيرها. وبالأمس صرح اللواء المتقاعد حفتر وهو من رموز النظام البائد في ليبيا أنه على وشك غزو طرابلس الغرب ليبيد الشعب على طريقة العقيد الهالك .

إن هذه الأنظمة الفاسدة والمتسلطة على شعوبها تتشبث بالسلطة بشدة  مستخدمة جيوشا كان من المفروض أن تحمي الشعوب ، وتحترم إرادتها  في اختيار من يحكمها ، وتحمي حدود بلدانها ، ولا تتدخل في غير ذلك مما هو حق للشعوب.

وهذه الأنظمة الفاسدة يدعم بعضها بعضا مخافة أن يكون انهيار أحدها بداية نهايتها جميعا .

والسؤال المطروح متى ستتحرر هذه الشعوب البائسة من أنظمة فاسدة مستبدة ، ومتى ستلحق بشعوب المعمور التي تملك زمام أمرها ، وتختار من تشاء ليحكمها من خلال انتخابات نزيهة وشفافة بعيدا عن أساليب المسرحيات  الانتخابية الهزلية المثيرة للسخرية في ربوع الوطن العربي البائس ؟

وفي الأخير نأمل أن ينجح شعب الشعوب العربية المقهورة في الانتصار والتحرر من نظام فاسد ليكون قدوة لغيره ، ويكون فأل خير يبشر بنهاية عهد الأنظمة الفاسدة المستبدة ، وبحلول عهد ديمقراطية حقيقية تكون خطوة أولى نحو التقدم والرفاهية والعيش الكريم .

وسوم: العدد 855