لماذا تصاعد غرام إسرائيل بحكام الإمارات وكرهها لملك الأردن؟

شاركت مجموعة من صحف اليمين الإسرائيلي، بينها «إسرائيل اليوم» و«معاريف» و«مكور ريشون») في حملة هجوم عنيف على الملك عبد الله الثاني، عاهل الأردن، لم تتردّد في إعلان رغبتها في إسقاط العائلة الهاشمية المالكة باعتبار أن ذلك سيحقّق المقولة اليمينية الإسرائيلية بأن فلسطين هي الأردن، وبذلك يغدو الفلسطينيون الموجودون ضمن فلسطين التاريخية أجانب في أرضهم، ويصبح تهجيرهم إلى الأردن ممكنا.

لم يكتف كتاب الصحف الإسرائيلية أولئك بالإعلان عن أمنيات أو رغبات بل قدّموا أيضاً تدرجات الخطة التي سيجري اتباعها للوصول إلى هذا الهدف، بدءا من إعلان ضم غور الأردن وصولا إلى ضم الضفة الغربية نفسها وإلغاء اتفاق السلام مع الأردن مما يجعل النظام الأردني هدفا مشروعاً للإطاحة به، ولا بأس في سبيل ذلك، من حصول «انتفاضة الأغلبية الفلسطينية» في المملكة واضطراب الأوضاع السياسية مما يسمح بتنفيذ انقلاب على الملك.

تستمد هذه الكراهية الإسرائيلية المتزايدة للحكم الأردني عناصرها من رفض الحكومة الأردنية الأخير لتجديد اتفاق تأجير أراضي الباقورة والغمر، وعدم انخراطها في «صفقة القرن» الأمريكية، ودفاعها عن الحقوق الأردنية السياسية والدينية في القدس والمقدسات الإسلامية في الضفة الغربية.

تجد مشاريع الضم والتغيير والتهجير والانقلاب الإسرائيلية في فلسطين والأردن، دعماً غير مسبوق من بعض الأنظمة العربية، كالسعودية والإمارات التي تضغط بدورها على الأردن، وتُظهر بشكل متصاعد تقاربا مع اليمين الإسرائيلي الحاكم، وهو ما يقابل بسعادة إسرائيلية بالغة.

آخر تعبيرات هذه «السعادة» الإسرائيلية كان مشاركة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لرابط «معبّر» جدا من وزير خارجية الإمارات عبد الله بن زايد لمقالة بريطانية تحلل تغيّر مواقف «بعض الدول العربية» تجاه إسرائيل، والمقصود من عرض الرابط إماراتيا، ومشاركته إسرائيليا، الإشارة إلى هذا «الغرام» الفاضح بين أبو ظبي وتل أبيب، والذي سببه البسيط والواضح هو التآمر المشترك على الأردنيين والفلسطينيين.

رأى نتنياهو حسب تغريدته، الأحد (22/12/2019)، في رابط وزير الخارجية الإماراتي «تعبيرا آخر عن تدفئة العلاقات بين إسرائيل والدول العربية»، قائلا إن عبد الله بن زايد «تحدث عن تحالف جديد في الشرق الأوسط وهو تحالف إسرائيلي ـ عربي»، وأن ذلك هو «نتيجة مباشرة لتحول إسرائيل إلى قوة صاعدة في المنطقة والعالم».

غير أننا عندما نحلل هذا التناظر بين الهجوم الذي يهدد بالإطاحة بنظام الأردن وحديث نتنياهو عن «تدفئة العلاقات» نكتشف محاولة نتنياهو استغباءنا، فالذي يحصل ليس تحالفا إسرائيليا ـ عربيا بل هو انخراط بضع دول عربية، تقف الإمارات على رأسها، في التآمر على دول وشعوب عربيّة أخرى (بما فيها شعوبها) لصالح إسرائيل.

كما أن قول نتنياهو ما يحصل هو «نتيجة لتحوّل إسرائيل إلى قوة صاعدة في المنطقة والعالم» هي فكرة مثيرة للجدل، فما الذي يجعل دولة مثل الإمارات، والتي تتصرّف هي أيضا باعتبارها «قوة صاعدة في المنطقة والعالم»، تنخرط في محاولة تطبيق أجندة إسرائيل في العالم العربيّ وبالتناقض مع مصالح العرب، وهل يصحّ اعتبار هذا تحالفا بين إسرائيل و«دول عربية»؟

الأصحّ، إذا استخدمنا المنطق الحقيقي لنتنياهو، أن يسمى ما يحصل بخضوع الطغاة لمن هم أكثر طغيانا منهم.

إنه حلف حقّا ولكن ضد من يرفضون الخضوع للطغيان والاحتلال.

وسوم: العدد 856