ممازحة حصلت بين حافظ الأسد ومنصورالحموي على طاولة الغذاء

من سجلات التاريخ

 “يا أبو محمود سمعت إنك عم تشجع شباب الغوطة يتطوعوا بالجيش” فكان جواب منصور حاسماً وسريعاً “شباب الغوطة يحبون الوطن كشباب الساحل” وسرعان ما تغير لون وجه حافظ الأسد وبدأت العلاقة تتغير بين الأسد ومنصور الحموي معلنة عن حرب خفية من قبل الأسد لإبعاد الحموي من دائرة صنع القرار .

كانت حرب 1973 فرصة ذهبية للأسد عمد فيها لإقصاء عشرات الضباط الذين يعتمد عليهم الحموي أمثال ((يوسف قرصه، وصلاح نمور، ومحمد عساف وزهير الشيخ وممدوح عبارة)) كما قُتل البعض في طرق غامضة كما حدث لصديق الحموي الحميم العقيد رفيق حلاوة بعد أن رفض قرار حافظ الأسد في حرب 1973 بوقف اطلاق النار في اليوم الرابع للحرب، الأمر الذي مكن العدو من التقدم وأضاع كل بطولات المقاتلين السوريين التي حرّرت مرصد جبل الشيخ و جزءاً كبيرا من الجولان المحتل.

حيث قال حلاوة للحموي أن القوات الصهيونية وقعت بين فكي كماشة وهي الفرقة السابعة وأحد فرق الجيش العراقي المؤازرة لقواته مما كان سيبيد القوات المعادية المتجهة إلى سعسع..

هنا اكتشف منصور الحموي عبر صديقه الحميم حلاوة أن اللعبة تتدخل فيها خيوط اقليمية ودولية وأن الأسد ليس سوى امتداد للعبة كوهين. وبدأ الحموي ينبه رفاقه المقربين خاصة بعد استمرار اعتقال ما تبقى من قيادات حركة 23 شباط.

وصل منصور الحموي مدير المخابرات العامة ورفاقه كما يذكر شقيقه العقيد في روايته لنا إلى قناعة أنه لن يتم تغيير الأسد الا بالغزو الخارجي لأنه مرتبط تماماً مع اسرائيل وحلفائها من الدول العظمى.

وترسخت القناعة القديمة الموجود لدى أعضاء مجلس قيادة ثورة البعث القدامى بأن حافظ الأسد كان عضواً أساسياً في شبكة الجاسوس الصهيوني كوهين وكشف ذلك يعني التهلكة للجميع لعدم وجود أدلة دامغة تثبت ارتباط زمرة الأسد وهو ما يفسر اصدار الحكم بإعدام كوهين بالسرعة القصوى دون توثيق وتدوين اعترافاته كامله.

حاول اللواء منصور الحموي مراراً وتكراراً الاتصال بالرئيس العراقي صدام حسين الذي كانت تربطه به علاقة سابقة، لكن الأوان قد فات بسبب تطورات الأحداث الدراماتيكية والسريعة فقد تم ابعاد منصور عن دائرة اتخاذ القرار.

ويقول العقيد شوقي الحموي في توثيقه لكلنا شركاء أن منصور الحموي كان يذكر دائماً أن الأسد جعل حزب البعث مطية للوصول لحكم سوريا ومن ثم نهب ثرواته والتحكم في كل مفاصل الدولة.

بل قال مرة في أحد الاجتماعات التي ضمت المقربين منه جداً أن نهر بردى لو جرى ذهباً فإن ذلك لن يكفي حافظ الأسد لأنه كان يشتري عصابات في داخل وخارج سوريا، حتى موزامبيق، كما ذكر اللواء منصور الحموي أن الأسد سيكون رأس حربة لإسقاط نظام العراق وقت يريد الغرب وهذا ما حدث بالفعل.

نُقل منصور الحموي من منصبه في ادارة المخابرات إلى عدة مناصب أخرى ليصل به المقام إلى ادارة الوقود ثم تسلم فرع التفتيش الاداري محاولاً مكافحة الفساد المستشري في تشكيل القوات المسلحة لكنه فشل في ذلك فقد أفسد الأسد كل مفاصل الجيش الكبيرة والصغيرة منها.

وما لبث على إثرها أن قدم الحموي طلباً لتحويله للتقاعد ليتفرغ إلى أسرته كما قدم طلباً لقيادة الأركان بالسماح له بالحج، وهنا قُبل طلب التقاعد ورفض طلب الحج.

كان منصور يذكر دائماً مسؤولية حافظ الأسد عن مجزرة حماه وضرب الحركات الفدائية الفلسطينية في لبنان.

وفي روايته عن حياة شقيقه يذكر لنا العقيد شوقي الحموي بعض المواقف التي لا يمكن أن تنسى أولها وأثناء أحداث حماه وبينما يتناولون طعام العشاء اتصل ابن عمنا الحاج محمود غنام من مدينة حماه وقال إنهم ينادون في المساجد على الشباب لاستلام السلاح ومحاولة اسقاط نظام حافظ الأسد ويقومون بتسجيل أسماء المستلمين، ردّ عليه مباشرة اللواء منصور بالقول: إياكم بتسجيل اسمائكم لأنه سيتم اعدام كل من سيتم تسجيل اسمه وهذه اللائحة ستصل إلى الأمن وهذا بالفعل ما حصل.

_مرت السنوات سريعاً وعندما قصف صدام حسين بصواريخه اسرائيل عام1991 قال منصور الحموي إن العالم لن يترك صدام حسين على قيد الحياة.

علاقته مع علماء دمشق:

كان اللواء منصور الحموي محباً للشيخ حسن حبنكة وحسين خطاب وابن عمه الشيخ علي منصور الحموي المعروف بالقابوني. توفي منصور الحموي عام 2000 عقب وفاة حافظ الأسد وهنا أرسلت قيادة الجيش والقوات المسلحة برقية لإخوته ليتم التشييع حسب المراسم العامة للجيش والقوات المسلحة لكن اخوته رفضوا ذلك وقرورا أن يكون التشييع وفق المراسم المعتادة في حي القابون وفي مجلس عزاءه قام ابن عمه العلامة محمد علي منصور الحموي وألقى كلمة بحضور كبار ضباط الجيش والقوات المسلحة ومن بينهم العماد أول شفيق فياض قال فيها العلامة علي أمام الحضور في صالة السلام بالقابون” يا شفيق نحن نعرفك من وقت كنت ملازم، وابن عمنا اللواء منصور لم يسرق حتى برغي من الجيش ولم يبني لا قصور ولا مزارع وكلكم يعلم ذلك، فابتسم العماد أول شفيق فياض وقال من يستطيع أن يقول أن منصور الحموي سرق جميعنا يعلم بنظافة يده” وبعد هذه الحادثة بأيام أغلقت صالة السلام بالقابون بالشمع الأحمر ودخلت قصة الرجل في الأرشيف.

وسوم: العدد 861