مركز آدم يعلق على تقرير اللجنة الحكومية حول التظاهرات في العراق

نشر مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات تعليقا حول تقرير اللجنة الحكومية التي تم تشكيلها لغرض الوقوف على حقيقة ماجرى في تظاهرات 1/تشرين-اكتوبر في العاصمة العراقية ومدن الوسط والجنوب.

وجاء في التعليق:

بعد طول انتظار صدر التقرير الخاص باللجنة الحكومية الخاص بالتحقيق في الأحداث التي شهدتها التظاهرات التي انطلقت في العراق يوم 1 تشرين الأول 2019 بيد ان لنا العديد من الملاحظات على التقرير أهمها:

1- بعد قيام بعض الأجهزة الأمنية وجهات أخرى مجهولة بإطلاق النار على المتظاهرين وقمعهم بكل الوسائل غير المشروعة لا أقلها استخدام الغاز المسيل للدموع (منتهي الصلاحية) وخراطيم المياه الساخنة واستخدام العصي والهراوات لضرب بعض المتظاهرين وتعمد الحاق الضرر الجسدي بهم كتكسر أطرافهم وما شاكل ذلك، رافق ما تقدم حملة تضليل وتكميم انتهت بقطع خدمات الانترنيت ووسائل التواصل الاجتماعي والاعتداء على وسائل الإعلام التي قامت بتغطية التظاهرات.

2- ومن بعد ما تقدم لاحظنا تسويف حكومي متعمد للأحداث الدامية التي شهدتها التظاهرات وتعمد إخفاء الحقائق بعدة وسائل، وعدم جدية في الاستجابة للمطالب الحقة للمتظاهرين، بيد ان ضغط الشارع والرأي العام وخطب المرجعية والمواقف الدولية أجبرت الحكومة على تشكيل لجنة تحقيق انتهت إلى تقرير بائس جانب الحقيقة والواقع وبحث عن أكباش فداء من بعض القادة الأمنيين ليحملهم المسؤولية ويخفي المجرمين الحقيقيين ممن أمر بالقتل والتنكيل وممن ارتقى أسطح البنايات ليصوب نيران القنص باتجاه الشعب الأعزل.

3- والسؤال كيف نتوقع من المتهم بالقتل والترويع ان يحقق في جرائم ارتكبها وينصف ضحاياه؟

4- كل أعضاء اللجنة من المسؤولين الحكوميين وخلت اللجنة من أشخاص محايدين كأن يكونوا قضاة (من المتقاعدين على الأقل) أو من المحامين أو من ممثلي المنظمات غير الحكومية.

5- كما ان التحقيق أخذ الطابع السياسي في التحقيق بجرائم ارتكبت في العراق، إنما المفترض ان القضاء صاحب الولاية المطلقة في هذا الموضوع فكان الأولى تشكيل فريق من القضاة والمدعين العموميين ليتولى التحقيق المفصل ويسوق المجرمين للقضاء لا ان يعفوا من مناصبهم لتسهل عملية فرارهم أو تخليصهم من المسؤولية بطرق احتيالية.

6- لم يؤشر التقرير أسماء أو جهات انتساب حملة أسلحة القنص.

7- يخلو التقرير من ذكر المسؤولين ممن أصدر أوامر القتل والتنكيل، فمما لا شك فيه ان ضباط ومراتب القوات التي قمعت تسلموا أوامرهم من قادة الشرطة المقالين ولكن من أمر القادة هؤلاء بالقتل وسحق التظاهرات؟ لم يجب التقرير على ذلك البتة، وما ذريعة عدم قدرة القادة على السيطرة على المنتسبين إلا حجة واهية فقد تسربت العديد من التسجيلات التي تثبت عمليات قتل ممنهجة وإصابات الضحايا كانت في مناطق مميتة في الرأس والصدر مما يكشف ان الأمر دبر بليل وليس مجرد عدم سيطرة الضباط على منتسبيهم.

8- أظهر التحقيق ضعف القيادة والسيطرة لرئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة والذي أخذ موقف المتفرج على أحداث القتل بل دعم القتلة في خطاباته المتتالية حينها عندما تكلم عن الدولة وضرورة الحفاظ عليها ولو على جماجم الشعب.

9- أظهر التحقيق ضعف استعداد الحكومة على جميع الأصعدة ومنها إعداد قوات أمنية مهنية مدربة على التعامل مع حركات الاحتجاج، وما الاستعانة بقوات الجيش في مدينة الصدر وهم غير مؤهلين للتعامل مع هكذا مواقف إلا دليل فشل ويحمل القائد العام للقوات المسلحة المسؤولية بشكل مباشر للتقصير والإهمال في أداء الواجب والمسؤولية.

10- أظهرت الأحداث ضعف استعداد الحكومة على مستوى تجهيز القوات الأمنية العراقية بالتجهيزات الخاصة بمنع المتظاهرين من تجاوز بعض النقاط خشية تعرض حياتهم أو حياة الغير والأموال والممتلكات للخطر فتمت الاستعانة بأدوات القمع المفرط والرصاص الحي بدل الحواجز المؤقتة والدروع المانعة، ما يقيم مسؤولية الحكومة العراقية التي أهملت النهوض بواجباتها الدستورية.

11- فشلت الحكومة يقيناً بالسيطرة على بعض الجماعات المسلحة التي استغلت الموقف لتقتل وتعبث بالأمن بلا رادع وتحت أنظار القوات المسلحة والقائد العام للقوات المسلحة ما يعني وجوب محاكمة هؤلاء جميعاً كونهم شركاء في الجريمة فمن ساعد أو أتفق أو حرض شريك بل مجرد الحضور إلى مسرح الجريمة ومنع الاعتداء على الضحية يجعل هؤلاء شركاء بالجريمة النكراء بحق الديمقراطية والشعب.

12- فشلت الحكومة العراقية والبرلمان العراقي في بناء الثقة مع المتظاهرين فقد مضى مجلس النواب إلى إجازة أمدها 12 يوما وكأن البلد في أحسن حال بدل الجلوس تحت قبة البرلمان ومحاسبة الحكومة على أخطائها وتحديد القتلة والمجرمين ومحاسبتهم ومضت إلى الحكومة إلى الانشغال بحلول ترقيعية ووعود تسويفية هدفها امتصاص النقمة الشعبية والقضاء على التظاهرات.

13- مما تقدم يتضح ضرورة إحالة كل الأطراف ممن اشتركوا بقمع التظاهرات إلى المحاكم القضائية المختصة لينالوا جزاءهم العادل.

14- تكليف مجلس القضاء الأعلى محكمة تحقيق أو أكثر في كل محافظة تتكون من قضاة معروفين بالنزاهة والشجاعة والموضوعية للتحقيق بكل التفاصيل الخاصة بعمليات القتل والتنكيل والترهيب التي لاقاها المتظاهرون، لكشف ما أخفته اللجنة التحقيقية الحكومية وبالخصوص من مارس عمليات القنص ومن يقف وراءهم.

وسوم: العدد 862