فلسطين..وصفقة القرن.. وواجب المسلمين نحوها

الشيخ عبد العزيز رجب

الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسَّلامُ على ورسولِه الأمين، وعلى آله وصحبه الميامين، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يومِ الدين.

وبَعْدُ.

أهمية فلسطين:

قضية فلسطين هي قضيةُ المسلمين كافةً، فهي بالنسبة لنا كمسلمين جزء من عقيدتنا، وأحد الثوابت فى ديننا، فهي أرض الأنبياء، وعاصمتها القدس بوابة الأرض إلى السماء، التي أمّ فيها نبي الله محمد- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جميع الأنبياء، وصعد منها إلى السماء.

فهي الأرض المقدسة، قال تعالي: ﴿يَاقَوْمِ ادْخُلُوا  الاْرْضَ المُقَدَّسَةَ الَّتِى كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ﴾ [المائدة: 21]، وهى الأرض المباركة، قال تعالي: ﴿سُبْحَانَ الَّذِى أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الاْقْصَى الَّذِى بَارَكْنَا حَوْلَهُ﴾ [الإسراء:1]، وبها المسجد الأقصى ثاني مسجد بني على الأرض بعد المسجد الحرام، فعن أبي ذر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: "قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ فِي الْأَرْضِ أَوَّلَ؟ قَالَ: الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ، قَالَ قُلْتُ ثُمَّ أَيٌّ ؟ قَالَ الْمَسْجِدُ الْأَقْصَى قُلْتُ: كَمْ كَانَ بَيْنَهُمَا ؟ قَالَ أَرْبَعُونَ سَنَةً".(أخرجه: البخاري)، ومسجدها هو القبلة الأولى للمسلمين  بعد الهجرة، فصلوا ناحيتها ستة عشر شهرا أو سبعة عشر شهراً بعد الهجرة. (أخرجه: البخاري) ، وهو أحد المساجد الثلاثة التي يشد الرحال إليها، فعن أَبِي هُرَيْرَةَ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- عَنْ النَّبِيِّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ :" لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ومسجدي هذا وَالمَسْجِدِ الْأَقْصَى". (أخرجه: البخاري)، والصلاة في مسجدها بألف صلاة فعن ميمونة بنت سعد قالت:" قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَفْتِنَا فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ؟ قَالَ: أَرْضُ الْمَحْشَرِ وَالْمَنْشَرِ, ائْتُوهُ فَصَلُّوا فِيهِ، فَإِنَّ صَلاَةً فِيهِ كَأَلْفِ صَلاَةٍ فِي غَيْرِهِ، قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إِنْ لَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ أَتَحَمَّلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: فَتُهْدِي لَهُ زَيْتًا يُسْرَجُ فِيهِ، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَهُوَ كَمَنْ أَتَاهُ". (أخرجه: ابن ماجة).

تاريخ فلسطين:

وفلسطين اسلامية وعربية ، فقد استقر العرب بها منذ فجر التاريخ ، ثم فتحها المسلمون في عهد عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- سنة (15هـ)، ونشروا فيها الإسلام، ثم احتلها الصليبيون سنة (492 هـ)، وظلت تحت أيديهم حتى حررها صلاح الدين الأيوبي عام (583هـ)، وفي سنة( 1896م)، قام زعيم الصهيونية العالمية "هرتزل" بمقابلة السلطان العثماني العظيم عبدالحميد، وطلب منه الحصول على مستعمرة واحدة بالقرب من القدس مقابل دعم مادي كبير للدولة العثمانية، فرفض وكان رد السلطان العثماني: " إني لا أستطيع أن أتخلى عن شبر واحد من الأرض، فهي ليست ملك يميني، بل ملك شعبي، ثم أصدر "بلفور"- وزير خارجية بريطانيا-  سنة (1917م) وعده المشئوم بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، واستولى عليها الصهاينة سنة (1967م).

وفلسطين والقدس لنا:

ونحن على ثقة أننا سنُعيد القدس وكل فلسطين، لأننا لا نَشُك في نصر الله لنا، ولا نيأس أو نتأثر بافتراءات المغرضين والمثبطين، قال تعالى: ﴿ إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا (7) ﴾ [الإسراء]، ﴿ وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ﴾ [ الأنبياء:105]، ﴿وكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ﴾[الروم:47]، وعن أبى أمامة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "لا تزال طائفة من أمتى ظاهرين على الحق لعدوهم قاهرين، لا يضرهم من خالفهم إلا ما أصابهم من لأواء، حتى يأتيهم أمر الله وهم كذلك ، قالوا يا رسول الله وأين هم: قال بيت المقدس وأكناف بيت المقدس". (أخرجه:أحمد والطبرانى).

موقفنا من صفقة القرن:

وفلسطين ملك ووقف لجميع المسلمين، ولا يجوز لأي فردٍ كائنًا من كان أن يتنازلَ عن شبرٍ منها، لذلك نرفض ما أُعلن عنه باسم (صفقة القرن)، لأنها تُضيع حق الأمة فى كامل فلسطين، وأن تكون القدس كاملة عاصمة لها، وهي منحةٌ ممن لا يملك لمن لا يستحق، وتُضَيِّق على حرية العبادة، وتعتدى على المسجد الأقصى ومحاولة لتهويده، واقتلاع الفلسطينيين من أراضيهم لصالح الاستيطان، ومصادرة حق الفلسطينيين في العودة إلى أرضهم، وتوطينهم في دول الجوار، والتطبيع مع الكيان الصهيوني، والاختراق الأمني، وإرباك المنطقة، وشق الصف العربي والإسلامي، وعدم استقرار المنطقة و السلم والمجتمع الدولي، وضد القوانين الدولية.

الواجب نحو قضية فلسطين:

    لذا وجب على كلِّ مسلمٍ  وكل حر أن يشارك نصرة قضية فلسطين، وذلك برفض ما يسمي بصفقة القرن، وكل الصفقات المشبوهة التى تفرط في القضية، وتربية الأمة غلى حب فلسطين والدفاع عنها، والدعم المالي والمعنوي للقضية، والضغط على صانعي القرار، ومقاومة التطبيع مع الصهاينة بكل الوسائل الممكنة والمشروعة، ومقاطعة منتجاتهم ومن يساعدهم.

وسوم: العدد 862