لن يسود الأمن في سورية ولا في تركية ما لم يسقط الأسد

حول تصريح السيد دولت بهشتلي زعيم الحركة القومية في تركية

" لن يسود الأمن في سورية ولا في تركية ما لم يسقط الأسد "

ومرة سابعة يتوحد الدميان

وما يجب أن يقال في المشهد السوري - التركي كثير ، ولا يحسن السكوت عنه . بل أصبح السكوت عن المشهد بكل أبعاده الإقليمية والمحلية نوعا من التفريط ، والتواري الذي لا يليق بأصحاب القضايا الأحياء ..

وفي الحقيقة فإن كل ما يسمعه الأخوة الأتراك من إخوانهم السوريين ، من همس و شكوى هو من قبيل العتب ، الذي ينجدل طردا مع الحب ، فبقدر الأمل في الشعب التركي والحكومة والتركية والرئيس التركي ...تصدر هنات التشكي من هذا وذاك ، وهذا التشكي يجدر أن يكون مفهوما ومقدرا عند أهله من أصحاب العقول والقلوب ..

ولعلها ليست المرة الأولى في تاريخ الألف عام التي انقضت يتحد به الدم التركي بالدم العربي فلهذا الاتحاد حكايته المتجذرة في تاريخ جمع العرب ، وأهل الشام منهم خاصة مع الترك سلاجقة وعثمانين .. وفي كل قرن من قرون التاريخ كانت ملاذكرد جديدة يصنعها " ألب " جديد ..

وفي هذا المقام من حق أن نرفع التحية والتجلة والدعوات بالرحمة والقبول لأرواح كل الشهداء سوريين وأتراكا قضوا من أجل الهم الواحد " رفع الظلم " الكائن والمقدر عن كل الأحرار والمستضعفين ..

أمر آخر يجب أن ننبه عليه قبل أن نسلط الضوء على التصريح المهم بل الأهم للسيد دولت بهشتلي هو أن ننهي موقفنا إلى كل أدعياء النسب العربي من الذين تخلوا عمليا عن أبناء عمومتهم في سورية ، ثم ما زالوا يشككون في الدور التركي الذي يحاول جاهدا أن يسد ثغرة ضيعوها ... أن ألا تعسا لكم ثم بؤسا ؛ وما أنتم والسيد أردوغان والدور التركي ، الذي ما زلنا نطمع منه بالمزيد ، وقد جعلتنا سياستكم نيأس منكم إلا كما قال الأول ..

أقلـوا عليهـم لا أبا لأبيكمُ      من اللوم أو سدوا المكان الذي سدوا

ونعتقد أن تصريح السيد دولة بهشتلي زعيم الحركة القومية التركية إنما جاء بالأمس مكملا لتصريحات السيد أردوغان ومتعانقا معها ، وهكذا يكون شأن الكبار الكبار عندما تحيط بالأوطان الأخطار .

ولعل أبلغ وأوجز عبارة وردت في حديث السيد بهشتلي الوجيز والكثيف والمشحون بالمواقف والمعاني قوله : إن سورية دولة محتلة من قبل الروس . وإن روسية مسؤولة عن كل ما يجري في سورية . وأنه لولا الضوء الأخضر الروسي ما هوجمت نقاط المراقبة التركية ، ولا استشهد الجنود الأتراك ، ولا قتل المدنيون من السوريين .

وعلى أهمية كل ما قاله السيد بهشتلي ، إلا إن هذا الرسالة ذات البعد العالمي الدولي ، والتي تحمل حليف الحكومة ، بوتين ، وضامن أستانا وسوتشي المسئولية الكاملة على ما جرى ، ويمكن أن يجري تبقى هي الأهم .

وتبقى هذه الرسالة الموجزة درسا لنا نحن السوريين ، لنعتبر المحتل الروسي مسؤولا عن كل قطرة دم تسفك على الأرض السورية ، سواء كان المباشر للظلم صفوي لعين أو أسدي زنيم . كل الجرائم والتجاوزات والانتهاكات التي وقعت على الأرض السورية ، وضد الشعب السوري يتحمل مسئوليتها التاريخية والإنسانية والقانونية المحتل الروسي وجنوده أجمعين .

ورسالة السيد بهشتلي في تحميل الروس المسئولية تخبرهم ومن وراءهم أن القوى السياسية في تركية " حكومة ومعارضة " متفقة على الأساسيات الوطنية الكبرى ، ومنها الدور الروسي وما يبدر منه من غدر ونكث . وفي هذا إعلاء شأن الأمن القومي التركي ، وشأن حقوق الإنسان فيما يقع من ظلم على الأرض السورية ..

والرسالة الثانية الأكثر أهمية في حديث السيد دولت بهشتلي وهي رسالة موجهة لكل العقلاء من سوريين وعرب وعجم و روس وأمريكيين ، رسالة غاية في الخطورة والوضوح والأهمية ، رغم أنها ما يزال يتشاغل عن الحديث عنها المتشاغلون يقول السيد بهشتلي ، ويستحق قبلة على رأسه من كل سوري حر : إن الحديث عن الحل السياسي في سورية ، بعد كل الذي جرى ، خرافة وخيانة وعبث ..

فهل سمع السوريون من سياسي حول العالم تصريحا أصدق وأصرح وأوضح ؟! نعم إن الحل السياسي أضحى على أيدي الروس والإيرانيين والأسديين خرافة وخيانة وعبثا . وكل الذي نرجوه أن يصدق فرقاء هيئة التفاوض من السوريين هذا الكلام من سياسي سبعيني مخضرم ما قال إلا بلهجة الناصحين ..

ثم الرسالة الثالثة في حديث السيد بهشتلي ، والتي قفزت له قلوب كل السوريين هي قوله : إن شرط الانتصار هو الإعداد والاستعداد لدخول دمشق .

نعم لا تجزئوا المعركة ، لا تتحدثوا عن عُقد تطول أو تقصر من ذنب الأفعى ... فالمعركة الحقيقية حيث يكمن رأس الأفعى ، الذي يرقصه الزمار الروسي - الأمريكي - الصهيوني - الصفوي ..مختصر موجز مفيد ..

والنتيجة الحاسمة الخاتمة ، أيها السوريون ..أيها الأتراك وحدوا قضيتكم ، واجمعوا كلمتكم ، وخوضوا معا معركتكم معركة الأمن والحرية ، يقول السيد بهشتلي : فلن تنعم سورية والسوريون بالأمن ..ولن تنعم تركية والأتراك بالأمن ما لم يسقط المبير المفسد بشار الأسد ..!! ونعم القائل ونعم القول الذي يقول ..

وألف ألف سلام وتحية للشعب التركي والدولة التركية والرئيس التركي وللسيد دولت بهشتلي رئيس الحركة القومية في تركية ..

والحرية والكرامة لشعوب الأرض أجمعين واللعنة دائما على المستبدين المبيرين الظالمين .

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 863