ما حجم الانتهاكات التي وثقها مقطع التمثيل بجثة شاب بسيناء؟

صدمة كبيرة أصابت الشارع المصري إثر عرض الناشط المعارض عبدالله الشريف مساء الخميس، مقطع فيديو لضابط صاعقة مصري يمثل بجثة أحد أهالي سيناء، ويقطع أصابعه، ويلقي بالجثة في حفرة ويشعل بها النار وسط سعادة غامرة منه ومن الجنود.

وفي الفيديو الذي حقق نحو مليون ونصف مليون مشاهدة عبر "يوتيوب"، حتى كتابة هذه السطور؛ ظهرت لقطات لضابط مصري يدعى "عبدالرحمن" بالكتيبة (103صاعقة) في سيناء، يقوم بقطع أجزاء من جسد أحد الشباب الذين قتلهم الجيش، ثم حرق جثمانه ودفنه بالرمال.

ويقوم الجيش منذ سنوات بعمليات في شمال سيناء، بدعوى مطاردة "العناصر الإرهابية والإجرامية"، إلا أن تلك العمليات تسببت في مقتل واعتقال وإخفاء وتهجير وهدم منازل الأهالي، وسط تعتيم إعلامي وصمت حقوقي.

"ما خفي كان أعظم"

وحول وجود مقاطع مصورة لحالات أخرى مشابهة لمثل تلك الجرائم التي تمت بحق أهالي سيناء، أكد المعارض السيناوي الدكتور حسام فوزي، أن هناك بالفعل فيديوهات تم تسليمها للمسؤولين عن ملفات حقوقية خاصة بمصر.

وأكد لـ"عربي21"، أن ذلك المقطع وغيره "بالفعل يُحتفظ به للعاجل والآجل بكل تأكيد والكثير من الحقوقيون سيتحركون".

وأشار إلى أن هناك خطوات "مع كل اللجان الحقوقية، وبينها حقوق الإنسان في ألمانيا، للأخذ بخبراتهم"، مؤكدا أن "الكل يعمل كفريق واحد".

"مأساة طوال سنوات"

من جانبه قال الناشط السيناوي أبوالفاتح الأخرسي، لـ"عربي21": "ليس عندي حالات بعينها وموثقة بالصوت والصورة للجرائم التي تتم بحق أهالي سيناء، ولكن هذا لا ينفي عدم وجودها".

وأكد أن "هناك حالات بالعشرات في سيناء تمت بحقهم هذه الجرائم في صمت"، مشيرا إلى أن "هناك الآلاف من الأهالي تم إخفاءهم قسريا منذ سنوات".

وأضاف أن "جرائم قتل الأهالي في سيناء يشكل مأساة حقيقة لم يتم الانتباه لها طوال السنوات الأخيرة".

"لن يكون الأخير"

وفي تعليقه، قال الحقوقي المصري، أحمد العطار: إن "مقطع الفيديو الصادم الذي عرضه الشريف، لظابط بالجيش المصرى يقوم بالتمثيل بجثة مواطن مصرى وإشعال النيران فيه بعد تصفيته؛ ليس الأول ولن يكون الأخير بسلسلة التنكيل بالأهالي هناك".

العطار، أوضح ، أن "هناك فيديوهات سابقة ظهرت لجرائم قتل مباشر من المسافة صفر لثلاث مواطنين من سيناء؛ بالاضافة لما يُرتكب من عمليات تعذيب وقتل تحدث لمواطنين داخل وحدات الجيش المنتشرة في سيناء، وتتخذها السلطات المصرية مقرا غير رسمي لاعتقال واحتجاز المواطنين كالكتيبة 101".

وأضاف أنها "تمثل جريمة ضد الإنسانية ولن تسقط بالتقادم؛ وتفضح جزءا بسيطا من منهجية السلطات المصرية في عمليات الاعتقال والتعذيب والتصفية للآلاف من أهالى سيناء، وتفضح ما يجري هناك وتكشف أكاذيب وادعاءات السلطات المصرية فيما يسمى بمحاربة الإرهاب".

وأشار الباحث الحقوقي، أن ذلك المقطع "يُظهر مدى الانحطاط الأخلاقي والسلوكي والمجتمعي لضباط وأفراد وجنود ومن قبل أفراد مهمتهم الدفاع عن المواطنين وليس قتلهم والتمثيل بجثامينهم".

ولفت إلى أن "ما شاهدناه خلال دقائق معدودة يمثل قمة المأساة؛ حيث أصبحت عمليات قتل وتصفية المواطنين بداعي محاربة الإرهاب من الأساسيات في تعامل قوات الأمن المصرية بالجيش والشرطة".

وقال العطار، إن "هذه جريمة تستوجب محاسبة وزير الدفاع الفريق أول محمد زكي، والقائد الأعلى للقوات المسلحة عبدالفتاح السيسي، لأنهما  المسئولان عما يجرى من انتهاكات بحق المصريين وباسم القوات المسلحة ما يسيئ لسمعتها".

وأكد أن "من شاهد الجريمة ويملك محاسبة مرتكبيها ولم يفعل فهو شريك أساسي ويجب عزله ومحاكمته".

وعبر صفحته بـ"فيسبوك"، تساءل العطار: "هل ما قام به ظابط الصاعقة بالكتيبة 103صاعقة بشمال سيناء من تمثيل وحرق لجثمان أحد شباب سيناء عمل فردى أم ممنهج؟".

وذَكًرَ العطار، بمقطع فيديو نشرته فضائية "مكملين" قبل 3 سنوات لعملية قتل وتصفية 3 شباب بسيناء، إلى جانب مقطع آخر مسرب من "الكتيبة 101"، لجنود يتفننون في تعذيب شباب مصابيين في سيناءن مشيرا لتصريحات رئيس الانقلاب عبدالفتاح السيسى، وقادة الجيش بعدم محاسبة أي ظابط.

وأكد أن "معسكري (الكتيبة 101)، بالعريش و (103 صاعقة)، يستخدمان كمركزين لاعتقال المدنيين من أبناء سيناء وإخفاءهم قسريا لفترة يعلن بعدها الجيش عن تصفية عدد من الأفراد بعد اشتباكات مزعومة دون أسماء من تم تصفيتهم، داعيا لفتح تحقيق بالجرائم التي يصنفها القانون الدولى بجرائم ضد الإنسانية.

وانهالت التعليقات الغاضبة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، واعتبرها المعلقون جريمة تأتي ضمن الجرائم التي ترتكب بحق المصريين منذ ثورة يناير 2011.

وقال الإعلامي المصري أحمد عبدالعزيز: "هذا الفيديو يكفي لإشعال ألف ثورة في مصر"، فيما اعتبر السياسي المصري إيهاب شيحة، هذا الإجرام وحرق الجثث امتداد لما حدث في مجزرة "رابعة العدوية"، و"النهضة"، وقنص المتظاهرين في "محمد محمود"، و"العباسية"، وغيرها.

وقال مستشار وزير الاستثمار المصري الأسبق، سمير الوسيمي، إنه "أمر جلل وخطير ويدل على سادية رهيبة، ويتطلب تحقيقا ليس فقط كمحاكمة عسكرية مصرية عاجلة ولكن على مستوى دولي"، مؤكدا أنها تكشف أنه "لا  إنسانية ولا قانون ولا أي شيء"له اعتبار عند هؤلاء الوحوش المجرمين                     

إنسانية ولا قانون ولا أي شيء".

وسوم: العدد 869