رجال الظلام الذين يمولون جرائم الأسد ومجازره(1-2) رامي مخلوف

محاصرة امبراطورية رامي مخلوف متواصلة

ما عاد يمر أسبوع من دون أن تخرج علينا الصحافة العالمية أو “الروسية” تحديداً، بفضيحة مدوية في عالم الفساد والاقتصاد ضمن الدائرة الضيقة لعائلة بشار الأسد، تشمل شخصه، وزوجته “أسماء الأخرس” التي برز اسمها كثيراً في التسريبات الروسية الأخيرة حول الفساد والحروب الاقتصادية، وكذلك قطب الاقتصاد الأبرز في سورية الأسد، رامي مخلوف، الذي يستهدفه بشار وزوجته بشكل مباشر مؤخراً، أما المفاجئ في التسريبات والتحليلات الصحفية الروسية مؤخراً فهو ضم ماهر الأسد إلى القائمة، وهو الشخص البعيد عن الضوء منذ انطلاق الثورة السورية.

حجز جديد على أموال رامي مخلوف

آخر فصول معركة الفساد بين “آل الأسد” و”آل مخلوف”، تمثل في حجز جديد على أموال شركة تابعة لرامي مخلوف.

فقد أقدمت وزارة المالية التابعة لحكومة الأسد، على حجز أموال شركة “آبار بتروليوم سيرفيس” التابعة لرامي مخلوف.

ونشر موقع “سناك سورية” نص قرار الحجز لشركة “آبار بتروليوم سيرفيس” المسجلة في بيروت، والتي تعمل في صفقات نقل الوقود والمواد النفطية، وقد ورد اسمها في قائمة العقوبات الأميركية. وحسب القرار، فإن الحجز الاحتياطي جاء ضماناً لحقوق خزينة الدولة من الرسوم والغرامات المتوجبة في قضية تعود لعام 2019.

ووفق صحيفة “الشرق الأوسط” التي أوردت الخبر،  فإن رامي مخلوف سبق ونفى ارتباطه بالشركة.

وكانت المديرية العامة للجمارك التابعة لنظام الأسد، أصدرت قراراً بالحجز على أموال مخلوف، ضمن سلسلة إجراءات اتخذتها دمشق ضد شبكات وشركات تابعة له نهاية العام الماضي.

وبدأ منذ صيف العام 2019 الحديث عن “صراع عروش” بين “آل الأسد” و”آل مخلوف”، للسيطرة على اقتصاد سورية أو ما تبقّى منه.

هل رامي مخلوف يخضع للإقامة الجبرية؟

ومنذ أشهر يتم تداول أنباء في الوسط السوري تفيد بأن رامي مخلوف يقبع في “الإقامة الجبرية” بعد حملة “مكافحة الفساد” التي أعلنها نظام الأسد والتي شملت أقرب داعميه بمن فيهم طريف الأخرس عمّ أسماء!.

إلا أن محاصرة شخص مثل رامي مخلوف يسيطر على 60% من اقتصاد سورية، وفق الصحافة الروسية، ليس بالأمر السهل، والصراع مستمر ومتواصل بين جناحي الفساد، مع بروز اسم ماهر الأسد مؤخراً في التسريبات الروسية، وهو ما كان محظوراً منذ عام 2011.

رامي مخلوف هو ابن خال مجرم الحرب بشار الأسد وذراعه الاقتصادية، مصاص دماء الشعب السوري وناهب خيرات سورية الأول، ومالك شركة سيريتيل (تأسست شركة سيريتل عام 2001 برأس مال 3.350 مليار ليرة) وشريك رئيسي في شركة mtn للاتصالات.

حتى اندلاع الثورة في سورية عام 2011، كانت عائلة خال الرئيس بشار الأسد، قد سيطرت علناً، وبأسماء أبناء عائلة الخال محمد مخلوف، على أكبر شركة اتصالات في سورية (سيريتل)، وأكبر شركة قابضة (الشام القابضة)، وأكبر شركة عقارات (شركة بنا للعقارات) وأكبر شركات تعهدات (عطاءات في مجال العقارات) راماك ليمتيد، وأكبر المصارف (مجموعة بنوك سورية الدولي الإسلامي وبنك بييلوس سورية) وشركات التأمين والأسواق الحرة وشركات تسويق النفط والغاز والمنتجات الزراعية الخاصة في سورية.

لم تكن الشركات الخمسون المعلنة في سورية والمملوكة لعائلة مخلوف، سوى الرأس الظاهر للعيان من جبل الجليد، بينما تختبئ العمليات المعقدة والشركات الأم المخفية في الملاذات الضريبية الآمنة (مناطق تفرض بعض الضرائب أو لا تفرض أي ضرائب على الإطلاق أو هي دول تتمتع أنظمتها المصرفية بقوانين صارمة لتحافظ على سرية حسابات عملائها الأجانب فتساعدهم على التهرب من دفع الضرائب في بلادهم الأصلية)، لتشكّل بذلك العالم السفلي غير المعلن لإمبراطورية عائلة آل مخلوف المالية، إذ تتغلغل هذه الشركات ذات الضرائب المنخفضة والأسماء الوهمية لتدخل في شراكات وصفقات سرية، وتمرر الأموال بعيداً عن الرقابة المالية العالمية.

شخصيات إسرائيلية، موظفو بنوك عالمية، شخصيات مستأجرة تعرف بالبروكسي (تسجل الشركات باسمها دون أن يكون لها أي علاقة حقيقية بها) وشركات أوف شور (تشير إلى تمركز الشركة في بلد معين، من بلدان المناطق الضريبية والملاذات الآمنة، في حين أنها تنفذ أعمالاً في بلد آخر يخضع لسيادة دولة أخرى من الناحية القانونية). هذه بعض من الحقائق التي ستتعرفون عليها بالوثائق، عن الشبكة الخلفية والسرية لإدارة أموال عائلة مخلوف المعروف بـ”الخال” نسبة إلى خؤولته لمجرم الحرب بشار الأسد.

إمبراطورية آل مخلوف

إمبراطورية محمد مخلوف، الموظف الحكومي السابق في مؤسسة التبغ والمصرف العقاري الحكومي وعائلته (زوجته غادة مهنا وأبناءه: مستشار وزارة الصناعة الذي أصبح أغنى رجل أعمال في سورية، رامي مخلوف، وضابط الأمن حافظ مخلوف، والنقيب في الجيش، إياد مخلوف، وإيهاب مخلوف ضابط في الجيش، كِندا وسارا، وزوجة الابن حافظ ربّا عيسى مخلوف)، جاء جانب من ممتلكات إمبراطورية آل مخلوف المالية، ضمن وثائق الحسابات المصرفية لبنك HSBC في سويسرا والتي تحوي أكبر قائمة متهربين من الضرائب في العالم، وتعرف بتسريبات Swissleaks التي سربها موظف في البنك للسلطات الضريبية الفرنسية، ثم سربتها السلطات الفرنسية للاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين ICIJ وصحيفة لوموند الفرنسية، وحصل معد التحقيق على الوثائق الكاملة للحسابات المصرفية لعائلة مخلوف باتفاق موقع رسمياً مع ICIJ ولوموند عن طريق شبكة أريج (إعلاميون من أجل صحافة استقصائية عربية).

كشفت الوثائق عن سيولة مالية تم تمريرها إلى شركاء وشركات الملاذات الضريبية الآمنة، ضمن حسابات عائلة مخلوف المذكورة، وتقدر كمية الأموال التي تضمنتها الوثائق بـ 43 مليون دولار، ومنها تابع معد التحقيق خيوط هذه الوثائق التي تعود إلى حسابات العائلة، منذ عام 1997 وحتى عام 2007، ليصل إلى وثائق حديثة عن الشركات المخفية والشخصيات التي تدير أموال العائلة، ويكشف عن علاقة مالية غير سوية، تفوق علاقة العميل بالبنك، بين كل من عائلة مخلوف وبنك “اتش اس بي سي”، إذ يكشف التحقيق تفسيراً لما نشرته صحيفة صنداي تايمز اللندنية، أواخر عام 2012، نقلاً عن وثائق حصلت عليها، تكشف أن بنك “اتش اس بي سي” بفروعه المختلفة، وخصوصاً في سويسرا، استمر في التعامل مع عائلة مخلوف على الرغم من العقوبات الغربية الأوروبية والأميركية، وأن البنك أدار بعض أموال مخلوف في شركات الأوف شور المخفية.

وكيل سري لشركات عالمية

كشفت الوثائق المسربة من حسابات البنك السويسري، أنّ الموظف الحكومي السابق، محمد مخلوف، قدم بياناته المصرفية، إلى بنك “اتش اس بي سي”، باعتباره وكيلاً للشركات العالمية: شركة التبغ الأميركية فيليب موريس (مارلبورو وL&M) وشركة ميتسوبيشي اليابانية وشركة كوكا كولا الأميركية، في سورية، وهي معلومة لم تكن معروفة من قبل.

تواصل معد التحقيق مع الشركات الثلاث برسائل إلكترونية رسمية، أرسلت لكل منهم، بتاريخ التاسع من مارس/آذار 2015، وفي حين أجاب المكتب الإعلامي في شركة فيليب موريس بشكل رسمي عن سؤال معد التحقيق بنفي العلم: “لا معلومات لدينا تشير أن محمد مخلوف كان وكيلاً لشركتنا” وبنفي التعامل مع سورية منذ اندلاع الاحتجاجات، مع أن الأسواق الحرة التي تملكها عائلة مخلوف على الحدود البرية والجوية لسورية تستمر، حتى اليوم، في بيع هذه السجائر، تجاهلت ميتسوبيشي وكوكا كولا الأسئلة حتى تاريخ نشر هذا التحقيق.

وعلى الرغم من أنّ هذه الشركات العالمية، كان في واجهتها المعلنة عام 2007 في سورية شركات وشخصيات أخرى، إلاّ أنّ هذه الوثيقة التي اعتمدها بنك “اتش اس بي سي” لكبير العائلة، كوكيل لهذه الشركات العالمية تفك كثيراً من ألغاز الأعوام 2006 و2007، ففيها فقط، سمحت الحكومة السورية لشركة كوكا كولا بإنشاء مصنع في سورية، وسمحت، أيضاً، لشركة فيليب موريس بتصنيع بعض منتجاتها في سورية، مثل سجائر (جيتان) وتأخرت شركة ميتسوبيشي للسيارات في افتتاح صالاتها واعتماد وكيل غير معلن، حتى أواخر عام 2006 وبداية ذلك العام، على الرغم من أنّ معظم وكالات السيارات كانت قد حسمت أمرها واعتمدت وكلاءها في سورية قبل ذلك التاريخ. 

خمس شركات في جزر العذراء البريطانية

ليست كوكا كولا وميتسوبيشي وفيليب موريس هي فقط الوكالات الكبرى غير المعلنة في سورية، والتي تظهر وثائق البنك السويسري أنها كانت عائدة لعائلة مخلوف، لكن وثائق “اتش اس بي سي” تكشف شركات أخرى مخفية فيما يسمى "شركات الأوف شور" مسجلة في جزر العذراء البريطانية (بريتش فيرجين أيلاند)، استطاع معد التحقيق الحصول على وثائق تسجيل هذه الشركات من جزر العذراء بشكل رسمي، وبعد دفع الرسوم للسلطات الحكومية في جزر العذراء البريطانية، بالتعاون مع مشروع التحقيق في الجريمة المنظمة ومكافحة الفساد OCCRP.

تكشف هذه الوثائق خمس شركات سرية مملوكة بأسماء عائلة مخلوف (الأب محمد مخلوف، وأولاده: رامي، حافظ، إياد، إيهاب)، كما تكشف بعض الشركاء والشخصيات المستأجرة كواجهات تسمى بروكسي في إدارة هذه الشركات، ومن هذه الشخصيات رجل الأعمال الإسرائيلي فريدي زينغر (Freddy Zinger) وشخصيات أخرى سورية وغير سورية، لتسيير هذه الشركات في دول أوروبا وكندا، وإبقاء المالك الحقيقي وراء الكواليس.

الغطاء الأول الذي كشفته الوثائق الرسمية التي حصل عليها معد التحقيق من جزر العذراء، هو أنّ هذه الشركات الخمس تدار من سيدة تدعى، "روز ميري فلاكس"، والتي وجه لها المحرر أسئلة بشكل رسمي، لمعرفة ردّها على إدارتها شركات عائلة مخلوف على الرغم من معاقبتهم من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية، إذ تظهر الوثائق التي حصل عليها معد التقرير، أنها مازالت المدير الشكلي لهذه الشركات إلى ما بعد العقوبات التي طاولت رامي عام 2008 وبقية الأشقاء عام 2011، لكن السيدة فلاكس لم تجب عن الأسئلة بعد مرور أكثر من خمسة أشهر على إرسالها (تم أرسال البريد الإلكتروني إليها في الأول من أبريل/نيسان).

المصادر

*العربي الجديد-27/4/2020

*صحيفة حرية-25 /4/2020

*عربي 14 -/9/ 2019

*إرم-/24 /12/ 2019

*عربي بوست-21/11/2019

وسوم: العدد 875