حين يصير عديمُ الشرف رئيساً ، تصبح الحياة جحيماً !

لكلّ أمّة مصطلحاتها , ومصطلحُ الشرَف منتشر، في سائر الأمم ، على اختلاف في معانيه ، بين الأمم ! بَيدَ أن كلّ خيانة للوطن، أو الشعب، أفراداً وهيئات ، مستنكرة ،  لدى سائر الأمم ، وهي تَثلم الشرف ، أو تُسقطه !

والشرف ، لدى العرب ، يشمل معاني عدّة ، منها : استقامة الخلق ، وأداء الأمانة، والوفاء بالعهد ، والمحافظة على الأرض والعرض ، وحماية الجار والمستجير.. وغير ذلك ، من الصفات ، التي ترفع رأس صاحبها ، بين الناس ! وهي داخلة ، في مجملها ، في دائرة مكارم الأخلاق ، التي بُعث النبيّ ليُتمّمها ، كما ورد في الحديث الشريف !

 وقد ارتبط مفهوم الشرف ، في كثير من البيئات العربية ، بالمحافظة على العرض: عرض المرء نفسه ، وعرض أسرته ، وأعراض من يلوذ به ! ولدى الرؤساء: رؤساء القبائل ، والأحياء ، والتجمّعات البشرية .. يُعَدّ حفظ شرف المواطنين ، معادلاً لحفظ حياتهم ، وهو من أولويات الرئيس، سواء أكان رئيس قبيلة ،أم عشيرة، أم مدينة ، أم دولة !

في ليلة حصار المشركين ، لبيت النبيّ ؛ بنيّة قتله ، اقترح أحد المحاصِرين ، التسلق على بيت النبيّ ، والدخول إلى داره ، وقتله ! فقال أبو جهل ، وهو المشهور بأنه فرعون الأمّة ، وكان أشدّ الناس عداوة للنبيّ : كلاّ ، والله لاتقول العرب ، إنّا تسوّرنا على بنات العمّ !

وقال الشاعر الجاهليّ ، عنترة بن شدّاد :

وأغضّ طرفي ، مابَدتْ لي جارتي    حتّى يُواريَ جارتيْ مأواها !

ومعلوم أن الخيانة ، بأنواعها ، نقيصة بشعة ، تثلم الشرف ، بل تسقط صاحبها، سقوطاً مزرياً ؛ سواء أكانت خيانة دين ، أم خيانة وطن ، أم خيانة شعب ، أم خيانة أمانة فردية ، أم خيانة جار: في ماله وعرضه ! وأيّة خيانة ، من هذه الخيانات ، تمسّ شرف المرء ، فتثلمه ، أو تسقطه ! وقلّما يكون خائنٌ ، لإحدى هذه الأمانات ، حريصاً على الأمانات المختلفة ، التي يُناط به حفظها !

فإذا كان رئيس دولة ، مفرّطاً بأعراض شعبه ، عُدَّ قليل شرف ، أو عديم شرف ! أمّا إذا كان هو ، ذاته ؛ بشخصه ، أو برجاله ، منتهكاً لأعراض شعبه ، فالطامّة أعمّ وأخطر!

وإذا كان رئيس الدولة ـ أيّاً كان وصفه ، أو لقبه .. خائناً لوطنه ، خيانة واضحة صريحة ، فلا يَتوقّع منه عاقل ، أن يحافظ على أعراض شعبه !

وتبقى الأسئلة التالية ، مطروحة على العقلاء ، الذين يرون خيانات أوطانهم ، من قبل حكّامهم ، تحت ذرائع مختلفة :

كيف يأمن المواطن، في أيّة دولة ، رئيس دولته ، الخائن لدولته وشعبه.. كيف يأمنه، على ماله وعرضه..؟

وكيف يأمن المواطن ، على وطنه ، من رئيس دولته ، إذا كان هذا الرئيس ينتهك ، عن عمد وتصميم ، أعراض مواطنيه ، رجالاً ونساءً ، في المعتقلات والسجون؟

وكيف يأمن المواطن ، رئيس دولته ، على ماله ، أو عرضه ، أو وطنه .. إذا رآه ينتهك ، علناً ، مقدّسات دينه ، الذي يدين به شعبه ، كله ، أو أكثريته؟

وإذا كان الرئيس الخائن ، يرى كلّ مَن يخالفه ، من أبناء شعبه ، خائناً ؛ لمجرّد مخالفته له ، وكانت أكثرية الشعب تخالفه .. فأيّ الخائنَين ، يجب أن يبقى ، وأيّهما يجب أن يرحل ؟ 

وسوم: العدد 875