الحوار .. والاعتراف

د. حامد بن أحمد الرفاعي

يقول بعض العلماء والمفكرون : الحوار الجاد بين اتباع الاديان يلزمه اعتراف متبادلٍ بينهم ..! قلت : اذا تَمَّ الاعتراف المتبادل فهل تبقى حاجة للحوار ..؟ ومن جهة اخرى فما هو نوع الاعتراف المطلوب ..؟ أهو اعتراف اعتقاد أم اعتراف وجود ..؟ فاعتراف الاعتقاد بينهم يعني الجمع بين المتضاد والمتناقض .. وهذا لا يصح ولا يستقيم بحال.. أمَّا اعتراف الوجود فهو أمرٌ حميدٌ ومحمودٌ ومُرحّبٌ به.. وهذا ما تَمَّ الاتفاق عليه مع الفاتيكان.. حيث وقعنا بياناً مشتركاً جاء فيه:( الاعتراف القائم بيننا هو اعتراف وجود وليس اعتراف اعتقاد). فالحوار لا يعني أن يتخلى أحدٌ عن اعتقاده وثوابت دينه، فالقاعدة الربَّانيَّا تقول:"لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ ". بل غاية الحوار هي: التعارف، والتفاهم، والتعاون، والتنافس من أجل تصحيح وترشيد المسيرة البشريَّة لتكون مسيرة: عدل وأمن وسلام تعزز بها قُدسيَّةُ حياة الإنسان، وكرامته ، وحريته، ومصالحه..ويتحقق التعايش الآمن بين المجتمعات..وليقوم التعاون الجاد بينها لبعث تنمية راشدة تحقق الرفاهية والازدهار للجميع..وأختم لأذكر بأن الشرط الوحيد للحوار بين أتباع الأديان والثقافات والحضارات هو : القول الحسن بل والأحسن كما في قوله تعالى:"وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ".

وسوم: العدد 879