نظام بشار لن يسقط.. إلا إذا...

لقد أعلن الثوار عن سقوط النظام، منذ الأيام الأولى لانطلاق الثورة في سورية، ضد نظام بشار منذ أكثر من تسع سنوات! حيث أصابهم الغرور، والوهم، والثقة المفرطة بقدراتهم، والثقة العمياء بالمجتمع الدولي، الذي جاراهم في أحلامهم، وخيالاتهم، فأعلن هو الآخر.. أن النظام قد سقط، على نفس مبدأ وزير خارجيته المعلم، الذي أعلن إلغاء أوروبا من الخريطة!

 حماس الثوار المفرط

 ظن الثوار المتحمسون، والمندفعون، والموتورون، والملتاعون من ظلم النظام الأسدي لأكثر من أربعين سنة، أنه سيسقط من الأيام الأولى للمظاهرات، أو من الأشهر الأولى، أو من السنة الأولى كحد أقصى، كما حصل في تونس ومصر واليمن وليبيا، وعقدوا آمالهم وأحلامهم على المجتمع الدولي، الذي ما رس معهم أكبر خديعة في التاريخ، حينما أعلن وقوفه إلى جانب الثوار ظاهرياً، وشكل حلف أصدقاء الشعب السوري، الذي تجاوز عدده أكثر من مائة دولة، وبدأ يعقد مؤتمرات دولية لمناصرة؛ وتأييد الشعب السوري!

 فكان أول مؤتمر عقد في تونس، بعد انتصار الثورة فيها، على رئيسها زين العابدين، ثم توالت المؤتمرات تترى؛ وتتنقل من دولة إلى أخرى، وتقدمت الدولُ بالتبرعات السخية النظرية، فأشعلت مزيداً من الحماسة في الشعب المسكين؛ وزادت الحماسة أكثر، حينما بدأ بعض العساكر في الجيش، والشرطة، وبعض الموظفين، والقضاة وغيرهم، يعلنون انشقاقهم عن النظام، وقيام تشكيلات عسكرية، لتدافع عن المتظاهرين، وعن المدنيين.

وفي كل مرة يصدر بيان من المنشقين، أو من الدول الداعمة للثورة، كان يعلن عن سقوط النظام، بل يقولون: إنه ساقط ! ولا تزال البيانات تترى إلى هذه اللحظة، تعلن بكل قوة وبحماسة منقطعة النظير، أن النظام قد سقط ، أو أنه ساقط بعد أيام قليلة، أو كحد أقصى في نهاية هذا العام! علماً بأنه في كل عام، يتم الإعلان عن موعد سقوطه في نهايته، وقد تكرر هذا الموعد تسع مرات، والآن من جديد، وللمرة العاشرة، يُعلن عن سقوطه في نهاية هذا العام! ولن يسقط قريباً.

لماذا لن يسقط نظام بشار قريباً؟

إذا أردت أن تُسقط عمارة مؤلفة من عدة أدوار، هل يمكن إسقاطها بالفأس والإزميل والمطرقة، أو بجرافة يقودها أعمى، أو مشلول اليدين، أو أن ترفع يديك إلى السماء تدعو اللهم أسقطها؟

لكي تُسقط عمارة أو بناية تحتاج إلى:

 

1-       أدوات قوية فعالة، وقادرة على إسقاطها.

2-       عامل خبير في استخدام الأجهزة القادرة على إسقاطها.

3-       عامل حر يتمتع بالحرية الكاملة، في استخدام الآلات المناسبة. ودون التقيد بتوجيهات أو تعليمات عامل آخر.

4-       ولديه الرغبة، والنية الصادقة، والعزيمة الأكيدة، على إسقاط العمارة.

5-       ولديه أيضاً دراسة، وخطة هندسية متكاملة، عن كيفية البدء بتهديم العمارة، بحيث يتم إسقاطها كاملاً، وبدون إلحاق الضرر بالآخرين.

هذه خمسة أركان أساسية وهامة وضرورية، يجب توفرها كاملة ومجتمعة، لإسقاط مجرد عمارة! إذ أن نقص ركن واحد منها، يؤدي إلى خلل في إسقاطها، وعدم إسقاطها كاملة.

فإذا أردنا أن نُسقِطَ هذه الأركان الخمسة، على الثورة السورية نجد ما يلي:

1-       فقدان أدوات إسقاط النظام بشكل فعال، وبنوعية جيدة، أو مكافئة لما لدى النظام من أدوات، وأهم الأدوات المفقودة هي: أدوات إسقاط الطائرات، التي تُحدث المجازر، والخراب لدى المدنيين.

2-       فقدان الخبرة، والتخصص في ممارسة القتال، إذ إن معظم المقاتلين، ليسوا عسكريين، وإنما تطوعوا في القتال، بدافع الغيرة على أهلهم، وبعضهم بدافع الكسب المادي، وتلقوا دورات تدريبية عسكرية سريعة، وعاجلة، وعلى أسلحة معظمها بسيطة وبدائية.

3-       انعدام حرية القتال، والحركة، والانتقال من مكان إلى آخر، فالمقاتلون مأمورون بالقتال ضمن الخطة الموضوعة من الخارج، ومن الممول، فهم ممنوعون من القتال في مناطق العدو، لضربه في العمق، وإحداث خسائر في صفوف مؤيديه، وممنوعون من القيام بحرب العصابات، وبكلمة مختصرة، هم مكبلون بالأغلال، ومقيدون بالسلاسل، إنهم عبيد بكل معنى الكلمة، أو خدم عند الآخرين.. ليست لهم حرية إسقاط نظام الأسد البتة.

4-       ومن يكن عبداً للآخرين، فإنه يسير حسب أهوائهم، وحسب شروطهم، فهو لا يمتلك الرغبة الصادقة، المخلصة، والعزيمة الأكيدة، لإسقاط نظام الأسد، فلو كان لديهم رغبة صادقة - كما يزعمون في وسائل الإعلام، وفيديوهات المسخرة التي ينشرونها - لتحرروا من سلطة العبيد، وعملوا حسب رغبتهم، وحسب ما يأمرهم به ربهم.

5-       انعدام وجود خطة عسكرية، أو استراتيجية، لإسقاط النظام! إذ كل الذي يملكونه هو: خطة دفاعية، للمحافظة على ما يملكونه من أرض، وإذا هوجموا، فإنهم يهربون منها، ويتركونها للعدو! والمدنيون المساكين ينزحون عنها، ويهجرونها مع أمتعتهم، وأغراضهم، ويبيتون في العراء أياماً وليالي، حتى تتعطف، وتحن عليهم بعض المنظمات الخيرية، فتعطيهم خياماً، لا تقيهم من الحر، ولا تمنع عنهم البرد.

وهكذا نجد أن الأركان الخمسة الأساسية، والضرورية، لتهديم النظام، وإسقاطه معدومة كلياً. فكيف إذن سيسقط النظام؟

عناصر تمنع سقوط نظام بشار

 

وعلاوة على فقدان عناصر الهدم الضرورية، لدى المقاتلين السوريين، فهناك عناصر أخرى، تحول، وتمنع سقوط النظام، بل وتدعمه، وتسانده وتقويه وهي:

1-       توافد المليشيات الشيعية والرافضية من كافة أنحاء العالم، للدفاع عن النظام بقيادة إيران.

2-       قدوم المحتل الروسي بكل جبروته، وطغيانه، وأسلحته الفتاكة، والمستحدثة للدفاع عن النظام أيضاً، والمحافظة عليه.

3-        تكالب الأمم، وتداعيها بقيادة العم سام، إلى تشكيل حلف دولي، لمحاربة ما يُسمى الإرهاب، والذي أخذ يفتك بطائراته الجهنمية بالمدنيين، ويُخرب عليهم بيوتهم، ويمزق أجسادهم إلى أشلاء، ومِزَع.

4-        امتلاء صفوف الثائرين بعناصر الشبيحة، والجواسيس من ذراري المسلمين، ومن نفس المناطق الثائرة! وهم الذين يرسلون إحداثيات المواقع الاستراتيجية الهامة، في المناطق المحررة، مثل الأسواق، والمخابز، والمشافي إلى النظام وأعوانه، لتقوم طائراتهم بضربها وتهديمها.

5-       فقدان الإلفة، والمحبة، والمودة بين الثائرين، وانتشار الخصام، والشقاق والعداوة، والبغضاء بينهم، واستغلال وسرقة بعضهم البعض، والتسابق إلى أكل بعضهم البعض، وانتشار الطمع، والجشع لدى التجار منهم، ولجوئهم إلى رفع أسعار المواد الغذائية، التي يتقوت منها الناس الفقراء، لدى أي مناسبة، مثل رمضان، أو الأعياد، والتي من المفترض، أن تكون هذه المناسبات فرصة لإشاعة الرحمة، والشفقة، والتعاون بين الناس.

6-        استمرار تدفق النفوس الضعيفة، والتي في قلوبها مرض، إلى الانبطاح، والخنوع، والتذلل للنظام، من داخل الحاضنة الشعبية للثورة، والرجوع إلى حضنه، لإعلان الولاء، والطاعة العمياء له، وتمجيده، وتعظيمه، بالرغم من مرور هذه السنوات التسع العجاف، وبالرغم ما يفعله من مجازر في أهليهم!

7-       انعدام الأمان والحرية والعدل، في المناطق المحررة، وممارسة الظلم والاستبداد والديكتاتورية، كما يمارسه النظام في مناطقه، والاعتداء على الناس، وقتلهم بدم بارد، وخاصة من قبل ما يُسمى الجيش الوطني، الذين هم حثالة السوريين، وتم تجميعهم في الخارج، للدفاع عمن شكلهم، وأنفق عليهم المال!

الحقائق الدالة على استبعاد سقوط النظام في المدى المنظور    

1-       الموقع الاستراتيجي الهام جداً لسورية عامة، ولدمشق خاصة، إذ إنها البوابة الأولى والوحيدة، لتحرير القدس خاصة، وفلسطين عامة.. فتحرير الأخيرة، لا يمكن أن يحصل بدون تحرير الأولى، والعكس صحيح، فإن تحرير الأولى، يؤدي تلقائياً إلى تحرير الثانية.

2-       والكيان اليهودي، والعم سام، وأوروبا والعالم أجمع، يعرفون تلك الحقيقة الأولى، علم اليقين، ويعلمون أن إسقاط نظام بشار - الذي هو الحامي، والمدافع الأول عن الاحتلال اليهودي - سيشكل تهديداً كبيراً له.

3-       لذلك ليسوا جميعاً، على استعداد للتفريط بنظام بشار، قيد شعرة، وليسوا مستعدين للمساومة على بقائه، والمحافظة عليه! فبقاؤه – في نظرهم - هو بقاء الكيان اليهودي، وزواله زوال الكيان اليهودي.

4-       وما يدعم ويؤيد هذه الحقيقة هو: تداعي وتدفق جيوش العالم، وعصاباته، على سورية لحماية النظام الأسدي، بدءاً من إيران وميلشياته الشيعية، إلى روسيا، وإلى أمريكا وحلفائها.

5-       وما يشاع في الإعلام، بين الفينة والأخرى، من استنكار بعض الأنظمة، أو الحكومات، أو المنظمات لأعمال الإبادة، والقتل الذي يمارسه نظام بشار، ما هو إلا ذر للرماد في العيون، وخداع، وتضليل، وكذب، ودجل، وضحك على الشعب السوري المسكين، ولامتصاص لغضبته، وتخديره، وتسكين هياجه، وتخفيف آلامه!

6-       كل التصريحات التي تنطلق من هنا أو هناك، بأن هناك خطة لاستبدال بشار، أو التخلي عنه، سواءً من إيران، أو روسيا، ما هي إلا محض كذب، وتسويق إعلامي مضلل، ومخادع للاستهلاك المحلي.. وهذا عنوان خبر صريح، وواضح، لا لبس فيه.. ينفي تلك التصريحات المزيفة [مسؤول روسي: لا خلافات مع الأسد والحرب في إدلب مستمرة].(1).

7-       وهذا تصريح آخر.. عن أكذوبة خروج إيران من سورية، ويسميها بالمهمة المستحيلة: [إخراج إيران من سورية… المهمة المستحيلة].(2).

8-       الحرب في سورية حرب دينية مقدسة بامتياز، والدافع الرئيسي لمجيء جميع قوات المحتلين إلى سورية هو: دافع ديني، لمنع تحرير القدس.. وهذا عنوان لأحد الأخبار، يثبت صحة ذلك: [ظهور كاهن روسي بريف حماة لمباركة القوات الروسية (صور)].(3).

9-       وهذا عنوان آخر.. للدلالة على الحرب المقدسة في سورية، ولكن الرابط لا يعمل، وعدة روابط أخرى محذوفة، من قبل العم غوغل، لكي لا يعلم الناس الحقيقة: [إعلان الكنيسة الروسية الحرب المقدسة في سوريا يشعل تويتر بدعوات ..].(4).

10-  وعنوان آخر على الجزيرة: [الكنيسة الروسية: التدخل بسوريا معركة مقدسة] ولكن الصفحة غير موجودة.(5).

كيف السبيل لإسقاط نظام بشار بشكل أكيد؟

 

الطريق الوحيد والأوحد هو: العودة الصادقة، الصحيحة، المخلصة إلى الله تعالى، وتشكيل جيش إسلامي مستقل، له سيادة، واستقلالية كاملة، ولا يخضع لأي جهة خارجية، وقد كتبنا مقالات كثيرة في هذا الشأن، وأحدثها بعنوان: (لكي يتحرر السوريون من المحتلين.. عليهم أن يفعلوا هذا).(6).

المصادر:

1-         السورية : https://www.alsouria.net/%d9%85%d8%b3%d8%a4%d9%88%d9%84-%d8%b1%d9%88%d8%b3%d9%8a-%d9%84%d8%a7-%d8%ae%d9%84%d8%a7%d9%81%d8%a7%d8%aa-%d9%85%d8%b9-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d8%b3%d8%af-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%ad%d8%b1%d8%a8-%d9%81%d9%8a/

2-       السورية:  https://www.alsouria.net/%d8%a5%d8%ae%d8%b1%d8%a7%d8%ac-%d8%a5%d9%8a%d8%b1%d8%a7%d9%86-%d9%85%d9%86-%d8%b3%d9%88%d8%b1%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%87%d9%85%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b3%d8%aa%d8%ad%d9%8a%d9%84%d8%a9

3-       مدونة هادي العبد الله : https://hadiabdullah.net/2019/06/20/%D8%B1%D9%88%D8%B3%D9%8A%D8%A7-%D8%AA%D8%B3%D8%AA%D8%B9%D9%8A%D9%86-%D8%A8%D9%83%D8%A7%D9%87%D9%86-%D8%A3%D8%B1%D8%AB%D9%88%D8%B0%D9%88%D9%83%D8%B3%D9%8A-%D9%84%D9%85%D8%A8%D8%A7%D8%B1%D9%83%D8%A9/

5-        الجزيرة : https://www.aljazeera.net/home/getpage/f6451603-4dff-4ca1-9c10-122741d17432/a45961a7-7a70-4d90-85aa-0487d0fd98cf

6-       لكي يتحرر السوريون من المحتلين.. عليهم أن يفعلوا هذا .. https://www.sasapost.com/opinion/in-order-for-the-syrians-to-be-liberated-from-the-occupiers/

وسوم: العدد 880