رسالة مسجلة من الشيخ سارية الرفاعي إلى الشعب السوري

بسم الله الرحمن الرحيم و به نستهدي و نستعين

قبل أيام وصل تصنيف شعبنا في هيئة الأمم إلى مرتبة أفقر شعوب الأرض قاطبةً .

"ثمانون بالمئة تحت خط الفقر" .

لقد عشتُ عمراً مديداً في هذه الحياة و لم أسمع بهذا الوصف لشعبنا و أمتنا يوماً في حياتي  .

(أفقرُ شعوب الأرض)  .

ما الذي حل بأرضنا حتى وصلنا الى هذا الموصل ؟!

ما الذي حل بعملتنا ، ما الذي حل باقتصادنا ، ما الذي تسبب بهذا الإنهيار ؟؟!

أتراه التقاعس و الكسل و عدم حب العمل ؟! . لا و الله فشعبنا ليس له مثيلٌ بهمته و دأبه في العمل.

اتُراها قلة الموارد و الشحّ في ثروات الأرض؟؟  لا و الله فأرضنا غنيةٌ بالمياه و المعادن والثروات  .

اتراها الثورة ؟؟! التي انتفض فيها الشعب على الظلم و القهر و الفساد ؟!! لا وربّكم فعدالة السماء محالٌ أن تعاقبَ و تفقِر شعباً لمجرد أنه زأرَ بكلمة الحق بوجه الظالم الفاسد .

ما الذي وصل بنا إلى هذا الموصل و هذا الوصف المؤلم .؟؟!

اقول لا حول ولا قوة الا بالله..

اي إصرار عند بني البشر يجعل الكرسي و التمسك به أغلى من وطن و شعبٍ بأكمله. ؟!

أي ظلم يعيشه المؤيدون حين يبررون هذا الفشلَ تلو الفشلِ تلو الفشل لهذا النظام و لا يجرؤون على قول كلمة الحق بوجه رأس النظام بشار الأسد و حاشيته من فروع الأمن .؟!

يخدعون انفسهم بجرأة موهومة ضد وزير أو مسؤول أو حتى رئيس حكومة . كفاكم هراءً و ضحكاً على أنفسكم و إخوانكم .

المسؤولُ الأكبر هو بشار الاسد . الرجل الاخطر هو بشار الاسد . الآفة العظمى التي حلت بنا هي بشار الأسد .

اتوجه إليك يا بشار و إياك أعني .

آن أوان أن ترحل .. آن أوان أن ترحم مؤيديك قبلَ معارضيك . آن أوانُ أن تعلم أن التاريخ قد سجل أن السوريين إفتقروا في عهدك ، و أن شباب سورية تهجرت في عهدك . و أن السجون امتلأت في عهدك و ان مليون سوري فقدوا حياتهم في عهدك  فتباً لهذا العهد المليء بكل ما هو مقيئ .

أتذكر يا بشار الاسد يومَ طلبت مني أن أسدي إليك النصيحة ، و رجوتني و أخي الشيخ أسامة أن نهدئ البلادَ و الشباب الثائر ، و طلبت منا أن نذهب إلى درعا  فأسدينا لك النصيحةَ يومها و قلنا لك قولاً لينا.  طالبناك أن تكف يد الأمن عن ملاحقة المتظاهرين و إعتقالهم ، نصحناك أن تعتذر لأهل درعا و حوران ، قلنا لك لا تقابل غضب الشارع بقمع المتظاهرين لا تقابل مطلب الكرامة بالإذلال و الإَهانة ، فما كان منك إلا أن أرسلت الجند و العسكر ليقتلو و يفتكوا و يسفكوا الدماء ظلماً و إثماً و عدواناً ، هنا وجدت بأن لا مجال لنصحك أو للقول اللين معك فما كان مني إلا أن وقفت في محرابي في دمشق و أرسلت لك التحذير الأخير بأنك تقود البلاد إلى هاوية الدمار و أن سورية لن تهدأ ما دمتم مصرين على هذا التصعيد  ،،،،مقطع فيديو من خطبة الفجر بعد دخول الجيش الى حماة ٢٠١١  ،،،،

قتلتم و دمرتم و ألصقتم التهمة بعصابات موهومة  ، و انت تعلم علم اليقين أنك المسؤول الأول و الأخير عن كل ما جرى ، و قد حذرتك حينها بالكلمة الصريحة الواضحة يوم كانت الأحداث في بداياتها    ،،،،فيديو ثاني من خطبة الفجر  ،،،،

قتلتَ العباد و بِعت البلاد و جلبت المحتل و شردت الشعب و أفقرت اليوم من بقي منهم مرابطاً في أرض الوطن .

" *(أفقرُ شعوب الارض ، و العملة الى انهيار ..* "..

ماذا فعلتم؟؟ ماذا فعلت يا بشار الاسد ؟ و كيف تصرفتم بعد هذا النكبة التي سبقتها نكبات و نكسات ؟

توقعت أن تفتحوا الأبواب للمساعدات و المعونات  دون قيود أو تدخلات .

توقعت أن نشاهد قراراً يقضي بالعفوِ عن السجناء السياسيين و المعارضين ليعيلوا أبناءهم و اسرهم في هذه الأزمة العاصفة رحمة بهم لتحول بينهم و بين بركانهم الذي يغلي تجاهكم  .

ظننت أن يفسح النظام المجال للخبراء الإقتصاديين و رجال الأعمال السوريين ممن أبعدهم أو استبعدوا كل هذه السنين ، ان يدخلوا ليضعوا قدراتهم و خبراتهم في إنقاذ العملة الآيلة للإنهيار .

لكن . عبثاً أن نرى الحكمة ممن حُرم الحكمة من أساسها فأودى بالبلاد و العباد الى هذه الهاوية ولا زال مستمرا .

بشار الاسد انت تعلم علم اليقين أنني نذرت حياتي طول عمري لمساعدة شعبنا الكريم  من خلال المشاريع العملاقة التي أقمناها في بلادنا ليستفيد منها شعبنا بكل أطيافه دون تمييز عبر سنوات مديدة ولا منة منا عليهم .

انت تعلم أن شعبنا المهجر فيه المئات بل الآلاف من رجال الخير و مؤسسات الخير التي لا يحول بينها و بين مد يد العون لأهلها في محنتهم اليوم إلا سطوتُك الظالمة و محاسبتُك اللاحقة لكل مستفيد منهم ،

فأنا أطالب المجتمع الدولي أن يرغم النظام على فتح المعابر الآمنة لإيصال هذه المساعدات العاجلة بإشراف مباشر من مانحيها و باذليها دون السماح لعصابات النظام أن يسرقوا شيئا منها.

و لشعبنا السوريِّ أخضع بالقول :

ابنائي و إخوتي و أحبتي..  لا ينبغي أن نقنَط . لا ينبغي أن يتسلل اليأسُ ليسيطر على نفوسنا و صدورنا .

فيروسُ اليأس إذا تسلل إلى النفوس و اجتَاح شعبا من الشعوب فسيفتك بصغار السن قبل كبارهم .

صدقوني يا إخوتي بلادُنا بخير و لم و لن تسقط بإذن الله .

*لن نحمل الوهن من تقارير الأمم* التي تقرر اننا اصبحنا افقر الأمم أم أغناها .

لن ننتظر الليرة التي فقدت حسها و بركتها من لحظة أن وضعوا صور الظالمين المجرمين عليها .

لن ننتظر النفط الذي تَعَاوَر الناهبون على نهبه عبر عقود .

بلادُنا فيها خيرات جليلة . بلادنا فيها خبراتٌ و معارفُ عظيمة و الخير آتٍ لا محالة .

مئات الآلاف من خُلَصِ شبابنا تهجروا و تفرقوا و تبعثروا في جنبات العالم عبر ٩ سنوات ليعودوا إلى أهليهم و بلدهم و وطنهم بإذن الله لبنائه و تعميره بما اكتسبوه من مالٍ و علمٍ و خبرة أخذوها من شعوب العالم .

لا تقلقوا يا إخوتي و أخواتي فالخير قادم بإذن الله  . لئن فقدنا حظاً كبيراً من اقتصادنا بسبب ليرة الاسد و إبنه  فإن أبناءكم في الخارج مَعقدُ الأمل فيهم . أقسم لكم أنني أرى الحماسةَ في عيونهم ، ألتقي العشرات منهم يأتونني في كل يوم و قلوبهم تهفوا للعودة إلى أرض الوطن .

تجارا و طلاباً و علماءً و أدباءً و ممثلين و مثقفين و مهندسين .

لا أزعم أنهم جميعاً سيعودون . لكن نصفهم أو ربعهم يكفي -إي وربكم - لبناء دولة وبلدٍ سنرفع رؤوسنا بها في مستقبل الأيام و ستذكرون ما أقول لكم  .

أما عمُرت اليابان بعد أن حطمتها القنابل النووية ؟ أما نهضت ألمانيا بعد أن أنهكتها الحرب العالمية ؟! أما وصلت حدود دولة رسول الله (ص) إلى أقصى بقاع الأرض شرقاً عند كسرى و غرباً عند قيصر ؟ بعد أن حوصر النبي في شعب أبي طالب و جاع معه الصحابة حتى روى سعد بن أبي وقاص أنه خرج ذات يومٍ لقضاء حاجته فسمع قعقعةً تحت البول فنظر فإذا هي قطعة من جلد بعير قال فغسلتها ثم أحرقتها ثم دققتها فسففتها فأعانتني ثلاثة أيام .

الخير قادم بإذن الله و شبابنا في داخل الوطن و خارجه عليهم معقد الأمل بتوفيق الله .

..........

و إلى أهل السويداء أوجه الحديث و الخطاب فأقول .. بوركت ثورتكم و إنتفاضتكم . بوركت غيرتكم على إخوانكم و أهليكم و أبناء وطنكم .

فأهل السويداء ما عرفنا منهم إلا الكرامة و الشهامة و الإباء .*

أما أطياف الوطن  من علويين و مسيحيين و شيعة و أرمن و أكراد .. أقول و أؤكد أن الحق لا بد أن يحِق و ان الظالم زائل لا محالة . و أن مصيرنا و إياكم هو وطنٌ يجمعنا لا ظالم يقهرنا و تاريخنا و إياكم  يشهد لنا ولكم أننا لم نشهد نزعة طائفية بيننا و بينكم إلا نزعةٌ يزكيها النظام لأنه المستفيدُ منها . فلا تكونوا عوناً له على مراده و بغيته و قولوا كلمة الحق بوجهه . و أقول قولي هذا و الحمد لله رب العالمين ولا عدوان إلا على الظالمين .

وسوم: العدد 881