بين الوطنية والوطنلوية عود على بدء ..

وأستعين الله

تعليقات كثيرة ومثيرة على مقالي عن " الوطنلوية "

وكلها تعليقات تستحق الاحترام والاهتمام ..

بعضها يثير قضايا سياسية وتاريخية غاية في الأهمية ..

المهم المقال : ليس ضد الموقف الوطني ، والسواء الوطني ، والدولة الوطنية ، ولكنه ضد الوطنلوية .. ضد حالة خاصة سادت في سورية فأدت إلى ما نحن فيه ..والأخطر في الأمر أنها ما تزال مستمرة حتى اليوم . ما يزال خطابها ومقدماتها راسخة في مواقف كثير من الوطنلويين .,

معالجة الموضوع بشكل علمي تاريخي - استشرافي مستقبلي يحتاج إلى كثير من الشجاعة والموضوعية والجرأة . ولاسيما سياط الوطنلويين تقف لنا بالمرصاد ..

بالأمس علق أحدهم على مقالي كتابة " تستحقون ما جرى عليكم وأكثر .." هذه وجهة نظر تستحق الاحترام !!وتتضمن أن الحرة التي تم اغتصابها تستحق الاغتصاب . وأن الطفل الذي تم هصره يستحق الهصر . طبعا الباشا صاحب التعليق سبق أن سمع بحكاية الرضيع ، وهذا قبل 2011 بزمن ، الذي أمسك المحقق بجسده الغض وهصره بين يديه ، القوتين ليكسر إرادة أمه ، كما سمع بحكاية الرضيع الآخر الذي داس المحقق على رأسه بحذائه ففتته كما حبة تفاح . ثم يعلق الباشا بقوله نحن نستحق !! والأعجب أن الباشا يحسب نفسه على الثورة والثوار . ولعله من العيب أن نرد على الباشا كلامه ..

إننا مع تمسكنا بكل المعايير السياسية الدولية لمفهوم " الدولة الوطنية " ، و"المجتمع المدني،" يجب أن نمتلك الجرأتين العلمية والموضوعية ، النظرية والعملية ، لخوض غمار البحث العلمي في التمييز بين الوطني والوطنلوي .. وأن نفعل ذلك من منطلق وطني محض .

كل الأوطان محكومة بقواعد وطنيتها . والعنوان الوطني ليس عنوانا للكذب ولا الخداع ولا المراوغة ولا التدليس ، ولا لسلب الحقوق ، ولا العدوان على الحرمات . وأكبر المجرمين بحق الوطنية هم الذين جعلوا عنوان " الوطنية " سلما لمآربهم ، وغطاء لمكاسبهم ، وشرعنة لامتيازاتهم ، وغطاء لعنصريتهم وادعاء تفوقهم ..

عندما علمونا الفقه وفقه الجنابة والطهارة والحدثين ، أول ما علمونا انه : لا حياء في الدين .. وعندما علمونا البيولوجيا والجهاز التناسلي في الإنسان وألية الحمل والإنجاب: أول ما بدأنا أستاذ العلوم بقوله : لا حياء في العلم ..

وإذا كان فينا من يرغب في مباشرة الحقائق السياسية العلمية ، في وقائع التاريخ بغير تلفيق ولا تزوير ولا تدليس ، في شكل الدولة الحديثة ، وبناء المجتمع المدني ، فيجب أن نبدأ بالقول : لا حياء في مواجهة الحقائق . وأن نقول : فليسقط الكذب الوطني . وأن نقول لغة السياسية هي لغة علمية واقعية محددة المفاهيم والدلالات ، وليست لغة رومانسية كلغة جبران خليل جبران عندما كتب " لكم لغتكم ولي لغتي " لغة السياسة ليست لغة وشوشة حبيب لحبيب ، وليست لغة مناغاة أم لطفلها ، هي لغة الجاحظ في كتابه الحيوان ، أو لغة إميل زولا في روايته الأرض ..

لغة السياسة قاسية مؤلمة وجارحة وقد لا يطيقها الكثيرون . لغة السياسة هي لغة الواقع التاريخي الذي كان بكل مآسيه ، ولغة الغد المنشود بكل ما يجب أن يكون فيه حتى يستقيم . لغة السياسة التي تسمي الأمور بمسمياتها فتقول لمن خان لقد خنت ، ولمن هان لقد هنت .

لغة السياسة ليست لغة الإيديولوجيا الرغائبية على مذهب من قال : نحن أبناء الله وأحباؤه .!! وليست لغة الاسترسال مع الاستصحاب ، ليبقى ما كان على ما كان .

أهرامات مصر على ما فيها من أعاجيب مستقرة على قاعدتها . وكل الذين يسوقون لهرم يستقر على رأسه ولا تؤثر فيه الزوابع والأعاصير كذابون مخادعون

فتح الملف في هذا الأفق ، وعلى هذا الشرط أصبح حقا وضرورة ومحطة لا بد منها على طريق الغد الذي طمح إليه ، وضحى من أجله مليون شهيد ، وخمسة عشر مليون مهجر ..

نسأل الله أن يهيئ لكلمة الحق هذه حاملا ..!! ولي أسوة في نبي الله لوط

( لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ )

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 889