من السفه تحميل شعيرة دينية استفحال جائحة كورونا

استفحل السفه عند بعض الناعقين كاستفحال وباء كورونا ، فغضّوا الطرف عن كل أسباب ومسببات  الزيادة في أعداد المصابين بفيروس الجائحة ، ولم يجدوا غير عيد الأضحى سببا ومسببا لذلك بالرغم من أن الشواطىء  تعج بالمصطافين ، والمقاهي مكتظة بروادها خصوصا خلال نقل مباريات كرة القدم للأندية الأوروبية التي تتابعها الأعداد الكبيرة من المشاهدين جعلهم لا يبالون بالوباء المعدي  من فرط الهوس بها . ومن المهازل أن تجرى تلك المباريات في ملاعب بلا جمهور ولكن تحضرها جماهير في المقاهي . ولقد نقلت وسائل التواصل الاجتماعي مقطع فيديو لرجل أمن أو رجل سلطة يتوجه بخطاب داخل مقهى إلى شباب يتابعون مباراة من مباريات كرة القدم محذرا من عدم التزامهم بشروط الوقاية المطلوبة من عدوى الجائحة ،وهم عنه معرضون يصفقون ويضجون تفاعلا مع أطوار المباراة حتى إذا انصرف عنهم نظر بعضهم إلى بعض وهم منه يضحكون ويسخرون .

وفضلا عن اكتظاظ الشواطئ والمقاهي، فالأسواق  والحدائق ...وكل حيز فيه ما يجتمع بسببه الناس كعادتها قبل الجائحة  مكتظة إلا أن بعض  السفهاء جعلوا شعيرة عيد الأضحى هي السبب في ارتفاع عدد ضحايا الجائحة، لأنهم يحملون حقدا على كل ما له صلة بالإسلام ، ويتحينون كل فرصة تعن لهم للنيل منه بشكل أو بآخر رغبة منهم  في  بديل عنه لتحقيق ما يسمونه مجتمعا مدنيا لا دين ولا ملة له، ولا قيم ولا أخلاق  .

ولقد سخر هؤلاء السفهاء ممن ذكروا الناس يوم غزتنا الجائحة أول مرة بسنة سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم الذي إليه يرجه الفضل في تشريع الحجر وغاضهم أن يكون ذلك من سنته ،فجعلوا الفضل في ذلك للصين التي  فرّخ عندها الوباء ورعته حتى صدرته إلى أرجاء المعمور لأنها بلد الإلحاد الذي يطربهم ويشفي غلتهم .

ولو أخذ الناس بما أوصى به رسول الله صلى الله عليه وسلم ،فجعلوا نصيحته بالعزل والوباء الفتاك يفتك بهم قبل  إقامة شعيرة الأضحى خصوصا وأن حفظ النفس من حفظ الدين كما هو معلوم في مقاصد الشريعة  لما فشا فهم هذا الفشو الفظيع ، والغريب أنهم أخذوا بسنة الحجر فيما هو أهم من شعيرة الأضحى وهي فريضة الصلاة التي تباكى  حتى من لم يكن يؤديها في المساجد  على إغلاق هذه الأخيرة ، وطالبوا بفتحها و سايرهم المسؤولون في  أهوائهم ،ففتحوا منها العدد القليل، وتحمل من يرتادونها وهم قلة عنتا كانوا في غنى عنه لو أنهم أخذوا بسنة الحجر ،وصاروا  بذلك موضوع سخرية وتندر كما جاء في تعليقات أحد السفهاء الذي أنكر عليهم التباعد أثناء أداء الصلوات قائلا : " لقد زعمتهم أن رص الصفوف في الصلاة يمنع الشيطان من المرور بينكم، فها هو اليوم يرقص بينكم " . ومعلوم أن إغلاق المساجد لا يؤثر في أداء الصلوات، فهي تؤدى في البيوت وفي جماعات في الأوساط الأسرية ، فضلا عن أداء الناس لها فرادى.  

وعلى هؤلاء  السفهاء يصدق القول المغربي المشهور : " اصعد لتأكل التين انزل من أمرك بذلك "  فهم من جهة يطالبون بفتح المساجد  ومن جهة أخرى يسخرون من كيفية الصلاة  فيها بكيفية تحذر الوباء، وهي صلاة خوف كان الناس في  غنى عنها لو أنهم التزموا بالحجر وهو سنة سيد المرسلين وقد أمروا بكتاب الله عز وجل أن يأخذوا ما آتاهم عليه الصلاة والسلام وينتهوا عما نهاهم .

ومن السفه أن ينسب استفحال الوباء لعبادة أو شعيرة والناس يجتمعون في الأسواق، والمقاهي ،والشواطىء ،والمنتزهات، والمزارع، والمعامل، والمصانع ،والورشات، والإدارات... وفي كل مكان بلا كمامات ،ولا تباعد فيما بينهم،  ولا نظافة، ولا قليل من حيطة .

وبقي أن نقول إن الذين ضربوا عرض الحائط قواعد السلامة من الوباء في أسواق الأضاحي، لم يفعلوا ذلك حبا في إحياء سنة الخليل عليه السلام، ولا تقربا لله عز وجل بل فعلوا ذلك من أجل إشباع شهوة البطن ليس غير . ومن الشواهد على ذلك ما وقع في سوق الأضاحي بالحي الحسني في مدينة الدار البيضاء ؟ إن الذين لم يخشوا ربهم، فنهبوا أضاحي تلك السوق نهبا ،لا يمكن أن يخشوا فيروس الجائحة ،وعسى أن يكون قد أصابهم  انتقاما منهم بسبب فعلهم الشنيع .

وفي الأخير نقول على السفهاء أن يبحثوا عن أسباب ومسببات انتشار الوباء في غير ما شرع الله عز وجل، وأن يلجموا ألسنتهم الطويلة ولا يطلقونها في دينه مقابل  خرسهم خرس الشياطين حين يتعلق الأمر بغيره مما هو مؤكد دوره في استفحال الوباء ، وإن لم ينتهوا فقد مضت سنة الأولين .  

وسوم: العدد 890