أزْمَةُ فِكْرٍ .. لاَ أزْمَةُ رَغْبَةٍ

حامد بن أحمد الرفاعي

 عِنْدَمَا يَشْتَدُ الخَطْبُ ويَتَعَاظَمُ خَطَرُهُ بِشأني مَا يَحِيقُ بالأُمَةِ مِنْ إخفاقٍ وتَخَلُّفٍ.. إذاك يَبْدَأ التَّلَاومُ ورُبَّمَا يِبْدَاُ الاتِهَامُ المُتَبَادلُ بَيْنَ أبْنَائِها.. وأمَتُنَا لَيْسَت اسْتِثْنَاءً مِنْ هَذِه الحَالَةِ.. وتَارِيخُ الأُمَمِ يَشْهَدُ بِهَذَا ويُؤيِدُهُ.. أمَّا مَا هُو سَبَبُ الإخفاقِ ..؟ فَالقُرآنُ الكَرِيمُ حَسَمَ الأمْرَ فَأجَابَ قَائِلاً لِلنَّاسِ:" قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ". مِنْ عِنْدِ أنْفُسِكِم فَهَمًا وعَمَلاً وخِبْرَةً ومَهَارَةً.. ومِنْ عِنْدِ أنْفُسِكُم إخْلَاصًا وتَضْحِيَةً. فَالأزْمَةُ بِكُلِّ تَأكِيدٍ أزْمَة فِكْرٍ ودِرَايَةٍ ومَهَارةٍ.. لَا أزْمَةُ رَغْبَةٍ وهِمَةٍ.. فَالأُمَةُ في - غَالِبِهَا وللهِ الحَمْدُ - راسِخَةٌ في دِيِنِها وإقْبَالِها على رَبِّها.. ولَكْنَ الإشْكَالَ الذِي تُعَانِي مِنْه يَكْمُنُ في فَهْمِهَا لِحَقِيقَةِ إقْبَالِهَا علَى اللهِ تَعَالى.. الإشْكَالُ يَكْمًنُ فِي جُمُودِ فِكْرِهَا وفِقْهِهِا فِي مُواجَهَةِ التَحَدِيِاتِ والمُسْتَجَدَاتِ.. فَبَعَضُ عُلَمَاءِ الأمَةِ يُصِّرُون علَى الانْحِبَاسِ بِفِقِهِ السَلَفِ الصَالِحِ واجْتِهَادَاتِهِم العَظِيِمَةِ الجَليِلَةِ , التِي عَالَجُوا بِهَا تَحَدِيِاتِ أزْمِنَتِهِم وأحْوَالِهِم .. ويُصِّرُونَ علَى تَرْحِيِلِهِا إلى غَيِرِ زَمَانِهِا وأحْوَالِهِا.. مِمَّا يَجْعَلُ الأُمَةَ تَسيِرُ بِاتِجَاهٍ وعَقْلُهَا وذِهْنُهَا وفِكْرُهَا وهُمُومُها بِاتِجَاهٍ آخَرَ.. فَهَلْ يَصِحُ أنْ تُشْغَلُ الأُمَةُ- عَلَى سَبِلِ المِثَالِ- بِجَدَلِيَّةِ فِقْهِ رِضَاعَةِ الكَبِيرِ!؟ والأُمَةُ جَائِعَةٌ ,وعَرْيَانَةٌ ,ومَرِيضَةٌ, ومُهَدَدَةٌ بِأمْنِها واسْتِقْرِارِها, وَوجُودِها..؟؟؟!!! أجَلْ يَا قَوْمُ فَنَحْنُ أمَامَ أزْمَةٍ فِكْرِيَّةٍ وفِقْهِيَّةٍ.. ولَيْسَ أمَامَ أزْمَةِ هِمَّةٍ وَرَغْبَةٍ في التَعَامُلِ مَعَ الإسْلاَمِ وَشِرْعَتِهِ العَظِيِمَةِ.. فَالهِمَةُ والرَغَبَةُ مَوْجُودَةٌ ولَكِنْ بِالاتِجَاه الخَاطِئِ.. فَهَلْ لَهَا مِنْ تَلَافٍ ..؟ نأمل ذلك والله المستعانُ سُبْحَانَهُ.

وسوم: العدد 890