انتقادات بندر بن سلطان للقيادات الفلسطينية .. تهيئة للتطبيع مع إسرائيل

انتقد الأمير بندر بن سلطان رئيس الاستحبارات السعودية السابق في حديثين متلاحقين القيادات الفلسطينية من أبي عمار إلى القادة الحاليين . الإلحاح في الانتقاد ، وعبر قناة" العربية " المعادية للفلسطينيين في أخبارها وتقاريرها ومقابلاتها ومصطلحاتها الإعلامية ، ليس عفويا ، وينذر  باقتراب التطبيع السعودي الرسمي مع إسرائيل خروجا من دائرة التطبيع السري الذي بدأ مع قادة الحركة الصهيونية قبل أن تظهر دولة إسرائيل للوجود ، واستمر بعد ظهورها متخذا كيفيات متعددة . ولب انتقاد الأمير بندر للقيادات الفلسطينية أنها أهدرت مبادرات كثيرة للتوصل إلى حل مناسب للقضية الفلسطينية ، وهذه تهمة تشيعها إسرائيل منذ قيامها لصب اللوم على الفلسطينيين ،وتبرئة نفسها من جرائمها الرهيبة في اغتصاب وطنهم وقتلهم حتى قالت جولدا مائير إن إسرائيل لن تغفر للفلسطينيين أنهم أجبروها على قتلهم ! في ذات المسار يسير الأمير بندر لتبرئة بلاده من التقصير وما هو أخطر من التقصير في حق القضية الفلسطينية ، وإقناع شعب بلاده بأن القيادة السعودية فعلت ما هو فوق طاقتها ، وما لم يفعله سواها دفاعا عن هذه القضية ، وأن الفلسطينيين أهلها والمعنيين بها قبل سواهم من العرب أساؤوا لها ، ولم يحسنوا الإفادة من المبادرات التي وفرتها بلاده لهم ، ومنها مبادرة ريجان للسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين في الأول من سبتمبر 1982 . ونحن هنا لن ننقض كل ما جاء في كلام الأمير بندر ، وما أسهل نقضه مثلما هي حال أكثر ما يصدر عن النظام السعودي من تصريحات  يبدو فيها دائما مخاطبا  لذاته ولمواطنيه لا للآخرين الذين قد تعنيهم تصريحاته  ، وهو أبدا راضٍ فيها عن ذاته إلى درجة النرجسية المرضية المغالية في الإعجاب بالذات.  وحسبنا أن نذكر بأن بيجن رئيس وزراء إسرائيل كان أول من رفض مبادرة  ريجان ، وليس الفلسطينيين . صرخ بيجن غاضبا موبخا ريجان : "هل نحن جمهورية موز ؟! " . والمبادرة السعودية التي تبنتها الجامعة العربية في 2002 فصارت عربية ، ماذا فعل النظام السعودي لتنفيذها طوال 18 سنة ؟! ألم يوافق عليها الفلسطينيون وما زالوا يوافقون ؟! وألم ترفضها إسرائيل ؟! قال شارون للعرب والفلسطينيين : "بلوها واشربوا ماءها " . وقد تخلت عنها الجامعة العربية في الشهر الماضي حين رفضت إدانة تطبيع الإمارات مع إسرائيل . والمبادرة في دافعها الحقيقي ما كانت من أجل فلسطين . كانت لمواجهة عاصفة الغضب التي هبت على النظام السعودي في أميركا بعد تدمير البرجين في مركز التجارة العالمي في نيويورك في الحادي عشر من سبتمبر 2001، واتهام بعض مواطني بلاد الحرمين بالاشتراك في الهجوم عليهما   . لماذا يهيء الأمير بندر الآن بالذات لتطبيع بلاده الرسمي مع إسرائيل قبل الانتخابات الأميركية ؟! 

خوفا من فوز جو بايدن فيها   لتوعده  بإعادة النظر في السياسة الأميركية نحو النظام السعودي إعادة تخلو من السكوت على سلوكياته السيئة داخليا وخارجيا التي تسامحت معها الإدارات الأميركية ، ومثلت فيها إدارة ترامب أعلى درجات التسامح بسكوتها على قتل جمال خاشقجي ، ويتوقع  النظام السعودي  أن يكون التطبيع محفزا لإسرائيل واللوبي اليهودي للدفاع عنه ، وتعطيل توجه إدارة بايدن إلى هذه الإعادة في حال فوزه  . وهدف آخر للتطبيع قبل الانتخابات هو كسب تأييد إسرائيل واللوبي اليهودي أيضا لتولية محمد بن سلمان للعرش في وقت قد يسبق هذه الانتخابات . فهذه التولية مرفوضة من أكثر آل سعود الذين أساء ابن سلمان لكثيرين من كبار أمرائهم مثل محمد بن نايف ومتعب بن عبد الله والوليد بن  طلال ، وامتدت إساءته حتى لعمه أحمد بن عبد العزيز، وفوق كل هذه الإساءات عدم ثقفتهم في قدرته على إدارة شئون البلاد إدارة مناسبة لمحدودية أهليته الشخصية وسواها من العيوب والنواقص في شخصيته التي توصف في الإعلام العالمي بالتهور والاضطراب . ولا بد للفلسطينيين من دفع ثمن هذين المكسبين للنظام السعودي من رصيد قضيتهم الذي قارب النفاد من  كثرة ما سحب منه بدءا بظهور عروش عربية لتأدية دور وظيفي في حماية إسرائيل ، أحدها العرش السعودي . والدفع الجديد بدأ بلوم الفلسطينيين مبكرا ، وليس هذه الأيام ، وانتقاد الأمير بندر أحدثه وليس أوله . كل ما حدث ويحدث وسيحدث للفلسطينيين من وأد لحقوقهم وجرائم  إسرائيلية وتخلٍ عربي محسوم ومتفق عليه مسبقا  بين الغرب والصهيونية ومولودتها إسرائيل وكثير من الحكام العرب المتعاقبين الذين عادة ما تكشف إسرائيل ، وفي الوقت الذي تراه مناسبا في مجرى الأحداث ، عن بعض تفصيلات علاقتها السرية  بهم  . وفي معتقدنا المترسخ أن محمد بن سلمان أوجز حقيقة موقف النظام السعودي ماضيا وحاضرا ومستقبلا من القضية الفلسطينية حين قال لمن التقى بهم في نيويورك من قادة اليهود في مارس 2018 :" لو كان للمملكة العربية السعودية مائة قضية فستكون القضية الفلسطينية هي رقم مائة " ، فوقع بعضهم  من على كرسيه من قوة  المفاجأة المبهجة  . قطعت جهيزة قول كل خطيب .  

وسوم: العدد 898