مبعوث الإدارة الأمريكية إلى شمال شرق .. هذا ما كان من سياستنا ..ولم يتحدد بعدُ ما سيكون !!!

في حديث صريح وجريء وكاشف، تحدث المبعوث الأمريكي السابق إلى سورية – شمال شرق – وليام روباك إلى صحيفة الشرق الأوسط الأحد 7/ 2 / 2021 ...

تحدث ربما متخففا من عبء المسئولية ، فهو مبعوث سابق ، أو متطلعا إلى مقام أعلى، وتلك طبيعة البشر . وما قاله مفيد ومهم وخطير، لو أراد السوريون أن يستفيدوا منه، وربما يقول بعضهم ، إن كل ما قاله معروف لنا منذ البداية، ودائما أقول كما يقول رهطي من السوريين : "الحديث من فم الكحلا أحلى "

وأول ما يصفعنا نحن السوريين قولُ المبعوث الأمريكي : مصلحتنا في حكومة في دمشق تسيطر على البلاد. وهذه هي الحقيقة النهائية، وكل ما سنورده بعد تفصيل !!

وقال المبعوث الأمريكي السابق : إن الإدارة الجديدة لم تجد الوقت بعدُ لتفكر في " سورية " وتجد لها سطرا في تلافيف أولوياتها . رسالته أو رسالتي لكل السوريين إسلاميين وعلمانيين أكثرية وأقليات ، سواد عام وطوائف : فهل سوريتنا أولوية في قلوبنا وعقولنا وعلى منضداتنا الوطنية المجردة والمغلفة ؟؟ أدعو الله أن تكون ..

ويطرح المبعوث الأمريكي بدوره أسئلة سورية على الإدارة الجديدة ليساعدها ربما على التفكير ، فيسأل : - هل سورية أولوية أمريكية ؟؟؟

ثم ما هي الأهداف الأمريكية في سورية ؟؟؟ وما هي الأدوات الأمريكية المتوفرة في سورية ؟؟؟ ما هي الكلفة الإنسانية المتوقعة على الشعب السوري ؟؟؟ ولكي يساعدنا على تصور ما سيكون ، يحدثنا بكل صراحة ووضوح عما كان ، وإليكم تلخيصا لما قال ، مع بعض التعليقات والتوجيهات والرتوش ..

عن الأهداف الأمريكية في سورية ، يذكرنا السكرتير القديم في السفارة الأمريكية في سورية ، والمبعوث الأمريكي لمساعدة قسد ومسد بالأهداف التي كانت معتمدة عند الإدارة الأمريكية فيما خلا من سنوات وإليكموها ..

أولا – هزيمة تنظيم الدولة، ومنع عودته إلى سورية..

تذكروا أيها المسلمون، وأيها العراقيون .. وأيها السوريون .. وأيها اللبنانيون ... أن الولايات المتحدة الأمريكية، وشركاءها حول العالم هم الذين مهدوا وساندوا تأسيس تنظيم الدولة وتنظيم القاعدة، وانتشارهما، فكرا وفقها وممارسة .. وتمكينهما ليكون وجودهما، وتصرفاتهما ذريعة لقتل المسلمين وتهجيرهم حول العالم...

ثانيا – من الأهداف الأمريكية في سورية، ودائما حسب المبعوث الأمريكي: دعم مسار الأمم المتحدة عبر القرار 2254 !!

وذلك على طريقة القرار 242 وأوسلو والرباعية والاعتراف بالقدس الموحدة صهيونية . واعلموا أيها السوريون أن اعتراف الولايات المتحدة بالجولان صهيونية، هو جزء من اعترافها من بشار الأسد وزمرته حكاما في دمشق. جزء من صفقة إعادة التأهيل. وبشار الأسد نظير نتنياهو وشبيهه في وقت معا..

ثالثا – ودائما حسب المبعوث الأمريكي : إخراج إيران من سورية ..

وهذا هدف دعائي معلن. وإيران ما دخلت سورية بكل ميليشياتها، إلا بتنسيق مع واشنطن. وسيطرة إيران على العراق وسورية واليمن جزء من استراتيجية أمريكية قديمة مقررة ومعقودة منذ أطيح بالشاه. وكان أول الرقص كما يقولون في إعادة التفاوض الأمريكي – الصفوي، اعتراف حكومة بايدن بالميليشيا الحوثية ورفعها عن قائمة الإرهاب، وتسليم اليمن لإيران.

انتبه أيها السوري .. السوري ..

 انتبه لما سأقول : سورية كلها برجالها ونسائها وأطفالها وعذاباتها ليست أولوية على أجندة الإدارة الجديدة .. ولكن ميليشيا الحوثي أولوية ، ليس لتدرس فقط ، بل وليتخذ فيها قرار جيوسياسي جدير بزلزلة المنطقة لو كان فيها رجال ... !!!

والهدف الأمريكي الرابع في سورية : منع بشار الأسد من استخدام الأسلحة الكيماوية ، والتخلص مما بقي من ترسانة السلاح الكيماوي.

وما يعنيه هذا الكلام، أيها السوري الحر النبيل:

السكوت عن استخدام بشار الأسد كافة الأسلحة الحربية الثقيلة، ضد المدنيين، استخدام الدبابات والمدفعية والطائرات الحربية، والسلاح العنقودي والفراغي والنابلم والبراميل الغبية، وهذا معناه أيضا، أيها السوري الحر النبيل، السماح للروس أن يجربوا كل أسلحتهم التي تحتاج إلى تجريب في بيوت السوريين ومساجدهم ومدارسهم وأسواقهم ومستشفياتهم ومحاضن أطفالهم .. أرجو أن أكون قد وفقت في الشرح والتعبير ..

وخامسا– وأخيرا : الاستجابة للأزمة الإنسانية ورفع المعاناة عن الشعب السوري ..

ومصداقية هذا القول – أيها الحر النبيل- أن صانعي القرار الأمريكي منذ أن شاهدوا صور القيصر التي استنزفت العيون، هبوا على رجل واحدة ، يستخدمون كل ما لديهم من سلطة وسلطان لوقف المأساة في المعتقلات مكعبة الأوجه الأسدية – الروسية – الصفوية، فلم يقر لرجال السياسة ، وسماسرة حقوق الإنسان في الولايات المتحدة قرار حتى استنقذوا المعذبين ، ورفعوا الضيم كما تقتضي اتفاقية "السيداو" عن الأسيرات المعنفات !!! ليت نساء ديمستورا يسمعن ..

تلك كانت الأهداف الأمريكية المستقرة في عهدي أوباما وبايدن، وأنا دائما أزعم وأردد وأؤكد ، أن الاستراتيجية الأمريكية في سورية " فوق رئاسية " أي تصاغ بالطريقة نفسها التي يتشهى فيها بعض السوريين موادَ "فوق دستورية" أي مواد تحفظ لهم الامتيازات الفئوية الفوقية، الدينية والمذهبية والعرقية، أكرر هذا لكل الذين ينتظرون الجديد من الجديد.

ثم تحدث وليام روباك عن الأوراق التي امتلكتها بلاده لتحقيق أهدافها تلك في سورية، فذكر:

أولا – الوجود العسكري على الأرض السورية حيث تحتل الولايات المتحدة ثلث الأرض السورية ، مختارة القرب من منابع النفط والغاز وسلة القمح السورية..

احتلال قليل الكلفة ، عظيم المنفعة ، في المثلث السوري – العراقي – التركي .. البعد الجيوسياسي فيه أكبر من النفعية الاقتصادية ..

ثانيا – من أوراق الولايات المتحدة في سورية وحسب اعتراف المبعوث الأمريكي : دعم قوات قسد، أي تنظيم حزب العمال الكردستاني المصنف أصلا على لوائح مجلس الأمن إرهابيا.. والحديث عن 100 ألف مقاتل متعددي الجنسيات والانتماءات كلهم يعملون تحت الإمرة الأمريكية. وقد سخر الله للأمريكان مطايا..

ثالثا – العقوبات الأمريكية ضد " النظام " هكذا يقول المبعوث الأمريكي، وقد حدثنا كثير من بني قومنا عن تأثير دخول قانون قيصر موضع التنفيذ . وعشنا وشفنا ولا نريد أن نزيد !!!!

رابعا – في الأوراق التي ذكرها المبعوث الأمريكي التحالف الدولي ضد داعش .. وقد رأينا أثر هذا التحالف في قصف المدنيين ولاسيما في مدينة دير الزور الحبيبة ..

وخامسا وأخيرا يقول المبعوث الأمريكي العمل من خلال الأمم المتحدة. نعم وهذا ما يمكننا أن نقر به، بأن الولايات المتحدة جعلت من الأمم المتحدة، ومن الفيتو الروسي غطاء لكل ما لا تريد أن ينسب إليها في سورية من فعل قبيح .. وكانت استراتيجية أفصح عنها أوباما: دعهم يجرمون ونخاطبهم يا مجرمون !!

ويضيف المبعوث الأمريكي إلى تلك الأوراق ....

عرقلة جهود التطبيع العربية والأوربية مع بشار الأسد!! وعرقلة جهود التطبيع ليس تمهيدا للإطاحة، وإنما مبالغة في عملية التأهيل، فهم لا يحضّرون لسورية المستقبل رئيسا مكروها ومرفوضا وعريانَ فقط ، بل يريدونه مخصيا أيضا وعلى هذا يعمل العاملون !!

ثم يقول المبعوث الأمريكي وأنه كان من أوراقهم في سورية السماح بالوجود التركي في الشمال لحماية المحرر من الأرض ...

ولا ينسى أن يتساءل: ولكن هل الوجود التركي ورقة أمريكية ؟؟؟؟ سؤال حقيق !!

وكان الأمريكيون والناتو أول من سحب بطاريات الباتريوت من الحدود التركية – الأمريكية. نقصد منطقة الاحتلال الأمريكي لسورية.

يقول لي ناصحون صادقون: استبقِ فعلى الأمريكي في هذا العالم التعويل!! وأجيبهم مع الحب، العدو المجاهر أقل شرا من الصديق الغادر.

إن الأفاعي وإن لانت ملامسها ... عند التقلب في أنيابها العطب

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 915