هل بلغت الجرأة والجسارة بدعاة العصبية العرقية حد مقاضاة دخول الإسلام إلى المغرب ؟

مع اعتماد المسؤولين في بلادنا أسلوب  غض الطرف وصم الأذن عن النافخين في العصبية العرقية ازداد هؤلاء جرأة وجسارة على الإسلام حتى بلغ الأمر بأحدهم مقاضاة رئاسة الحكومة ووزارة التربية الوطنية بسبب سؤال في امتحان  مادة اللغة العربية ورد فيه ذكر الفتح الإسلامي لبلاد المغرب كما نقل ذلك موقع هسبريس .

ولا يدخر المتعصبون للعصبية العرقية في بلادنا منذ مدة  جهدا في استهداف الإسلام كدين رسمي للدولة المغربية عن طريق استهداف اللسان العربي الذي نزلت به رسالته الخاتمة للناس أجمعين على اختلاف أعراقهم وأجناسهم وألسنتهم . وفي استهدافهم لهذا اللسان يحتالون بذلك على الزعم  باستهداف العرق العربي منفصلا عن الإسلام  ، وهم يقصدون بالضبط الرعيل الأول منهم الذين حملوا إلى المغرب رسالة الإسلام ، ولم يأتوا إليه غزاة على غرار من كانوا يغزونه من الأمم السابقة واللاحقة .

ولم يسجل التاريخ أن العرب  في جاهليتهم قبل افسلام  فكروا في غزو المغرب أو غيره من البلاد ، وما حملهم على التوجه إلى المغرب وغيره من البلاد إلا نقل  القرآن الكريم إلى الناس في كل مكان ، وقد كلفوا شرعا بإيصاله إلى أبعد نقطة في المعمور يمكنهم الوصول إليها .

وشتان بين غزو يستهدف خيرات بلد ما وإهانة أهله ، وبين فتح هدفه إيصال دعوة الإسلام إليه . ولقد ثبت تاريخيا أن المغاربة البرابرة ،وهي التسمية التي عرفوا بها ،ووثقتها كتب التاريخ ،وليس فيها قدح كما يروج لذلك البعض بسوء نية وسوء طوية، قد احتضنوا الإسلام، وكانوا نقلة له تماما كالرعيل الأول من العرب ، ويشهد تاريخنا الإسلامي المجيد على ذلك ، وهل أوصل الإسلام إلى بلاد الأندلس إلا المجاهد البربري طارق بن زياد ؟ ولو كان حمل الإسلام إلى المغرب غزوا عربيا كما يسوق لذلك المتعصبون عرقيا لما أقدم طارق بن زياد على حمله إلى الأندلس .

ولقد بدأ تسويق فكرة الغزو العربي التي يراد بها الفتح الإسلامي محتشما ، ومع مرور الأيام  ،وفي غياب محاسبة المسوقين لها أصبحت أمرا مألوفا ، وها نحن نسمع اليوم  بمقاضاة الفتح الإسلامي أمام قضائنا الإداري بسبب ورود ذكر دخول الإسلام إلى بلادنا ، وهو قضاء مطالب بمتابعة من رفع  هذه الدعوة العنصرية والعرقية المشبوهة وإدانته بالنفخ في نعرة عرقية منتنة تروم خلق الصراع الطائفي في بلد مسلم  شعبه معتز بإسلامه .

ومع مرور قرون  طويلة على دخول الإسلام إلى المغرب، وهو دين لا اعتبار فيه للأعراق أو الألسنة بل الاعتبار فيه لتقوى الله عز وجل  يحاول المتعصبون عرقيا اختلاق قضية واهية لا أساس لها مع هذا الدين. والمغاربة المسلمون عرب وبربر سواسية في دين الله عز وجل ، وقد وحد الإسلام بينهم، واختلطت دماؤهم وأنسابهم ، ولم يعد معنى للحديث عن هذا العرق أو ذاك  . ولا يمكن أن يزعم أحد في هذا البلد أن دمه  العرقي  الذي يجري في عروقه لم يختلط بدم غيره ،علما بأن دماء العرقين العربي والبربري  اختلطت وصارت دما واحدا ، وصدق العلامة ابن خلدون في قولته الشهيرة : " الفروج ليس عليها أقفال " إشارة إلى اختلاط الأنساب بين مختلف الأعراق .

وما يسوقه اليوم دعاة العرقية في بلادنا إنما هو من رواسب الظهير البربري الخبيث الذي هو جريمة الاحتلال الفرنسي الشنعاء ضد المغاربة والذي كان يهدف من ورائه إلى التفريق والتمييز بين شعب مسلم لا اعتبار في دينه للعرق أو الجنس أو اللسان . وتتواصل المؤامرة ضد هذا البلد المسلم من طرف هؤلاء المتعصبين للعرق واللسان البربري، وهم يموهون على معاداتهم للإسلام من خلال الزعم بأنهم ضد العرق العربي وليس ضد الإسلام الذي يعتبرونه احتلالا كباقي أنواع الاحتلال قديما وحديثا .

ومقابل  تشنج النافخين  في النعرة العرقية واللسانية البربرية لا وجود لمن ينفخون في نعرة عربية ، ولهذا  من واجب المسؤولين عندنا قطع الطريق على كل من يستهدف أولا الإسلام كدين ، وثانيا المغاربة كمسلمين معتزين بدينهم وبوطنيتهم وبعروبتهم وببربريتهم اللتين انصهرتا في بوتقة الإسلام منذ قرون .

وإذا ما استمر أسلوب غض الطرف وصم الأذن ، فإننا سنسمع في مستقبل الأيام أكثر من  جرأة وجسارة مقاضاة  الإسلام والقرآن الكريم واللسان العربي الذي نزل به ، وكل من وما له صلة به .   

وسوم: العدد 917