الرئيس تبون يستخف بالجزائريين ويريد أن يقسمهم إلى طائفة من شيعته وأخرى من عدوه

من الأمثال المغربية السائرة قولهم " الله يعطيك فضيحة نهار السوق " ، وهو مثل ينطبق على الرئيس تبون  حين أغرته قناة الجزيرة بفضيحة ظنها  لسوء حسابه وتقديره غنيمة . وفضيحة على قناة الجزيرة أكبر منها على القنوات الجزائرية التي لا يبالي بها الشعب الجزائري، لأنها قنوات ببغائية  تجتر ما يحرره لها جهاز المخابرات العاكف على محاولة إضفاء الشرعية والمصداقية الزائفة على نظام فاقد لهما بدليل حراك شعبي كل جمعة طال أمده، ولا زال بركانا لم تهدأ حممه  بل هي في ازدياد .

لقد تابع العالم العربي اللقاء على قناة الجزيرة  الذي استدرج إليه تبون ليفتضح أمره كما افتضح أمر الرئيس السوري وهو يطبخ انتخابات رئاسية  مثيرة للسخرية كعادته وكعادته والده  من قبل .

ولقد حاول تبون أن يقلد في لقائه مع قناة الجزيرة كبار الزعماء وهو صغير ، فتعثر حظه وخاب ظنه لأن الكاريزما ليس بالأمر الذي يصنع أمام عدسة الكاميرا. ومعلوم أن من كثر هذره انحط قدره ، وإذا كان تبون لا قدر له أصلا فقد ازداد انحطاطا مع كثرة هذره .

والبليد من الناس من يحاول أن يستبلد غيره ويستخف به خصوصا إذا كان هذا الغير شعبا أصيلا ضرب أروع الأمثلة في الجهاد ومقاومة المحتل الفرنسي ، وكان أول شعب في العالم العربي سن سنة الربيع العربي ، وحاز بذلك أجر هذه السنة الحميدة وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة . وهو الشعب الذي تساوى عدد ما قدمه من شهداء خلال مائة وثلاثين عاما  من الاحتلال الفرنسي مع عدد ما قدمه منهم في العشرية المسماة دموية التي عمل فيها الجيش القتل فيه .

فمثل هذا الشعب لا يمكن أن يستخف به أو يخدع من طرف رئيس وصل إلى سدة الحكم عن طريق انقلاب عسكري كالعادة الجارية في الجزائر منذ حصولها على استقلالها ، وهو فاقد للشرعية وللمصداقية بشهادة كل الشعب الجزائري وليس  بشهادة ثلاثة عشر مليون كما زعم وهو يريد تقزيم هذا الشعب الأبي الذي لم يرض يوما عن النظام الحاكم فيه منذ الاستقلال . ومن محاولة استخفاف تبون بالشعب أنه جعل منه شيعة وأعداء على طريقة فرعون رمز الاستبداد والظلم في التاريخ البشري .

إن قناة الجزيرة التي صرح فيها تبون أن حراك ثلاثة عشر مليون من الجزائريين هو الذي أنقذ البلاد من الذوبان، تملك أرشيفا مصورا و مسجلا لذلك الحراك الذي كان ضده وضد عصابته كما كان أول الأمر ضد عصابة الرئيس الذي كان يحمله كرسي متحرك ، وقد أفقده مرض دماغه العضال  فصاحته وبلاغته التي ظل لسنوات  يراوغ بها الشعب الجزائري ، وهو يتاجر ويرتزق بمكاسب الثورة الجزائرية ضد المحتل الفرنسي .

إن ما سماها تبور العصابة قاصدا عصابة بوتفليقة، وهو من ضمنها بل هو شريك فيها  شأنه وهو يدينها كشأن عصابات أفلام رعاة البقر يشتركون في السطو والسرقة ، وينتهي بهم الأمر إلى تصفية الحساب فيما بينهم .

إن العالم كله يعرف أن حراك الثلاثة عشر مليون كان ضد بوتفليقة وعصابته ، وصار ضد تبون وعصابته، لأنهما وجهان لعملة واحدة أو كما يقول المثل المغربي العامي " الجرب كبوحمرون " . وخلافا لما زعما تبون كاذبا ليس له شيعة في الجزائر لأن الثابت بالواقع الشاهد والناطق  أن الشعب الجزائري عن بكرة أبيه  يعاديه كما عادى  سلفه من قبل بل  كما عادى كل أسلافه منذ الاستقلال .

إن الشعب الجزائري يصبو إلى التحرر من نظام جنرالات مستبدين بالحكم        و هم يعبثون بمقدراته بينما يعيش  هو معيشة ضنكا،  معيشة الطوابير الطويلة المنتظرة لساعاة رغيف خبز أو جرعة حليب . والحنرالات عبارة عن عصابة واحدة يصفي أعضاؤها بعضهم بعضا لتبرير الانقلابات العسكرية التي أصبحت تسمى انقلابات على الطريقة الجزائرية ، وذلك لتضليل الشعب الجزائري  . ويشهد التاريخ أن الزعيم  الجزائري الكاريزمي الوحيد هو الشهيد المغدور محمد بوضياف رحمه الله تعالى الذي كان قادرا وعازما على وضع حد لحكم نظام الجنرالات ، لكنهم عاجلوه بالغدر الجبان  والخسيس . ومما سجله التاريخ أن الجنرال الذي مكن لتبون من السلطة تمت تصفيته مباشرة بعد أن أدى دوره في مسرحية الانتخابات الهزلية بزعم أن قلبه سكت، والواقع أنه أسكت لأنه كان أقوى من قلب بوتفليقة الذي لم يسكت بالرغم من شدة مرضه ، وقد عزل من منصبه عن طريق انقلاب على طريقة عصابات رعاة البقر .

لقد أراد  تبون أن يقزّم حجم الحراك ضده زاعما أنه حراك أقلية لتبرير الزج بالمئات بل بالآلاف في السجون والمعتقلات بذريعة أنهم أقلية تريد زعزعة الأمن والاستقرار في البلاد  وذوبانها على حد قوله ، وبزعم أنها تطبق أجندة خارجية وأنها متورطة في خيانة عظمى مستخفا بشعب  هو أنضج وأذكى من أن يستخف به .

ولقد حاول تبون على طريقة دونكيشوط أن يظهر في مقابلته مع قناة الجزيرة أنه زعيم عربي كبير  حيث تبنى القضية الفلسطينية  ليرتزق بها على عادة من كانوا قبله . وزعم أنه يدافع عن الوطن العربي ، وأنه كان على وشك التدخل حتى لا تسقط طرابلس الغرب  في ليبيا ، علما بأن كان فعل ماض ناقص كما يقال لمن لا يقوم بفعل زاعما أنه كان يريد أو على وشك فعله ، ولا قيمة لفعل كان إذا فات الأوان وقد تدخل أردوغان لأنه ليس قوالا كتبون بل فعّال ، ولولاه لما استتب الأمن في ليبيا . وكلام تبون عن ليبيا فيه تمويه على دوره في الحرب الأهلية  فيها حيث كان يصدر المرتزقة  عبر الصحراء الجزائرية إليها كغيره ممن كانوا يريدون إطالة هذه الحرب في الوقت الذي كان المغرب يسعى جاهدا لإصلاح ذات البين بين الفرقاء الليبيين في الصخيرات  .

ودائما على طريقة دونكشوط في حربه مع الطواحين الهوائية حاول  إظهار " العنترية " بحديثه عما سماه جاهزية الجيش الجزائري للتدخل إذا ما لزم الأمر ، وقد لزم في قطاع غزة مؤخرا ، ولم نر له جاهزية ولا استعدادا بل اكتفى تبون بالتصريح أنه مع القضية الفلسطينية كعادة من سبقوه بفمه أو" قمومه أو قمقومه" كما يقول المغاربة  ، وعليه يصدق قول الشاعر الجاهلي امرىء  القيس وقد باغته زوج امرأة  وهو معها في فراشه ، وأخذ هذا الزوج الذليل يصخب دون رد فعل منه على استباحة عرضه  :

إن تبون في مقابلته مع الجزيرة ، وهو يلوح بجاهزية جيشه غظ غطيط الذي خلفه امرؤ القيس في زوجه على فراشه وهو ليس بقتّال .

ومن المثير للسخرية والضحك أن القنوات الجزائرية الببغاوية لا زالت في كل نشراته تكرر الحديث عما نشرته قناة الجزيرة القطرية، وهو حديث يستغرق وقت كل نشراتها كأن الأمر يتعلق بفتح مبين مع أن الأمر لا يعدو مجرد  فضيحة يوم السوق كما يقول المثل المغربي ، و يا ليته سكت .  

وسوم: العدد 932