طرد إسرائيل من الاتحاد الأفريقي ليس سهلاً

فجأة ، وبعد أن كانت وزارة الخارجية الجزائرية صرحت أن دخول إسرائيل في الاتحاد الأفريقي عضوا مراقبا " يدخل ضمن صلاحيات الاتحاد الإدارية " ؛ نقول فجأة أُعلن  أن وزير الخارجية رمطان لعمامرة اتفق مع ثلاث عشرة دولة أفريقية على طرد إسرائيل من الاتحاد لما في عضويتها  من استهداف سيء للجزائر ذاتها فضلا عن فلسطين ، وأن لعمامرة سيزور مصر والسودان وأثيوبيا للتوافق على خطوات هذا الطرد من الاتحاد . الخطوة الجزائرية يرحب بها كل من يعادي إسرائيل ويعلم خطورتها وفيضان شرورها على أي مكان تصل إليه . واللافت بقوة في الخطوة الجزائرية أنها متأخرة ، والتساؤل مشروع عن علة هذا التأخر ، وأنه كان من الأصوب  التصدي للدخول الإسرائيلي في بداية مساعيه السرية التي لا ريب في أن الجزائر كانت على علم بها . وهو تجديد لعضوية إسرائيلية سابقة بذات الصفة في منظمة الوحدة الأفريقية التي صار اسمها " الاتحاد الأفريقي " في 2002 ، وحينئذ طردت منه إسرائيل . وعلى عادتها في المثابرة التي لا تيأس ، تابعت سعيها للعودة إليه عشرين عاما حافظت إبانها على علاقات سياسية وتجارية وتنموية مع 46 من دوله مما يجعل عضويتها المراقبة شكلية وتحصيل حاصل إلا أنها مقتدرة على الإفادة منها ، وتصنيفها نوعا من التطبيع العلني مع كتلة عالمية مهمة وقفت دائما مع القضايا العربية عامة والقضية الفلسطينية خاصة . وهذه العضوية المتجددة تترافق مع التطبيع العربي مع إسرائيل ، فلا تظهر شيئا مستغربا مستنكرا ، وفي سهولة وهدوء تستطيع أي دولة أفريقية ليست عربية أن تقول لمن يعترض من العرب على أي شكل من أشكال تقاربها مع إسرائيل : " أنتم ، أيها العرب ، أول المطبعين ، فكيف تنكرون علينا ما تفعلونه ؟! " . ومن ثم فطرد إسرائيل من عضوية الاتحاد الأفريقي ليس سهلا في هذا الجو التطبيعي العربي الأهوج المنفلت  ، وأوله وأشنعه التطبيع الفلسطيني الذي تجسده علاقة السلطة الأمنية مع إسرائيل . وفي زيارة عباس الأخيرة لتركيا توسط لإعادة العلاقة بين الدولتين ، تركيا وإسرائيل ، إلى ما كانت عليه من توافق ووئام قبل حادث السفينة التركية ما في مرمرة التي اقتحمتها القوات الإسرائيلية وهي في طريقها إلى غزة لكسر حصارها . وعند عودته  من الزيارة بشر الرئيس الإسرائيلي إسحق هيرتزوج بأن أردوغان سيتصل به   مهاتفا ، وتمت المهاتفة . وبديهي أن الدولتين ليستا في حاجة إلى وساطة عباس للتواصل بينهما ، ووساطته كانت مدبرة من إسرائيل للقول للجميع إن "رئيس " الفلسطينيين يعمل جادا مخلصا لتحسين علاقاتنا مع الدول الأخرى ، فهل أنتم أكثر فلسطينية منه ؟! وابتلع عباس الطعم وحسبه " تكبيرا " له ، وآية مبينة على حاجة الدولتين إليه  . والدول الثلاث ، مصر والسودان وأثيوبيا ، التي ينوي لعمامرة زيارتها للتوافق معها على طرد إسرائيل من الاتحاد الأفريقي ؛ ذات علاقة جيدة مع إسرائيل خاصة مصر وأثيوبيا . والسيسي عراب كبير متحمس للتطبيع  ، وكلما طبعت دولة عربية سارع إلى تهنئتها ومباركة تطبيعها وتشجيعها عليه . وأثيوبيا التي تحتضن مؤسسات الاتحاد الأفريقي صاحبة علاقات قديمة متنوعة مع إسرائيل ، ولها فيها جالية مؤثرة من يهود الفلاشا . واختارت ، إسرائيل ، من هذه الجالية أدامسو ألالي سفيرا لها لدى الاتحاد الأفريقي ، وهو اختيار موفق ، وما  كان لها أن تغفله . سيظهر الرجل واحدا من الأفارقة لونا ولغة وثقافة . وانقلاب سعيد في تونس الذي باركته مصر والنظامان السعودي والإماراتي ، وكانت الدول الثلاث في خلفية صناعته ، سيكون عقبة في سبيل السعي الجزائري لطرد إسرائيل من الاتحاد . سعيد وقت مجيئه لرئاسة تونس وصف التطبيع بالخيانة ، ومؤخرا وصفه بشأن خاص بكل دولة ، ووضعه الجديد سيدفعه إلى تأييده بقوة أكبر ومجاهرة أصرح . وإسرائيل لن تفرط في منجزها القديم المتجدد ، وفي صفها أميركا التي ستعاقب كل من يعمل على حرمانها من هذا المنجز . طرد إسرائيل من الاتحاد الأفريقي ليس سهلا ، فلا أنصار أقوياء أوفياء للجزائر فيه ، أما أعداؤه ومعارضوه فما أكثرهم وما أقواهم ! ويبقى للجزائر شرف المسعى ونبله .إنها الجزائر ، وكفي ب " الجزائر" اسما علما على كل ما هو شريف ونبيل ووفي ومنحاز في إخلاص  وصدق إلى الحق والعدل .  

وسوم: العدد 940