تعامل هواري بومدين مع عبد الناصر، ومالك بن نبي، وإخواننا المشارقة

 

  1. أنهى صاحب الأسطر قراءة كتاب: "Houari Boumediene[1], Un homme, une rėvolution 1954-1962",.
  2. كتب بشأن الكتاب مقال[2] بعنوان: "هواري بومدين.. الرجل والثورة – ترجمة، وتلخيص، وترتيب، وتنظيم معمر حبار"، لمن أراد أن يعود إليه.
  3. وقف القارئ المتتبّع على  4 ملاحظات. سيكتفي بملاحظتين، ومن أراد الرّابعة فليراجع منشورنا عبر صفحتنا[3].
  4. هذه الملاحظات التي وقف عليها صاحب الأسطر لم يشر إليها الكاتب، ولم تكن ضمن مقاصد الكتاب، إنّما هي نابعة من قراءته واستنتاجات تعتمد على قراءات سابقة ومقارناته، وهي:

مالك بن نبي لم يكن مستشار هواري بومدين

  1. جاء في الكتاب -وحسب ترجمتي-: "اعتمد بومدين على فكر فرانس فانون، وشيغفارة".
  2. هذه العبارة تؤكد ماوصل إليه صاحب الأسطر من قراءاته المتعدّدة، في كون مالك بن نبي رحمة الله عليه لم يكن من المستشارين، ولا من المقرّبين للرئيس الجزائري هواري بومدين رحمة الله عليه.
  3. القارىء لكتاب "الدفاتر"[4]باللّغة الفرنسية لمالك بن نبي، والذي يندرج ضمن "مذكرات مالك بن نبي" باللّغة الفرنسية يقف على هذه الحقيقة.
  4. كان صاحب الأسطر يعلم من قبل من خلال قراءاته أنّ قادة الثورة الجزائرية اعتمدوا على فرانس فانون كمستشار للثورة الجزائرية، والآن يضيف لمخزون قراءاته أنّ بومدين كان يتّخذ من فرانس فانون مستشارا له. وللأمانة، لاأعرف هل الفترة المعنية هي الثورة الجزائرية، أم مابعد استرجاع الثورة الجزائرية وأثناء حكم الرئيس الجزائري هواري بومدين 19 جوان 1965- 27 ديسمبر 1978؟.
  5. سبق أن كتب صاحب الأسطر عبر مقالات ومناشير -لاتحضره الآن-، أنّ مالك بن نبي لم يكن راضيا لاتّخاذ الثورة الجزائرية فرانس فانون مستشارا لها، وكان يعتقد -حسب قراءاتي- أنّه الأولى والأحق بالمستشار.
  6. إحدى مظاهر غضب مالك بن نبي من قادة الثورة الجزائرية -في تقديري- اتّخاذهم لفرانس فانون مستشارا للثورة الجزائرية، وعدم اتّخاذه مستشارا لقادة الثورة الجزائرية، وللثورة الجزائرية.
  7. خلاصة، مالك بن نبي لم يكن مستشارا لقادة الثورة الجزائرية، ولا للثورة الجزائرية، ولا الرئيس هواري بومدين[5]رحمة الله عليهم جميعا.
  8. مواقف فرانس فانون من الثورة الجزائرية -وحسب قراءتي- مشرّفة جدّا، والقارىء لكتابه«L’an 5 de la révolution algérienne[6]» يدرك ذلك جيّدا.

بومدين كان مستقلا تماما ومطلقا عن عبد الناصر

  1. لم يكن بومدين -فيما قرأت- أبدا، ومطلقا تابعا لعبد الناصر ولا غيره، وبما فيهم قادته الذين اختاروه وفضّلوه. والمواقف العظيمة التي وقفها بومدين تجاه مصر خاصّة فيما يتعلّق بحرب الساعات الستة سنة 1967، وحرب سنة 1973، كانت -في تقديري- نابعة من كونه ردّ جميل مصر[7]الذي قدّمته للجزائر أيّام الثورة الجزائرية، والعظيم يعرف من أحسن إليه يوم الشدّة.
  2. اتّخذ بومدين قرار مساعدة مصر سنة 1967 بمفرده[8]، وهدّد القادة العسكريين والسياسيين إن خالفوه، وأصروا على مخالفته. وكلّ ذلك لردٍ جميل مصر تجاه الثورة الجزائرية، ولا علاقة له إطلاقا وأبدا -أقول إطلاقا وأبدا- بما أسميته في تعقيبك الكريم ب "تبعيته لعبد الناصر؟ !".
  3. هذه الاستقلالية هي التي دفعته للقيام بالانقلاب العسكري على رئيسه أحمد بن بله رحمة الله عليه، لأنّه كان يرى فيه التّابع لعبد الناصر، والرئيس التّابع لايصلح لحكم الجزائر. بالإضافة إلى أسباب أخرى.
  4. نكرّر، ونؤكد أنّ بومدين قام بالانقلاب العسكري في 19 جوان 1965 لاعتبارات عدّة، منها تبعية بن بلة لعبد الناصر. مايعني أنّ هناك جملة من الاحتمالات، وتبعية بن بلّة لعبد الناصر إحدى هذه الاحتمالات. وكلّ الشكر لمن أضاف حقائق، واحتمالات أخرى لايعرفها صاحب الأسطر.
  5. من وصف انقلاب 19 جوان 1965 الذي قام به بومدين بالانقلاب العسكري مذ كان طفلا، ومراهقا، وشابا ومازال يصفه بالانقلاب وهو على مشارف 56 سنة من عمره، لايمكنه وصفه بـ: "القومية، والنرجسية، وحب الزعامة". وقد سبق لصاحب الأسطر أن انتقد رؤساء الجزائر الأحياء منهم والأموات، والسعودي، والتركي، والإيراني، والفرنسي، والغربي.

بومدين وإخواننا، وأحبّتنا المشارقة

  1. جاء في الكتاب: أنّ بومدين يرى -وهو في مصر- "أنّ المشارقة لايعرفون سكان المغرب العربي، ويتعاملون معهم بازدراء، واستصغار، واحتقار".
  2. لفهم هذه العبارة يستحسن بالقارىء المتتبّع أن يعرف أنّ الرئيس الجزائري هواري بومدين سافر لمصر سنة 1949، وعاد إلى الجزائر إثر اندلاع الثورة الجزائرية.
  3. سبب سفره لمصر هو فراره من أداء الخدمة العسكرية لدى الجيش الفرنسي المحتل. مايعني أنّ بومدين لم يسافر لمصر لتبعية، ولا عن ضعف ومصر يومها قبلة العرب. إنّما لضرورة فرضها الاستدمار الفرنسي.
  4. ظلّ بومدين محافظا على استقلاليته تجاه مصر التي عاش فيها ردحا من الزمن وتجاه إخواننا، وأحبّتنا، وأعزّائنا المشارقة حفظهم الله ورعاهم.
  5. لم يكن بومدين تابعا لأحد سواء لإخواننا المصريين، أو إخواننا المشارقة، أو غيرهم من الفرنسيين، والإتحاد السوفيتي يومها، والغرب.
  6. ظلّ محافظا على شخصيته المستقلّة التي لاتتبع أحدا وهو شاب تحت الاستدمار الفرنسي، وطالب في مصر، وجندي في بدايات الثورة الجزائرية، وقائد أركان جيش التحرير الوطني أيّام الثورة الجزائرية، ووزير الدفاع فيما بعد، ورئيس الدولة الجزائرية عقب انقلاب 19 جوان 1965.
  7. أكاد أجزم أنّ حب إخواننا العرب لهواري بومدين، وتقديرهم، واحترامهم يعود إلى شخصية بومدين المستقلّة، والتي لا تتبع أحدا، بالإضافة إلى عناصر أخرى.
  8. يظلّ حبّنا، واحترامنا لإخواننا، وأحبابنا، وأبنائنا في المشرق العربي العزيز علينا راسخا، وممتدا مذ كنّا أطفالا.
  9. Hamid Abdelkader "Houari Boumediene, Un homme, une rėvolution 1954-1962", CHIHAB ĖDITION, Algėrie, décembre 2012, Alger, Algérie, Contient 126 Pages.

[2]  راجع من فضلك مقالنا بعنوان: "هواري بومدين.. الرجل والثورة – ترجمة، وتلخيص، وترتيب، وتنظيم معمر حبار"، وبتاريخ: الجمعة 4 محرم 1443 هـ الموافق لـ 13 أوت 2021  

[3] راجع من فضلك منشورنا عبر صفحتنا فجر هذا اليوم بتاريخ: الثلاثاء 15 محرم 1443 هـ الموافق لـ 24 أوت 2021، وبعنوان: #مذكرات_المجاهد_سليمان_الغول 6 .

[4]  راجع من فضلك كتاب: Malek BENNABI "mémoires d'un témoin du siècle : l'enfant. L'étudiant. L’écrivain. les carnets " Samar 2ème édition, 2006, Alger, Algérie, Contient 660 pages.

[5] لمعرفة المزيد فيما يخصّ العلاقة بين هواري بومدين ومالك بن نبي، راجع  فضلك مقالنا بتاريخ: الإثنين 8 صفر 1441 هـ - الموافق لـ  7 أكتوبر 2019، وبعنوان: "بومدين كما يراه مالك بن نبي".

[6] راجع من فضلك كتاب: Frantz Fanon « L’an 5 de la révolution algérienne », Edition TALANTIKIT, Bejaia, Algérie, 2015, Contient 168 Pages.

[7] حول المساعدات الضخمة، والهائلة التي قدّمها الرئيس الجزائري هواري بومدين أثناء حرب 1967 و1973، راجع من فضلك منشورنا عبر صفحتنا بتاريخ: الثلاثاء 24 صفر 1442 هـ الموافق لـ 12 أكتوبر 2020 ، وبعنوان: #ساعد_بومدين_مصر_بمائة_مليون_دولار_في_حرب1973_ضدّ_الصهاينة .

[8] حول ردّ هواري بومدين لجميل مصر تجاه الثورة الجزائرية، ورفضه مناقشته في تقديم المساعدات لمصر، راجع من فضلك كتاب: Saphia Arezki « DE  L’ALN A L’ANP. La construction de l’armée algérienne 1954-1991 », Edition barzakh, Blida, Algérie, deuxième semestre, Mars2018, Contient 388 Pages.

وسوم: العدد 943