للذين يفرحون بعزاء أهليهم ... لرصيد من تتحول أرصدة الإسلاميين المتراجعين ؟؟؟

في العالم الديمقراطي خسارة حزب لموقعه في البرلمان، مثل خسارة ناد من نوادي الكرة كأس البطولة في إحدى مبارياته ..!! ليس أمرا جللا ولا هي نقطة تحول في التاريخ.

ليس الأمر جللا أن يخسر أي حزب ، والديمقراطية الرافعة الخافضة تبقى دائما هي المكسب الذي يجب أن نفرح به، ونحرص عليه، ولا بأس أن يخسر حزب ويربح وطن.

ويتأكد هذا المعنى أكثر عندما تكون أسباب الخسارة المباشرة وغير المباشرة هي أسباب ديمقراطية محضة، رسالة من صندوق الاقتراع إلى بعض المشاركين فيه، أعيدوا حساباتكم، فقد أخطأتم في الجمع أوالضرب أو القسمة. لا ينبغي أن نقلق من خسارة أي حزب - أي حزب - في صندوق الاقتراع، بل يجب أن نفرح لأن صندوق الاقتراح ليس مجيرا لمصلحة أحد، ولأن مفتاحه ليس في جيب " أبو لمعة " الذي تعرفون ..

والتأمل في مخرجات أي صندوق اقتراع، في أي بلد في أي مرحلة هو عمل الناصحين العقلاء ، يقول بعضهم لبعض: أحسنوا مدخلاتكم تحسن مخرجاتكم.

ولكن العجيب في عالمنا العربي، أن بعض الذين أسقطهم التاريخ من حساباته، أو وصلوا كما كتب مشغلوهم عنهم إلى " نهاية التاريخ " وصرنا نتلفت حولنا عند كل صباح ومساء ونقول " وينون " ، يتسابقون في فضاء أي خسارة لبديلهم الأمثل والأقرب إلى إعلانات الفرح ، والإسهاب في الشماتة، والمبالغة في تضخيم أي خسارة تصيب "خصومهم" في حالة غوغائية، يشبهها مثلنا البلدي "بالذي يفرح بعزاء أهله"..

لا يسأل هؤلاء الغوغائيون الشامتون المتهالكون على النقمة أنفسهم : لمصلحة مَن يخسر الفريق الإسلامي المدني الذي يتمسك بإيمانه بصندوق الاقتراع، وبالشراكة الوطنية مع المتفق والمختلف، وبالدولة المدنية في ظل المقاصد العليا للشريعة ؟؟ هل يخسرون لمصلحة " فراطة العنب" المتبقية في صناديق اليسار ، المعدة أصلا للتخليل وليس للتخمير !!

لمصلحة مَن تزاح القوى القابلة للاندماج، والتعايش، أو تخسر عندما تخسر إذا كان البديل الجماهيري بين المحيط والخليج هو تلك القوى التي تظل تسخر من صندوق الاقتراع، ومن سلميتنا أقوى من الرصاص، وتصر على المضي في طريق "طالبان" ، وتقول للمستقوين بالروس والأمريكان أو بالوزير والسفير : أرأيتم طريق طالبان هو الطريق ..

بالطبع نحن نحيي مشروع طالبان كمشروع تحرر وطني أولا ..ونتمنى لطالبان أن تلهم رشدها في تبني مشروع إسلامي مستقبلي يصلح أحوال المجتمع الأفغاني وعلى مقاسه؛ ولكن الذي رأيناه من برامج هذه المجموعات بين ظهرانينا، لا يبشر بخير ، ولا يسمح لنا أن نستبشر ، ولا نظن أن عاقلا يفرح أن تتقدم هذه القوى فتفرض أجندتها على أي مجتمع من مجتمعات المسلمين...

نعم قد يخسر العدالة والتنمية المغربي، وقد يزيح أهل السفاهة حركة النهضة عن مكانتها، ونجح العسكر في الإطاحة بمرسي ولكن ليس لمصلحة حمدين صباحي ولا شفيق ولا عمرو موسى ...

أعترف مثلا أن أسهم جماعة الإخوان المسلمين في سورية قد انكمشت كثيرا بعد الثورة..حصل ذلك بفعل عوامل كثيرة ، منها الدعاية السوداء، ومنها تآلب الأعداء ، وأهمها وأخطرها ما كان من كسب اليمين ..

ولكن رصيد هذه الخسارة صار لمصلحة مَن ؟؟؟ هذا هو السؤال الذي يطرح نفسه على جدول أعمال العقلاء ..!!

في علم الربط بين القاطرات هناك نابض كبير يفصل القاطرة والقاطرة، ليقي القاطرتين شر الاصطدام، يقول البنّاء الحكيم: الحجر لا يريكب على الحجر إلا أن يكون بينهما كف طين...

عندما يتحدث القرآن عن تدبر الآيات، فهو يحث على التفكر في أدبار الأمور أي مآلاتها ..

السؤال الحقيق اليوم : الأسهم التي يخسرها أصحاب المشروع الإسلامي المدني المستقبلي، في رصيد من تكون ؟؟؟!!!!

لعلكم تتدبرون ...

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 946