الجامعة العربية بين الغضب والدبلوماسية ... تصريحات "أحمد أبو الغيط" المقدرة !!

عمليا كلنا نعلم أن الجامعة العربية لا تتمتع بأي ثقل حقيقي على المستويين، الدولي والإقليمي. حقيقة نقررها مع المرارة وليس مع التشفي والشماتة.

ثقل المنظمات من هذا النوع من ثقل الدول صاحبة القرار فيها. والجامعة العربية جامعة لدول كلنا يشفق على حالها، إشفاق رثاء أو إشفاق ازدراء حتى لا تسبقوني..

القرار العربي الموحد كان يمكن أن يكون له شأن، ولكن ...أول قمة في وعي، وهي ثاني قمة تاريخيا، هي التي دعا إليها عبد الناصر، ودخلناها ونحن أطفال، تحت عنوان : نهر الأردن ما بيتحول .. 1964 والباقي عندكم..

وكانت القمة الثانية تلك التي صاحبت أحداث إيلول في الأردن، وتوفي على إثرها عبد الناصر/ ..

في إطار الثورة السورية بدلا من أن تشكل الجامعة العربية قوة عسكرية مثل" قوات الردع العربية !!" تأخذ على عاتقها لجم عمليتي القتل والانفلات، والمسارعة إلى المقاربات العملية، اختارت الجامعة أن تجمد عضوية سورية فيها، وترفع أمر الوضع في سورية إلى مجلس الأمن !! قرار ربما أرضى غضبنا المتقد يومها ، ولكن ألم يكن القادة العرب يقدرون دور 17 قرارا روسيا يتهددوننا في مجلس الأمن..!! استقالوا من القضية وأحالونا على المجهول، وفرحنا ...ألا ينبغي أن يستغفروا الله من ذلك الغضب، ونستغفره من ذلك الفرح أجمعين. وأظن أن اتفاقية الدفاع العربي المشترك كانت تخولهم الكثير.. استقالوا ، وتولى المهمة عنهم الروس والإيرانيون، وقضيتي أننا كنا الفرحين ( إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ ) فرح البطر وفرح العمياء ..

حقيقة مؤسسة لعلم السياسة لا يصنعها الانفعاليون لا الغاضبون ولا الساخطون، وتقول العرب إن هذا الأمر لا يصلح له إلا الرجل المكّيث

في التعليم الدبلومسي : لا تقطع حبل السياسة، وابن على الإيجابي ولو كلمة..

في 27/ 10 / 2021 أجرى الأمين العام للجامعة العربية " أحمد أبو الغيط" مقابلة مع قناة " صدى البلد" قال فيها كلاما قد يعجبنا، بل يجب أن يعجبنا، ولا يجوز أن نكون مروجين لما يريد بشار الأسد من حيث لا ندري فنظل نردد أن الجامعة العربية تعتذر لبشار ، والقادة العرب يستخذون أو يتخلون أو يتنازلون ...المستفيد السياسي الأول من ترديد هذا هو بشار الأسد، ثم لعله حك مؤذ على جروحنا!! نعم الترويج لهذه الأخبار اختلاقا وكذبا أو تفسير وتعليلا هو عمل على محور ذباب الأسد الالكتروني ولكن بلا أجر ولا أجرة!!

قال الأمين العام للجامعة العربية السيد أحمد أبو الغيط في رد على سؤال حول احتمال بشار الأسد لإلى مقعد الجامعة : لم أرصد أي طلب عربي رسمي أو غير رسمي بشأن بدء عودة دمشق لمقعدها في الجامعة !!

صفقوا لهذا الكلام واصفعوا به وجه الروس والإيرانيين وزمرة الأسد أجمعين ، هذه هي الخيارات المتاحة ..

ويحمّل ألسيد أحمد أبو الغيط في المقابلة نفسها بشار الأسد كل المسئولية عما حدث في سورية وللسوريين فيقول: " إن تصرفات النظام لا تعفيه من تحمل مسئولية الموقف تحت قيادته" كلام يجب أن يؤطر ويحفظ ويستشهد به في كل مقام...ليس الثوار العفويون هم من أوصل سورية إلى نقطة اللاعودة، بل الذين كان يفترض فيهم أن يكونوا الحكماء حتى في الالتفاف والاحتواء " وكان القتل أفضل خياراتهم، وكان الاستعانة بالأجنبي أولها .."

يضيف السيد أبو الغيط مشكورا " إن ما حدث في سورية كان أمرا كبيرا واستثار غضب عرب كثيرين " وأقول وما يزال..

وليس من مصلحتنا أن نقلل أو نهون من شأن العرب عددا وموقفا ..

سيقول لي قائل منكم : ولكنك تنسى ما قاله، فلان، وما فعله فلان، وتختار بل تنتقي من كلام أبي الغيط كلمات وتنسى أخريات ..

وأقول له صدقت، والأمر كما تقول، ولكن لنتعلم أن ما أفعله وما أقول به هو الحق في قوانين العمل السياسي، كما أن ميزان توريشللي هو الحق في معيار قياس الضغط الجوي ..

أصارحكم بأخرى: في تاريخ التقنين الإنساني، كان بعض البشر ضد التقنين أصلا، وقالوا وهل هذه القوانين إلا ستارا لحماية الضعفاء. وأظلوا يؤكدون أن الحق يجب أن يظل مطلقا للأقوى. وأن الذي لا يظلم الناس يجب أن يُظلم. وأن البقاء للأقوى" دارون" في نظرية الاصطفاء الطبيعي، ولا يحق للضعفاء أن يتكاثروا " النازية "

أردت أن أقول للسيد أحمد أبو الغيط وللدول العربية التي ما تزال غاضبة جهرا أو سرا : شكرا ..

وإنني آلم كما تألمون..

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 953