تصعيد حفتر بين تل أبيب وباريس ودبي!

حسب صحيفة «التايمز» البريطانية، فإن الجنرال خليفة حفتر، الذي يسيطر على شرق وجنوب ليبيا، قد أرسل طائرة خاصة قادمة من دبيّ تحمل ابنه صدّام هبطت في مطار بن غوريون، وأن ابن حفتر عرض الاعتراف بإسرائيل إذا وفّرت لوالده الدعم العسكري والدبلوماسي للوصول إلى السلطة.

المنطق الذي اعتمده حفتر لهذه المقاربة، برأي الصحيفة، هو أن الرئيس الأمريكي جو بايدن، «سيجد صعوبة في معارضة حفتر لو أنه قدم منظور اعتراف دولة عربية بإسرائيل إلى جانب الإمارات والسودان والمغرب والبحرين»، أما صحيفة «إسرائيل اليوم» فنقلت عن «مصادر رفيعة المستوى في ليبيا مقربة من حفتر»، أن الأخير تحدث في عدة مناسبات عن رغبته في التطبيع مع إسرائيل، وأنه سيعمل على ذلك «إذا ما انتخب للرئاسة في الانتخابات المقبلة».

حصل تمهيد ليبي داخلي لهذا السيناريو عبر إقرار مجلس النواب الليبي، الذي يعمل داخل مناطق سيطرة حفتر، ويرأسه عقيلة صالح، المقرب من الجنرال، قانونا للترشح اعتبره محللون وساسة ليبيون، مصمما «على مقاس حفتر»، وقد تم دعمه من قبل مفوضية الانتخابات، وتم إفشال محاولات نواب وأعضاء مجلس الدولة للاعتراض عليه قضائيا، لكون الدائرة الدستورية في المحكمة العليا الليبية غير مفعلة، كما أن مقاطعة الانتخابات ستجعل طريق حفتر للرئاسة أكثر سهولة.

مؤتمر باريس حول ليبيا، الذي بدأ اليوم، في هذا السياق، هو محاولة من فرنسا، التي كانت من أبرز داعمي حفتر الدوليين، لتأمين غطاء دولي لهذا السيناريو، فباعتماد المشاركين في هذا المؤتمر، الذي كانت نائبة الرئيس الأمريكي، كامالا هاريس، أبرز المشاركين فيه، إضافة إلى إيطاليا وألمانيا واليونان وإسرائيل، وتمكنه من إصدار قرارات تحصن الانتخابات المقبلة من أي طعون، سيعني عمليا دعم المنظومة الدولية لهذا السيناريو، وبذلك يتمكن حفتر من الوصول إلى الرئاسة بالطرق السياسية، بعد فشله في السيطرة على كامل ليبيا سابقا، وتتمكن القوى الإقليمية العربية والغربية المناصرة لحفتر من تحقيق هذا الهدف الذي فشلت فيه عسكريا سابقا.

يجيء المؤتمر في توقيت حرج عالميا وعربيا، حيث حصل انقلابان عسكريان في دولتين مجاورتين لليبيا، هما السودان وتونس، وجاءت دعوة اليونان وإسرائيل لتدفع تركيا (لتي كانت الداعم الرئيسي لمجلس الرئاسة والحكومة الليبيتين السابقتين) لرفض المشاركة، كما رفض رئيس الجزائر، عبد المجيد تبون، وهي دولة ذات ثقل أيضا في الملف الليبي، حضور المؤتمر، واكتفى رئيس وزرائه، رمطان لعمامرة، عبر تلفزيون بلاده الرسمي، بالتعبير عن خشية بلاده من انتخاب حفتر، وانزعاجها من أنباء تعهده بالتطبيع مع إسرائيل.

ساهم المجلس الرئاسي، والحكومة الليبية الحاليان، عمليا، بالوصول إلى هذا السيناريو، فقد مكّن وصولهما إلى سدة المجلس الرئاسي والحكومة من إخراج فايز السرّاج وحكومته، وذلك بعد تمكن السراج، وطاقمه، من إدارة البلاد بطريقة أوقفت تمدد تنظيم «الدولة الإسلامية»، كما منعت حفتر من السيطرة على غرب ليبيا، وبذلك وفّر المجلس الرئاسي الحالي، الذي يرأسه محمد المنفي، ورئيس الحكومة الدبيبة، المرحلة اللازمة للانتقال من التصدّي لحفتر، عبر الاختلافات بين الشخصين، وعبر السذاجة السياسية التي قوبلت بها مناورات الداعمين العرب والدوليين لحفتر.

السؤال المهم في هذا السياق: هل لعبت زيارة صدّام، ابن حفتر، إلى إسرائيل، دورا في مشاركة نائبة الرئيس الأمريكي في المؤتمر، وكذلك في إقناع بعض الدول الغربية بالموافقة على هذا السيناريو المخيف لليبيا، وإذا كان الحال فعلا كذلك، فهل صار التطبيع مع إسرائيل هو الطريق إلى الزعامة في الدول العربية؟

وسوم: العدد 955