من أنتَِ حتى تناقشي وتسألي وتراجعي بعض الاجتهادات؟

عابدة المؤيد العظم

والجواب: "أنا المرأة المعنية بتلك الفتاوى، والتي يوجبون عليَّ تطبيقها، وهي لا تستقيم"، وأضرب مثالين:

1- أنا تلك المرأة التي ولدت 5 مرات ونفاسها 70 يوماً بكل مرة... لكن:

عليَّ اعتباره 40 يوماً (وبحد أقصى 60)، والسبب اجتهاد من رجال لم يعاينوا الحيض ولم يجربوا الاستحاضة! فكيف أصلي، وأنا أعلم أني غير طاهرة يقيناً؛ فلون الدم وشكله وأعراضه "نفاس"... مما يستدعي النظر بالفتوى وتعديلها. 

2- أنا تلك المرأة التي أنجبت عشر أولاد، وفي كل مرة كانوا يقولون لها "التسمية حق للأب وحده": أفلا يحق لي بعد مشقات الحمل والولادة، تسمية ثُلُثهم، أو طفلاً؟ أو نتفق على اسم يتقبله الطرفان؟ 

ثانياً- ونرجع عليهم لأنهم طالبوا بهذا، فقال مالك: "أنا بشر أخطئ وأصيب، انظروا في رأيي فما وافق الكتاب والسنة فخذوه، وما لم يوافق فاتركوه". ومثله قال كثيرون.

والفقهاء أنفسهم غيروا وبدلوا في فتاويهم حين ظهرت لهم أمور وأدلة، ولو عاشوا لغيروا

3- الرجوع على الفقهاء لا يحتاج أحياناً لعلم وفقه، وتكفي الفطرة السليمة، فالشريعة تتوافق مع العدالة والرحمة والإنسانية: وخولة التي قال لها المصطفى: ما أراك إلا قد طلقت منه (وهو النبي والمُشَرِّع)، لم تقتنع، وصارت تجادله، وتوضح له بكلام عاطفي واقعي منطقي أنها لم تطلق، ولا بد أن لها حكماً آخر... فلم يقل لها: من أنت حتى ترجعي علي، وما هي درجتك العلمية وشهاداتك، وما هو تخصصك؟"، وإنما نزل القرآن ليؤكد قوة حدسها

رابعاً- ولكثرة ما خوفوا الناس من الإفتاء، خلطوا الأمر عليهم، فصاروا يظنون أن "نقل فتاوى الفقهاء اجتهاد"!؟

خامساً- يقولون "الفتوى لا تؤخذ إلا من متخصص:، ولكن وعند التحصيص والبحث نكتشف شيئاً مثيراً: فكثير من الوعاظ والشيوخ والمفيتن متخصصون: بالطب، أو السياسية، أو الاقتصاد... ولكن الفتوى المتشددة تقُبل من أي شخص !؟ في حين لو جاء العلامة والمتخصص والمجتهد (كالقرضاوي والددو...) بفتوى لم يألفوها أو تخالف عاداتهم، قاموا عليه!

إذن القضية ليست تخصصاً كما يدعون، وإنما هي: "ماذا تقول؟"، و"إياك والذي لا نعرفه، ولو كان مدعوماً بأدلة"

سادساً- وللأسف بعض الذين يتصدرون للوعظ والفتوى، يكون موقفهم من الفتاوى الموثوقة (غير المألوفة للعامة) الرفض، ومحاولة الإخفاء

سابعاً- ينبغي التفريق بين المغرضين الذين يخرجون بتأويلات بعيدة وغير شرعية... وبين الباحثين الجادين المتقين الذين يتبعون ما قال ابن حجر الهيتمي في الفتاوى الكبرى : "يؤخذ بفتاوي المخالفين الموثوقين"، وليس من المذاهب الأربعة وحدها، فيقومون بإبراز فتاوى موجودة وموثقة، ولأنها أكثر مناسبة للعصر ينشرونها (ولا يخترعونها من عقولهم)؛ وهذه اهم فكرة

وسوم: العدد 963