إيران وحلفاؤها في سوريا ولبنان يتحكمون بتجارة الكبتاغون المنتشرة في المنطقة

بثت القناة الرابعة في التلفزيون البريطاني تقريرا أعدته ليندزي هيلسوم حول تحول كل من سوريا ولبنان إلى دولتي مخدرات.

وقالت إنها زارت مصنعا يستخدم آلات لصنع الشوكولاتة في البقاع اللبناني، جنوب لبنان لإنتاج “إمفيتامين” التي تعتبر من المخدرات في بريطانيا. وقالت إن الحرب في البلدين حولتهما إلى دولتين لإنتاج وتصدير المخدرات إلى دول الخليج، حيث تباع الحبة بعشرة دولارات في السعودية لآلاف المدمنين وتعطيهم النشوة وتدمر صحتهم.

وقال المنتج الذي لم يكشف عن هويته إنه يعمل في هذا المجال من أجل النجاة وتوفير الأساسيات فيما يحقق المسؤولون البارزون في لبنان وسوريا مليارات الدولارات من تجارة الكبتاغون. وقال إن الحاجة هي التي تدفعه في وقت بات فيه الناس يقتلون من أجل حفنة دولارات وقال “الناس بتشتغل بالدعارة وتتاجر بالمخدرات والحشيش وتقتل وتسرق”. وقال إن الجريمة موجودة في لبنان بسبب الفساد ولو لم يكن هناك فساد لما وجدت الجريمة.

 وقالت هيلسوم إن هذا المصنع هو واحد من عدة مصانع موجودة في البقاع الذي طالما زرع سكانه الحشيش وتاجروا فيه، لكن الصناعة هذه لا تحتاج سوى غرفة وآلة ومواد كيماوية يتم استيرادها بشكل قانوني. وتسيطر على البقاع جماعة حزب الله، حليفة النظام السوري وتدعمها إيران وجزء من الحكومة اللبنانية.

ونقلت الصحافية عن مكرم رباح من الجامعة الأمريكية في بيروت قوله “في الوقت الحالي سوريا ولبنان وكل الدول الخاضعة لسيطرة إيران هي من الناحية الفنية دول مخدرات وهي للأسف حقيقة لم يعترف بها اللبنانيون بعد وتمنع التعافي من الانهيار الاقتصادي”.

وينفي محمد جعفر زعيم عائلة في البقاع أن تكون عائلته على علاقة مع تجار المخدرات ولكنه يعترف أن رجاله المسلحين يقومون بحماية الحدود إذ ارتبط بعض أفراد عائلته بالتجارة. وقال: “هناك تجار معروفون في المنطقة، وقد يكونون زعيتر أو جعفر وهذا معروف بالإعلام والخارج”. وأكد أن الجريمة انتشرت في لبنان ولكنه لام المسؤولين البارزين والسياسة الظالمة والنظام المجرم والفاسد والقضاء المجرم. وقالت إن رمز انهيار لبنان ونخبته هو انفجار بيروت قبل عام ونصف حيث دمر عنابر تخزين الحبوب والتي سمح الساسة بتخزين نترات الأمونيوم فيها لمدة ستة أعوام.

وباتت المخدرات هي الصادرات الرئيسية للبلد. ففي الشهر الماضي تم اعتراض شحنة برتقال وتم الكشف أنها تحتوي على شحنة من حبوب الكبتاغون بقيمة 9 ملايين دولار. والبرتقال ليس الفاكهة الوحيدة التي يتم من خلالها تهريب المخدرات، فقد تم الكشف عن شحنة من الرمان أرسلت إلى السعودية وتحتوي على حبوب الكبتاغون وهو ما دعا الرياض لمنع استيراد كل المواد الزراعية من لبنان. ولا يتم تصنيع الكبتاغون في لبنان بل وفي سوريا الواقعة تحت التأثير الإيراني حيث يتم تهريبه برا إلى السعودية عبر الأردن وتركيا وبحرا عبر قطر والإمارات وليبيا وكميات صغيرة ترسل إلى أوروبا. وفي عام 2018 أوقف خفر السواحل سفينة نوكا التي تحمل العلم السوري وكانت محملة بحبوب الكبتاغون في طريقها إلى مدينة بنغازي الليبية. وجاءت السفينة من ميناء اللاذقية معقل نظام بشار الأسد. وفي عام 2020 شكل الكبتاغون الذي تمت مصادرته خمس المواد غير المشروعة من الكبتاغون المصادرة من سوريا.

ومن النادر أن يظهر بشار الأسد في المناسبات العامة لكن المطبلين له حاضرون في كل مكان، ويسيطر الجيش والفرقة الرابعة تحديدا والتي يقودها شقيقه ماهر الأسد على ميناء اللاذقية وتجارة المخدرات.

ويحكم الأسد اليوم بلدا مدمرا في صورة عن انتصار فارغ ولا حلفاء له سوى إيران وروسيا. والمخدرات ليست المصدر الرئيس للدخل في وقت يعاني شعبه من الأوضاع الاقتصادية. ولكن تصديرها لدول الخليج هي محاولة من الأسد للانتقام من هذه الدول التي دعمت المعارضة ضده في بداية الحرب الأهلية عام 2011. وقال رباح من الجامعة الأمريكية في بيروت إن “المخدرات أصبحت مع بداية الحرب الأهلية وسيلة وسلاحا يستخدمها النظام السوري وإيران ضد لبنان ودول الخليج، من خلال كسب المال من مخدرات رخيصة وقدرتهم على تهريبها إلى الخليج من أجل الحصول على الأموال الباهظة. ولهذا السبب أصبح أمفيتامين وكبتاغون مرادفين لحزب الله ونظام الأسد”.

وفي عام 2020 تم الكشف عن 88 مليون حبة مخدرات قيمتها مليار دولار في ميناء ساليرنو الإيطالي. واعتقدت الشرطة الإيطالية أن المخدرات هي من تنظيم الدولة والجهاديين الذين يعتمدون على المخدرات لتمويل عملياتهم ولكنهم اكتشفوا لاحقا أن المخدرات جاءت من ميناء اللاذقية وبحماية من حزب الله. وفي حادث آخر اكتشفت الشرطة اللبنانية شحنات تم تهريبها في أكياس القهوة حيث كانت معدة للمرور عبر الأردن إلى السعودية. ونقلت الصحافية عن العقيد جوزيف مسلم من الأمن الداخلي اللبناني قوله إن تجارة الكبتاغون لم تكن موجودة في لبنان ولكنها انتشرت بعد الحرب الأهلية في سوريا. واكتشف التجار أنها مربحة ودائمة لأن موسم الحشيش مرة واحدة في العام.

وأشارت هيلسوم إلى أن مصانع المخدرات في الجنوب متحركة لتجنب الأمن اللبناني ولكن المشرفين عليها ورعاتها هم فصيل وجزء من الحكومة اللبنانية. وقال مكرم رباح إن من يقدم الحماية ويسيطر على هذه التجارة هو حزب الله وإيران وميليشياتها التي تقدم الحماية وتكسب الأموال الكثيرة منها.

وفي شوارع بيروت يكافح الناس للعيش اليومي وسط انهيار للعملة ويعيش معظم الناس في الفقر. وباتت الخطوط بين التجارة غير المشروعة والدولة غير واضحة. وتجارة الكبتاغون هي نتيجة الحرب والفساد وتنتشر نتائجها من ميناء بيروت المدمر إلى كل أنحاء الشرق الأوسط.

وسوم: العدد 964