تنبيه مستعملي وسائل التواصل الاجتماعي إلى ما في بعض الخزعبلات المنسوبة بهتانا للدين

تنبيه مستعملي وسائل التواصل الاجتماعي إلى ما في بعض الخزعبلات المنسوبة بهتانا للدين والتي تمرر عبرها استغلالا لعاطفة الناس الدينية

يتداول مستعملو وسائل التواصل الاجتماعي بين الحين والآخر بعض الأخبار أو بعض المعلومات على  أساس أنها ذات علاقة بالدين، وما هي من الدين في شيء إن هي إلا خزعبلات تبعث على الضحك والسخرية . ولقد مرت بي نماذج من هذه الخزعبلات آخرها  خزعبل توصلت به من أخ فاضل يتحرى كل ما له صلة بالدين غيرة عليه ، وهو واجب كل مسلم غيور على دينه ، يقول فيه صاحبه أنه من سوء الأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وصفه بالأمي الذي لا يقرأ ولا يكتب ، ويزعم كاذبا عليه وهو يتبوأ مقعده من النار أنه عليه السلام كان يقرأ ويكتب بثلاثة وسبعين لسانا  ، ويزعم أيضا أن وصفه عليه السلام بالأمي هو نسبة إلى أم القرى مكة المكرمة ، وبهذا الزعم أقام صاحبه الحجة على نفسه بأنه جاهل باللسان العربي ، ذلك أن النسبة إلى الاسم المركب تركيبا إضافيا تكون إلى المضاف إليه لا إلى المضاف  ، فلا يقال للمنسوب إلى أم القرى  أمي بل يقال  قروي  ، وهذه قاعدة النسبة في اللسان العربي التي يدرسها المتعلمون في مستوى التعليم الابتدائي.

أما  الذي وصف النبي صلى الله عليه وسلم بالأمي، فهو رب العزة جل جلاله في محكم التنزيل ، وليس في هذا الوصف ما يؤثر على قدر سيد ولد آدم عليه السلام بل هو  يرتبط بمعجزته التي هي أعظم المعجزات على الإطلاق، وهي القرآن الكريم الذي تحدى الله عز وجل الإنس  والجن مجتمعين، وبعضهم لبعض ظهيرا أن يأتوا بمثله في قوله عز من قائل : (( قل لو اجتمعت الإنس والجن  على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا )) ، وقد اختار الله عز وجل رسوله صلى الله عليه وسلم لتبليغ هذا القرآن للعالمين وهو أمي لا يقرأ ولا يكتب تأكيدا للمعجزة إذ لو كان كاتبا وقارئا لشكك المشككون في كونه معجزة ، وقد حصل ذلك بالفعل من بعضهم كما جاء في قوله تعالى : (( وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا )) ، وقد فنّد سبحانه وتعالى قول من قال هذا بقوله جل وعلا : (( وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذن لارتاب المبطلون )) ، ولهذا فالمعجزة العظمى هي أن يبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن الكريم للناس، وهو أمي لا يقرأ ولا يكتب، وذلك حجة عليهم .

ولنعد إلى من زعم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكتب و يقرأ من ثلاثة وسبعين لسانا ، فهو يزكي قول من زعموا أنه اكتتب القرآن الكريم، وأنه قد أملي عليه  بكرة وأصيلا ، فإن كان الزاعم  قد فعل ذلك بدافع عاطفة دينية ، فهي سذاجة وغباء  منه ، وإن كان سيء النية والطوية ،فقد افترى بهتانا على رسول الله صلى الله عليه وسلم كما فعل من زعموا أن القرآن الكريم قد أملي عليه وأنه اكتتبه . ومهما كانت النية التي انطلق منها مسوق هذا الزعم عبر وسائل التواصل الاجتماعي طالبا من مستعمليه نشره على أوسع نطاق ، فقد زلت قدمه ، وجاء ببائقة .

وليس هذا الخزعبل الوحيد الذي تداولته وسائل التواصل الاجتماعي  بل هناك خزعبلات أخرى أذكر منها على سبيل التمثيل لا الحصر زعم من زعم أن الضرب في آية معالجة نشوز الناشزات من النساء ليس ضربا على وجه الحقيقة ،وراح يسرد كل دلالات الضرب المجازية  في اللسان العربي  ليبرهن على صحة زعمه حسب ظنه ، وهو بذلك أحد اثنين : إما قائل ذلك بدافع عاطفة دينية  في غير محلها قد جعلته يغار على شرع الله عز وجل غيرة يتوهمها   حتى لا يتهم في ظنه بالعنف ضد المرأة  كما هو رائج عند أعدائه وخصومه ،  وهو بهذا مغفل وساذج أو هو صاحب نية مبيتة يريد العبث بشرع الله عز وجل  وهو متخندق في خدق أعدائه.

وهناك خزعبلات أخرى لا داعي للخوض فيها  الآن لأن القصد هو تنبيه مستعملي وسائل التواصل الاجتماعي إلى أن بعض السذج أو بعض المغرضين  يحاولون ركوب عاطفتهم الدينية  لتمرير خزعبلات  تنسب إلى الدين وما هي من الدين في شيء ،  بل هي  متهافتة  وملفقة  لا أساس  لها من الصحة ، و يزعمون أنهم يصححون ويصوّبون  ما يخطئونه من المعلوم من الدين  والمشهور والمتواتر بشهادة أهل العلم والاختصاص . وبناء على هذا يجب على مستعملي وسائل التواصل الاجتماعي تحري الحقائق  بخصوص ما يتوصلون به  من مواد إعلامية ، وعدم التسرع  في نشرها  وإشاعتها على أوسع نطاق تبرئة للذمم ، وذلك بعرضها على أهل العلم والمعرفة ، وقد صارت اليوم لهم مواقع على الشبكة العنكبوتية، معروفة ومشهورة .

وأخيرا لا بد من الإشارة إلى أنه من واجب كل من اكتشف شيئا من هذه الخزعبلات أن يفضحها لتصير مكشوفة لدى الجميع ، وذلك  من إنكار المنكر والنهي عنه ، وهي فريضة تلزم  أمة الإسلام  التي بوأها الله تعالى منزلة خير أمة أخرجت للناس.

وسوم: العدد 965