في طريقنا نحو الفناء

كاظم فنجان الحمامي

كاظم فنجان الحمامي

[email protected]

لم تنجح أمريكا في تنفيذ مشاريعها الاستعلائية في أي مكان في العالم مثلما نجحت في تنفيذها في الشرق الأوسط, ولم تتفنن في افتعال الحروب والأزمات مثلما تفننت في افتعالها بين صفوفنا نحن العرب, ولم تتفوق إسرائيل على بلد من بلدان القارات السبع مثلما تفوقت علينا على الرغم من كثرتنا وضئالتها, ولم تنجح إسرائيل في تدميرنا مثلما نجحنا نحن في تدمير أنفسنا بأيدينا, ولم تخضع شعوب الأرض لتجارب التركيع والتجويع والتطبيع والانبطاح مثلما خضعنا نحن, ولم تستهدفها حملات التضليل والتمزيق والتشريد والتهجير مثلما استهدفتنا, حتى أصبحنا على قناعة تامة أن ديارنا صارت منذ زمن بعيد مسرحاً مفتوحاً لكل السيناريوهات الدموية القاتلة, وأن زعمائنا كانوا مجرد كومبارس, أو أحجار مبعثرة على رقعة الشطرنج, تحركوا من دون وعي بين النيل والفرات بتوجيه من القوى الدولية الغاشمة, فاشتركوا في ارتكاب الهفوات والحماقات, ثم بانت سوءاتهم فتنازلوا عن حقوقنا وثرواتنا, وجازفوا بحاضرنا ومستقبلنا, ولم يعد وراءنا وراء.

">

هل جربت مراكزنا الإستراتيجية في يوم من الأيام أن تتعمق باحتساب أموالنا المهدورة على شراء الأسلحة الخاسرة, التي اشتريناها من ترسانات الغرب ؟. وهل تعلمون أن أموالنا التي أحرقتها براكين الحروب المفتعلة تكفي لإعمار الكون كله بقاراته ومدنه وأريافه وبحاره ومحيطاته ؟, وهل تعلمون أن الأموال التي التهمتها نيران الحرب العراقية الإيرانية وحدها تجاوزت في عامها الأول تكاليف الحرب العالمية الأولى, وتجاوزت في منتصف عامها الثاني تكاليف الحربين الكونيتين ؟.

">

هل حاولت مراكزنا الإستراتيجية في يوم من الأيام أن تحصي أعداد الضحايا الذين لقوا مصرعهم في الانفجارات الإرهابية, التي تخصصت باستهداف الشعب العراقي وحده من بين شعوب أقطار السماوات والأرض ؟, وهل فكرت في يوم من الأيام باحتساب أوزان المواد المتفجرة, التي نسفت مدارسنا ومساجدنا وأسواقنا من 2003 إلى 2013 ؟, وهل حاولت احتساب الأرقام التخمينية لحجم الأموال التي تبرعت بها المنظمات الظلامية لدعم الإرهاب في الوقت الذي تتظاهر فيه بمكافحته ؟.

">

هل لديكم فكرة عن أعداد الضحايا السوريين الذي سحقتهم بلدوزرات النزاع المسلح منذ انطلاق الرصاصة الأولى وحتى يومنا هذا ؟, وهل لديكم فكرة عن حجم الميليشيات المسلحة الدخيلة على أرض الشام ؟. وهل تعلمون أن السلاح الذي تمتلكه الآن القبائل الليبية المهيأة لخوض الصراع الدموي المرتقب ضد بعضها البعض يضاهي حجم السلاح الذي كانت تمتلكه حكومة القذافي ؟. وهل تعلمون أن القبائل الجزائرية باشرت بمشاريع التسليح التمهيدي استعداداً لخوض معركتها الانفلاتية الفوضوية على الطريقة الليبية ؟. وهل تعلمون أن القبائل العراقية شرعت منذ بضعة أعوام باستعراض ذخيرتها الحية في المآتم والأعراس ؟. وهل تعلمون أن فقهاء السوء أفتوا بشرعية الأحزمة الانتحارية الناسفة باعتبارها الطريقة المضمونة في الوصول السريع إلى الجنة ؟. ألا يعني هذا أننا اقتربنا من العد التنازلي للفناء الذاتي, وأن أرضنا وثرواتنا ستكون ملكاً لغيرنا بعد انقراضنا وانصهارنا في أفران الحروب والمعارك المشفرة ؟.

ربنا مسنا الضر وأنت أرحم الراحمين