فروخ المسلمين الأشدّ عداوة

مما يتفطر له القلب كمداً وغماً، وتذوب له الأحشاء ألماً وحزناً، ويتمزق له الكبد أسىَ وتوجعاً، ويتيه الحليم حيراناً، ويشيب له الولدان؛ لهول ما آل إليه حال أفراخ المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، من انحدارٍ في فهم عقيدة التوحيد، وتطبيقها على أرض الواقع، وإسفافٍ في الأخلاق، وتردٍ في السلوك، وانحرافٍ عن منهج الله تعالى

فالإسلام! جاء ليكون منهج حياة للمسلم؛ ينظم له حياته أدق تنظيم، ويضمن له السعادة في الدنيا والآخرة، ويحقق العدل والمساواة، بين جميع الناس - مسلميهم وغير مسلميهم-، إذ أن قانون الله، يضمن العدل، وإعطاء الحق، لجميع البشر، أبيضهم وأسودهم، أشقرهم وأسمرهم، ذوي العيون الزرقاء والعيون السوداء، ولا يفرق بينهم على أساس الدين إطلاقاً، فالخطاب الرباني، بل الأمر الإلهي، صريح وواضح وحاسم ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ المائدة 8.

ومعروف! القصة المشهورة، التي اشتكى فيها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - وهو حاكم الدولة - إلى القاضي، ضد يهودي، سرق درعه.. وجلس الاثنان على مقعد واحد، أمام القاضي الذي سأل علياً: هل لديك بينة على دعواك؟ فأجاب علي: بالنفي. فحكم القاضي برد الدعوى، وتثبيت الدرع لليهودي.

هذا هو حكم الله العليم، الذي يعلم السر وأخفى، ويعلم ما تحدث به الإنسان نفسه، والخبير بشؤون العبيد كلهم، والبصير بأحوالهم وطباعهم، ومشاعرهم وأحاسيسهم وعواطفهم.

فهل يوجد بين من ينظم القوانين البشرية، مشرع واحد، يعلم أسرار البشر كما يعلمها خالقهم؟

القرآن هو الدستور الكامل للناس جميعاً

   

ولهذا! فإن القرآن هو الدستور الكامل، الذي يلبي متطلبات الحاجات البشرية، بجميع أنواعها – المادية، والاقتصادية، والاجتماعية، والفنية، والروحية، والصحية وغيرها - لأن الذي وضعه، هو الخالق، والصانع.. فهو الذي شكل الإنسان ابتداءً من نطفة، وانتهاءً بطفل يخرج من بطن أمه، كامل الأعضاء، وفي أحسن هيئة، وأجمل منظر، كما ذكر المبدع الخالق (لَقَدْ خَلَقنا الإنِّسانَ في أحْسَنِ تَقْويمٍ) التين 4.

فالله! هو الوحيد في هذا الكون، الذي يعرف ماذا يحتاج الإنسان، وماذا يريد، وماذا ينفعه، وماذا يضره.

ومن أجل ذلك! وضع الله منهاجاً قويماً، عادلاً للإنسان، لينظم حياته، ويحقق له كل تطلعاته، وطموحاته، وتمنياته، وأمنياته، وأحلامه، بدون أن يصادم فطرته، أو يعارضها.. بل هو يتناسق، ويتواءم، وينسجم معها بشكل كلي، على عكس القوانين البشرية القاصرة، والهزيلة، والضعيفة، والعاجزة عن الإلمام بطبيعة الفطرة البشرية.. وكيف يُلِّم المخلوق المصنوع، بأسرار الخالق الصانع؟!

ومنطقياً وعقلياً وعلمياً، هل يستطيع أكبر مهندس للسيارات، أن يعرف أسرار السيارة مثل الذي صنعها؟

بالتأكيد! لا يستطيع.. وقد وضحنا هذا الأمر بالتفصيل في مقالنا بعنوان (أليس الصانع أعرف بصنعته ممن سواه؟!).

 والله تعالى يؤكد هذا المعنى بقوله: (أليس اللهُ بأحكمِ الحاكمينَ) التين 8. ﴿أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾ المائدة 50.

 

أفراخ المسلمين ينبذون القرآن وراءهم ظهرياً

وبالرغم من هذه الميزات الكثيرة، والمنافع الجمة، والفوائد التي لا تحصى للقانون الرباني.. إلا أن أفراخ المسلمين، نبذوه وراءهم ظهرياً، وتركوا أحكامه القويمة التي تضمن لهم العزة، والكرامة، والسيادة، وأقبلوا على القوانين الغربية والشرقية؛ بتحريض من بني صهيون، بل بأوامر منهم، ومن الدول الاستعمارية التي فرضت معاهدة سايكس بيكو، وغيرها من المعاهدات، التي مزقت دول المسلمين إلى أجزاء، وفتتها إلى قطع، وولايات صغيرة، بعد تحطيم وتدمير الدولة العثمانية.

وهكذا! استبدلوا الذي هو أدنى، وأتفه، وأحقر، بالذي هو خير، وأفضل، وأقوم.. كما فعل بنو إسرائيل مع موسى عليه السلام، حينما طلبوا منه المآكل الوضيعة، الرديئة، مثل البقول وأخواتها، بدلاً من المآكل الفاخرة الرفيعة، مثل المن والسلوى، فقال لهم الله تعالى ﴿قال أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير﴾ البقرة 61.

ويوم القيامة! حين يقف العبيد كلهم أجمعون، أمام الخالق العظيم؛ ليحكم بينهم.. يأتي الرسول صلى الله عليه وسلم؛ ليقول له: ﴿وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا﴾ الفرقان 30.

فماذا سيكون جواب أفراخ المسلمين؟ هل سيعفيهم من العذاب أن يقولوا: إن الأعداء! أغرونا بأن القانون البشري، خير من القانون الرباني؟

وأعداء الله! الذين خططوا منذ القرن التاسع عشر، لإضعاف الأمة المسلمة، بل ولإلغائها من الوجود، زرعوا في عقول ذراري المسلمين، أن القوانين العلمانية، وإبعاد الدين عن الحياة العامة للناس، السياسية وأخواتها.. يضمن لهم العزة والرفعة والتقدم، كما قال الله تعالى ﴿وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا﴾ مريم 81.

فخدعوهم، وضحكوا عليهم، وجعلوهم يتخذون الحكام، آلهة من دون الله، فيطيعونهم عن جهالةٍ وعِمايةٍ، وهم لا يدرون أن طاعتهم للعبيد من أمثالهم في التحليل والتحريم، والتشريع.. هي عبادة، كما فسرها الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث التالي: (عن عديِّ بنِ حاتمٍ : أنه سمع النبيِّ صلي الله عليه وسلم يقرأُ هذه الآيةَ : اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِن دُونِ اللَّهِ وَالمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ [ التوبة : 31 ] ، فقلت له : إنا لسنا نعبدُهم . قال : أليس يُحرِّمون ما أحلَّ اللهُ فتُحرِّمونه ، ويُحلُّون ما حرَّم اللهُ فتُحلُّونه ؟ فقلت: بلى ، قال : فتلك عبادتُهم).

 

من هم أفراخ المسلمين؟

 

وقد يسأل أحدهم: ماذا تعني بهذا المصطلح الذي كثيراً ما تستخدمه؟

الحقيقة! أن هذا المصطلح، إضافة إلى مصطلح آخر (ذراري المسلمين) كان أول من استخدمه، هو: سيد الشهداء، سيد قطب رحمه الله، قبل أكثر من ستين سنة.. للإشارة! إلى أحفاد المسلمين، الذين كانوا في يوم من الأيام، قبل مئات السنين، مسلمين حقيقيين.

وكذلك للإشارة إلى الكتل البشرية، أو إلى القطيع البشري، الذي ينتسب إلى الإسلام، ولا يعرف من الإسلام، إلا اسمه، ورسمه، ولا يتصل به، إلا بخيط رفيع واهن، أوهى من خيط العنكبوت.

وعدد غير قليل من هذا القطيع، هو: أشد عداوة للإسلام والمسلمين الملتزمين الحقيقيين، من اليهود، والنصارى، والرافضة.. ويتعاونون معهم ضد المسلمين الحقيقيين، ويخدمونهم، ويخلصون لهم، ويبيعونهم أسرار المسلمين الحقيقيين، ويضحون بهم؛ لقاء دريهمات معدودة..

فتجد السجان من أفراخ المسلمين، أشد تعذيباً، وتنكيلاً، وتضييقاً على السجناء المسلمين، من السجان النصيري..

وتجد الموظف من أفراخ المسلمين، أشد تعقيداً للمعاملات للمسلمين، من الموظف النصيري..

وهكذا تجد النظام النصيري! يعتمد على أفراخ المسلمين، أكثر من اعتماده، على أبناء طائفته..

بعض نماذج فروخ المسلمين

وهذا الأمر! لا ينطبق على فروخ المسلمين في سوريا وحدها، بل هو موجود في كل بلدان العالم..

وما تصريح هذا الدعي القميء، المسمى (الشلغومي)، والموظف إماماً في أحد مساجد باريس، من قبل فرنسا، العدوة اللدودة للإسلام، والذي يقول فيه، بكل وقاحة وصفاقة ونذالة (يجب أن نقول فرنسا أكبر وليس الله أكبر) عنكم ببعيد.

ونموذج آخر! قد يكون أسوأ، وأشد شراسة، ووحشية، في عداوته للإسلام، بالرغم من تظاهره بالإسلام الصوفي الروسي المزيف..

 إنه قديروف رئيس الشيشان، الذي يعلن ولاءه الشديد، وانبطاحه الدنيء، لبوتين، الذي حول الشيشان إلى قاعٍ صفصفٍ، وأرض محروقة.

فهذان أنموذجان! يمثلان ملايين النماذج المنتشرة على أرض البسيطة، يمارسون كل صنوف العذاب، والتنكيل بالمسلمين، والاستهزاء بهم، والسخرية منهم، والتحريض على العداء لكل مسلم رباني، ووصفه بالإرهابي.

إنه تكرار لصورة عبد الله بن سلول، زعيم المنافقين في المدينة، أيام الرسول صلى الله عليه وسلم.. مما يستدعي، ويتطلب من المسلمين الربانيين الحقيقين، فضحهم، وهتك ستر النفاق الذي يتسربلون به.

كما يجب على المجاهدين، والمقاتلين في سبيل الله، العمل على القضاء عليهم، قبل القضاء على أسيادهم ومعلميهم.   

وسوم: العدد 976