قول في التكفير

 الحكم بالتكفير من أهم قضايا علم الكلام. فالتكفير في النهاية هو حكم على اعتقاد الانسان. والحكم على اعتقاد أي إنسان مستنده القضاء، وليس كلام أرأيتي يقوم على الظن والاحتمال. 

وألف الامام ابو حامد الغزالي رحمه الله تعالى كتابه: إلجام العوام عن علم الكلام. ليمنع عامة الناس من الخوض في هذا الشأن، تكفير الناس ليس مادة صحفية، ولا خبر إثارة وتحد. والحكم بالكفر صنو الحكم بالاعدام وربما كان أشد. وتعويد الناس وتجريئهم على التقاذف بالكفر والفسق من الفتنة في الدين التي ابتلي بها هذا الجيل، حتى صارت دأب الصغار والكبار.

ومن الأقوال التي كان أبو حامد الغزالي  يكثر من تردادها قوله : العامي لو يزني ويسرق خير له من أن يتكلم في علم الكلام. 

وبعض المحسوبين على العلم في هذا العصر، قلًدوا العاميَ سيف التكفير، فلما قتل به حوقلوا وسبحلوا. وانا اعلم ان كثيرا من هؤلاء المنغمسين في هذا التكفير هم ضحايا ما كتب فلان وفلان ولولا مخافة الفتنة، لو ضعت اصبعي على كل سطر في موضعه. 

سقوا شجرة التكفير بماء الجهل فلما أثمرت كما شجرة الزقوم، صاحوا: أني هذا؟؟ قل هو من عند انفسكم. 

تعريفان للكفر أحفظهما: 

الأول قالوا: 

ولا يُخرج مسلم من الاسلام إلا بجحد ما أدخله فيه. أي ان يقول بكلام صريح فصيح غير قابل للتأويل : انه يجحد وجود الله، أو يجحد وحدانية الله، أو يجحد ان محمدا عبد الله ورسوله.

ولا يلزم الكفر من نطق بلازم الكفر. فلنعرف هذا ولنتوقف عنده.

والتعريف الثاني أنقله من حفظي  من فيصل التفرقة بين الاسلام والزندقة. لحجة الاسلام الإمام ابي حامد الغزالي، فقد عرّف الكفر تعريفا جامعا مانعا يسوغ طردا وعكسا كما قال. 

فقال: الكافر كل مكذب للرسول. 

وتقول عكسا: وكل مكذب للرسول كافر. 

ثم قال ومكذب الرسول ليس الذي ينكر قولا من أقوال الرسول الكريم.، وإن صححه غيره، غير القطعي. فإن عرضت عليه الحديث الشريف فرده، وقال لك أنا لا أعتقد أن الرسول صلى الله عليه وسلم قاله، ولو اعتقدت لقبلت، فلا سبيل الى تكفيره- ارجعوا الى المسألة في الكتاب- وانما اكتب من حفط عمره نصف قرن. 

أما التكفير بالتأويل والتكفير بالالزام والتكفير بالرأي، والتكفير بالحكم الغيابي على الناس، فكل ذلك من أمر المتألهين الأدعياء. 

مهمة الداعية جذب الناس إلى الدائرة وليس نبذهم عنها. 

وأكدوا ان الرجل لو قال قولا له تسعة وتسعون وجها تدمغه بالكفر، ووجه واحد يبقيه في الاسلام، فهو على الاسلام وتهدر الوجوه التسعة والتسعون.

اللهم ألزمنا حدودك يارب العالمين. دمر بلادنا التكفير والتفجير. 

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 977