تجنيس اليهود في الدول العربية يستهدف السيطرة عليها

جنست الإمارات 5000 يهودي ، وهذا الرقم المعلن ، وربما يكون الرقم الحقيقي أكبر ، وربما تكون عملية التجنيس متواصلة ، وتحدث  الحاخام إيلي عبادي رئيس المجلس اليهودي الإماراتي عن مخطط لإنشاء حي يهودي في الإمارات ، وتأسست في 2021 " رابطة المجتمعات اليهودية الخليجية " لجمع يهود الدول الخليجية الست ، وفي 2020 كشفت جماعة أنصار الله أن وفدا إسرائيليا زار صنعاء ، وطالب تجنيس 60 ألف إسرائيلي بالجنسية اليمنية ؛ يحمل 15 ألفا منهم الجنسية الأميركية . ولننتبه إلى " المجتمعات " في اسم الرابطة ، ففيه ادعاء بالكثرة ،  وتوجه  مستقبلي نحوها ، وهو ما سيحدث بالتجنيس . وسبق أن تحدث محمود المشهداني الرئيس الأسبق للبرلمان العراقي عن مخطط لتجنيس مئات آلاف اليهود في العراق . وواضح أن التجنيس الجاري حاليا  ، والمنوي مستقبلا ، وهو ليس بعيدا ، لا يقتصر على اليهود ذوي الأصول العربية ، ويتجاوزهم إلى كل يهود العالم . وليس بين مَن تجنس ومن قد يتجنس منهم تباعا من لا جنسية له ولا وطن . كلهم لهم أوطان يحملون جنسياتها . ويهود إسرائيل الذين جنستهم الإمارات لم تضق بهم فلسطين المحتلة التي لا يسكنون إلا في 15 %    من ال  78 %   من مساحتها التي تقوم عليها دولتهم ، ويسكن في الضفة والقدس الشرقية 600000 منهم . هدف التجنيس في بعض الدول العربية ، وأولها الخليج والعراق ، السيطرة على هذه الدول من خلال السيطرة على مجتمعاتها .  سيكونون فيها مواطنين لهم ذات حقوق مواطني هذه الدول إلا أن واجباتهم لن تكون نحوها وإنما نحو إسرائيل واليهودية أو الصهيونية ، ولا مشكلة لديهم في التظاهر بالإخلاص للدول التي جنستهم . واليهود بارعون في التظاهر بخلاف ما يبطنون . عندما هربت أعداد كبيرة من يهود الأندلس إلى أراضي الخلافة العثمانية أخفوا ديانتهم الحقيقية ، وزعموا أنهم مسلمون ، ومكنهم زعمهم من أن يكون أحدهم مفتي الخلافة ، وانكشف زعمهم ، وهم المعروفون بيهود الدونمة ، أي الذين بدلوا ديانتهم . واليهود مهرة في التغلغل في شرايين المجتمعات التي يسكنون فيها ، وأقوى وسائلهم المال والاقتصاد والفكر والثقافة والعقائد . وليس بلا قصد أن يخترعوا ما سموه الصلاة الإبراهيمية بالتنسيق مع صهاينة المحافظين من مسيحيي أميركا لدفع المسلمين للابتعاد عن صلاتهم الشرعية الخاصة بهم وحدهم . أي صلاة هذه التي تجمع أتباع ثلاثة ديانات بكيفية موحدة ؟! هذه صلاة سياسية صهيونية الأهداف لإبعاد المسلمين عن صلاتهم التي لا يقبل الله _ تعالى _ منهم سواها . وإذا أبعدوا عنها أبعدوا عن قرآنهم وعن كل خصائص هويتهم الدينية والثقافية والقومية . إنها عملية سلخ ومسخ مدمرة لهم يسيطر عليهم بعدها اليهود سيطرة السيد الطاغي على العبد الخاضع التابع . ومن أول الأهداف الجزئية لهذا التجنيس استرداد ممتلكات اليهود العرب في الدول العربية التي تركوها وانتقلوا إلى إسرائيل ، ولن يكتفوا بالاسترداد . سيلحون في الحصول على تعويض عن استغلال الدول العربية لهذه الممتلكات ، ولن تمتلك أي دولة عربية القدرة على الامتناع عن هذا التعويض ؛ لأنها ستكون في قبضتهم .  والمنتظر أن تتسع دائرة تجنيس اليهود لتعم كل الدول العربية ، فيعم معهم البلاء عليها . والهدف الكبير بعد السيطرة على الدول المجنسة لهم دق أوتاد دولتهم من الفرات إلى النيل . يحققون أهدافهم جزءا جزءا ومرحلة بعد مرحلة ، والأهداف الكبيرة لا تتحقق دفعة واحدة ، وهم يملكون خبرة طويلة في مضمار تحقيق هذا الصنف من الأهداف ، ويصفهم المؤرخ البريطاني رونسمان بأنهم لا نظير لهم في ملاحقة أهدافهم حتى يحوزوها . وإذا تطلعوا إلى هدف غرسوا بذور حيازته قبل الحديث العلني أو الضمني عنه بسنوات تقصر أو تطول  وفق صغره النسبي أو كبره . ويمكننا تفسير قوة سيطرتهم الحالية على الإمارات التي يصفها المفكر الكويتي عبد الله النفيسي بأنها أضحت إسرائيل ثانية في جزيرة العرب ؛ بأن أربعة عشر مليارديرا يهوديا كانوا سبب تأسيس هذه الدولة الضحلة الهشة التي ينعتها الكاتب البريطاني ديفيد هيرست بدولة المكتب التجاري . على هدي  هذه الأخطار للتغلغل اليهودي في المنطقة العربية والإسلامية يلزمنا أن نفهم قوة العداء الإيراني لإسرائيل . إيران دولة كبرى ونتاج حضارة 5000 عام ، لا دولة قبيلة يتركز كل هم حاكمها القبلي في استبقاء سيطرة قبيلته عليها متعاونا مع أعداء أمته . إيران تعلم خطر دولة يهودية من الفرات إلى النيل عليها ، وابتداء من هذا العلم اليقيني  تعادي إسرائيل لمنعها من تحقيق هذا الهدف . والعرب في جملتهم يجب أن يسبقوا إيران في معاداة إسرائيل لكونهم المعرض الأول لخطرها ، وفي ذات الوقت يجب أن ينسقوا تصديهم لهذا الخطر معها ، وهو ما تفعله سوريا وحزب الله والمقاومة الفلسطينية وجماعة أنصار الله اليمنية وبعض القوى العراقية . وإسرائيل التي تجتهد  لتجنيس مستوطنيها وغيرهم من يهود العالم بجنسيات عربية ؛ ترفض  دخول فلسطينيي  غزة والضفة إليها إذا ما تزوجوا من فلسطينيي أراضي  1948  وتعده " عودة زاحفة " . الصاعق أن أكثر حراس الأمة ناموا عن حمايتها في جو مشحون ببروق الخطر الصهيوني ورعوده ، والأخطر والأغرب أن من يجب أن يكونوا حراسها  انحازوا كاملا إلى أعدائها ،  وصاروا يتفوقون  على هؤلاء الأعداء في نذالة وانحطاط عداوتهم لها.

وسوم: العدد 979