الهوجات وكيف عالجها النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه..

ابتداء شخصي الضعيف ضد الهوجات، وأحذرها، وأحذّر منها.

وفي تاريخ الاسلام في عهده الغض الندي لها في ذهني صورتان.

الأولى من درس مؤتة، وكانت موقعة مؤتة محنة حقيقية في تاريخ الاسلام والمسلمين، وانتهت باستشهاد القادة الثلاثة الذين عينهم الرسول صلى الله عليه وسلم، ليستلم سيدنا خالد بن الوليد القيادة والراية، ويقرر أن الانسحاب خير خيار للمسلمين، في ظل انعدام التكافؤ، فوضع خطة للانسحاب حتى لا يكون فرارا، وانتبهوا لهذا فهو مهم، ومن كان معنيا فليقرأه في كتب السير، وعاد بجيش المسلمين إلى المدينة المنورة.

وبعودة جيش المسلمين إلى المدينة، حصلت هوجة، إذ استنكر فئام من الرجال والنساء والولدان، كيف يعود جيش عن القصد والهدف الذي حدده الرسول الكريم، دون تحقيق هذا الهدف..

وترصد هذا الجمع من الناس الجيش العائد على مشارف المدينة..

يحصبونه بالحصا والحجارة

يحثون في وجوههم التراب.

يصرخون في وجوههم: يا فرار .. يا فرار ، فررتم من القتال في سبيل الله..

واشتد الكرب على الجنود العائدين على الرغم مما في نفوسهم من ألم،، و في أجسامهم من جراح..

حتى لحق بالمشهد سيدنا رسول الله صلى الله عليه، وسلم، بحكمته ورفقه ورأفته ورحمته وبعد نظره..

فأسكت الذين كانوا ينادون على جيش المسلمين: يا فرار.. يا فرار. وقال: بل هم الكرار إن شاء الله.

وأما الهوجة الثانية، وأكتب من ذاكرة، فقد وقعت أيام سيدنا عمر..

يوم وقع طائفة من جنود المسلمين أسرى في يد ملك الروم، وكان معهم سيدنا عبد الله بن حذافة السهمي، والقصة طويلة فيما جرى بين سيدنا عبد الله وملك الروم طويلة، وتستطيع أن تراجعها، إن كنت لم تطلع عليها فهي جميلة ومعبرة، وذلك بعد أن علم ملك الروم أن في أسراه صاحبا من أصحاب رسول الله، فعرض عليه يغريه، ثم تهدده يخيفه، ثم بعد مداولات عرض عليه؛ أن يطلق سراحه مقابل أن يقبل رأسه، وتقبيل الرأس عمل رمزي له مكانته، سيدنا عبد الله بما أوتي من فقه وحكمة وحسن سياسة، رد عليه، أقبل رأسك، لو أطلقت سراح جميع أصحابي معي. وتمت الصفقة، وقبل سيدنا حذافة رأس ملك الروم، ووفى ملك الروم بوعده، فأطلقه مع أصحابه.

ووصل سيدنا عبد الله بن حذافة إلى المدينة، وثارت ثائرة طائفة من المسلمين، يا غيرة الدين، كيف تقبل يا عبد الله رأس مشرك كافر من الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة، واشتدت الهوجة، حتى بلغت سيدنا عمر..

العاقل الحكيم الفاروق الذي يهرب الشيطان من طريقه..

استمع إلى رواية سيدنا عبد الله فقام إليه: يقبل رأسه عوضا عن تلك القبلة، وقال: حق على كل من حضر أن يقبل رأس عبد الله بن خذافة..،

قال

لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم..

وسراة الناس: هم الذين يعقلونهم، وليسوا الذين يفتنونهم..

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 981