خلافنا لا يربح منه إلا الأعداء

إلى من وعى!!! 

لما اشتغل الخليفة عبد الملك بن مروان بمحاربة عبد الله بن الزبير ، اجتمع وجوه الروم وكبراؤهم إلى إمبراطورهم وقالوا له :

لقد انشغل العرب بقتال بعضهم بعضاً ، وهذه فرصة سانحة لنا ، والرأي أن نهاجمهم  ؟

فقال : إياكم أن تفعلوا !!

ذُهِل كبار القوم من ردّ الإمبراطور ، واستفسروا عن سبب ما قال ؟!!

فدعا بكلبين وحرّض بينهما فاقتتلا قتالًا شديداً ، وبينما هما في غمرة القتال هذا يعضُّ ذاك ، وذاك ينهش هذا ، دعا بثعلب وزجّه بينهما ، فلما رأى الكلبان الثعلب أوقفا القتال وهجما عليه حتى قتلاه !

عندها قال الإمبراطور :

( هذا مثلنا ومثلهم ، فإن هاجمناهم اجتمعوا علينا ، وإن تركناهم أفنى بعضهم بعضاً )

الرسالة من القصة واضحة ، والمغزى جليّ ، والعبرة بيّنة 

لو اكتفيتُ بها ولم أزد على هذا حرفًا لكفى

ولكن لا بأس أن أقول : أن التاريخ يعيد نفسه ، أو لماذا نظلم التاريخ ، نحن الذين لا نعتبر من دروسه ، ونعيد الكَرَّة كل مرة رغم أننا نعرف النتائج مسبقًا !

في نزاع الإخوة لا يربح أحد ، هزيمته هزيمتكَ ، ولو كنت أنت من ألحق به الهزيمة ، ونصره نصركَ ولو انتصر وحده ، الضعيف قويّ بإخوانه ، والفقير غنيّ بإخوانه !

(( العرب في جاهليتهم كانوا على هامش الحضارة والتأثير والتقدم لأنهم كانوا قبائل متناحرة ، بأسهم بينهم شديد ، يُشهرون سيوفهم لأجل الكلأ والماء واللقمة ولا مبدأ ، ولا رسالة ..

أو يشهرونها ليخوضوا حرب الآخرين بالوكالة ، عرب الشام كانوا سيوف هرقل ، وعرب اليمن كانوا سيوف كسرى .. ))

وما سُدنا البشرية ، وحملنا لواء التقدم والحضارة والإنسانية إلا يوم أغمدنا سيوفنا فيما بيننا بأمر الإسلام العظيم ،

وأشهرناها في وجوه أعدائنا ، وكنا يداً واحدة وقلباً واحداً ، عندها فقط تداعت الإمبراطوريات العظيمة أمامنا ، وصار الخادم هو السيد ، والسيد هو الضعيف المنقاد !

ما توقفت الفتوحات يوماً إلا بسبب صراع داخلي ..

وما سقطت لنا دولة إلا لأنها كانت هشّة ، نهشها سوس خلافاتنا قبل أن تنهشها سيوف أعدائنا !

الأندلس لم يُسقطها الأسبان وإنما أسقطها ملوك الطوائف وأمراء المدن المتناحرة ، الإسبان أطلقوا عليها رصاصة الرحمة فقط .

ولم يُسقط هولاكو بغداد ، بغداد سقطت قبل هذا بكثير ، أسقطناها نحن بنزاعاتنا وحروبنا الداخلية ، هولاكو جاء فوجدها مهيأة للاحتلال فاحتلها !

من يكرر حوادث التاريخ الفاشلة سيتجرع النتائج ذاتها

ونحن اليوم ضعفاء لا لأن أعداءنا أقوياء

وإنما لأننا أمة مشرذمة وقبائل متناحرة

فهل من معتبر ؟!

وسوم: العدد 982