الخوض في قضايا الإسلام من اختصاص علمائه الربانيين الراسخة أقدامهم في علومه

الخوض في قضايا الإسلام من اختصاص علمائه الربانيين الراسخة أقدامهم في علومه وما سواهم إما جاهل به بيّن الجهل أو كائد له بيّن الكيد

طلع علينا يوم أمس موقع  معروف على الشبكة العنكبوتية بخبر عنوانه : " برنامج أوروبي يجذب خبراء إلى المغرب " ،وفحواه أن عددا من الباحثين والخبراء وممثلي المجتمع المدني من كل القارات سيجتمعون في مدن مغربية بمبادرة مما يسمى " برنامج التبادل العالمي حول الدين في المجتمع " والذي يهدف إلى ما يسميه الإدماج الاجتماعي والتكيف المجتمعي من خلال إقامة شبكة عالمية من الفاعلين لتقاسم تجارب التعايش بين الأشخاص من تيارات دينية مختلفة أو دون انتماء ديني . وقد افتتحت هذا الاجتماع الذي سيدوم أسبوعا كاملا سفيرة الاتحاد الأوروبي  بالمغرب ،وهو اجتماع انتقي المشاركون فيه وفق معايير لم يكشف عنها بالنسبة للوافدين من مختلف القارات .

ولا شك أن قضايا الإسلام ستطرح خلال هذا الاجتماع بل لعلها هي بيت قصيده ، وذلك في ظل تنماي تيار المطالبة بما يمكن تسميته بتطويع الإسلام ليساير أهواء أصحاب الديانات الأخرى أو أهواء من لا دين لهم تحت شعارات منها التعايش والتسامح ... وما شابه ذلك من الشعارات التي هي في الحقيقة من قبيل الحق الذي يراد به باطل مموه  عليه وخافية حقيقته .

ومن المعلوم أن الإسلام من خلال كتاب الله عز وجل ، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم قد حسم أمر الحوار مع غير المسلمين من ديانات أخرى، ومع غير المتدينين أصلا بنصوص قطعية غير قابلة للتأويل ، وقد دعاهم جميعا إلى الحوار وحاورهم كل باسمه وصفته كفارا، ومنافقين، وأهل كتاب ، وجعل حواره معهم هو منطلق كل حوار قد يتجدد معهم عبر التاريخ إلى قيام الساعة ، ولم يترك فرصة لأحد  من اقتراح منطلقات بديلة عنه  .

ومن المعلوم أيضا أن من لهم أهلية الخوض في قضايا الإسلام، وعلى رأسها حواره مع غير المسلمين المتدين منهم، وغير المتدين هم علماؤه الربانيون الراسخة أقدامهم في العلم بقضاياه ، وليس من حق غيرهم أن يخوض فيه ممن لا علم لهم بها. ومن خاض فيها دون علم بها ،فسيكون أحد اثنين : إما جاهل بها بيّن الجهل أو كائد بالإسلام بيّن الكيد له  .

ومعلوم أن المغرب قد راكم تجربة رائدة بخصوص خوض علماء الإسلام في قضاياها من خلال سنة الدروس الحسنية التي كانت  ولا زالت تلقى بحضرة إمارة المؤمنين ، ويدعى إليها علماء الإسلام من كل القارات يحاور بعضهم بعضا ، وكثيرا ما كان حوارهم يتطرق إلى قضايا التعايش مع غير المسلمين متدينين وغير متدينين وفق ما رسمه القرآن الكريم ، ورسمته السنة النبوية المشرفة . ولقد كان من المفروض على مختلف  الجهات التي صارت اليوم تنادي باجتماعات لإقامة شبكة عالمية من الفاعلين لتقاسم تجارب التعايش بين التيارات الدينية وغير الدينية أن تحضر تلك الدروس الحسنية ، وكان بإمكانها أن تفعل دون أن تمنع من ذلك لأنه سيرحب لها جربا على دأب وعادة المسلمين في السماح لغيرهم بحضور أنشطتهم الدينية التي لا تكون أمورا تعبدية محضة . ومعلوم أن الدروس الحسنية هي سنة جرى العمل بها في المغرب عند سلاطين الأسرة العلوية وعند من كانوا قبلهم من الأسر التي حكمت المغرب عبر قرون مضت .

وربما سيقول البعض إن اللقاءات التي يزمع ما يسمى ببرنامج التبادل العالمي حول الدين في المجتمع، سيحضره علماء الرابطة المحمدية ، ونقول إنه هذا  شيء جيد لكن السؤال المطروح أليس خارج هذه الرابطة علماء آخرون لهم نفس الوزن العلمي يجب استدعاؤهم أيضا ؟  كما أنه يطرح سؤال آخر، وهو هل الأطراف الأخرى التي ستحضر اللقاءات جاءت دون أهداف مشبوهة  مسطرة سلفا من بينها الرغبة فيما يسمى تطويع قضايا إسلامية لمسايرة أهواء  أطراف متدينة أو أطراف غير متدينة خصوصا وأنه في الآونة الأخيرة كثرت الأصوات التي تنادي بتغيير نصوص الكتاب والسنة تحت شعار التطوير والاجتهاد من قبيل مراجعة أنصبة الميراث في الشرع الإسلامي على سبيل المثال  ، أومن قبيل استباحة العلاقات الجنسية المحرمة مما صار ينعت بالعلاقات الرضائية والمثلية تحت شعار احترام الحريات الفردية ، أومن قبيل استباحة إعلان الإفطار في رمضان بالنسبة للمحسوبين على الإسلام ، أومن قبيل التشكيك والطعن في كتب الصحاح ، أومن قبيل استبدال بعض أحكام الشريعة  الإسلامية بالشرائع الوضعية .... وغير ذلك مما ينادى به مع الإلحاح عليه كما هو الشأن بالنسبة لكل ذي شذوذ عقدي أو فكري أو جنسي أو أخلاقي .

ومما يخشى منه في مثل لقاءات برنامج التبادل العالمي حول الدين في المجتمع أن ينزلق من سيحضره من علماء الرابطة المحمدية أو غيرهم من العلماء  منزلقا قد يكون خطيرا بحي يذعنون إلى مطالب  شاذة لا يجيزها الإسلام ، فتصير بعذ ذلك قوانين ملزمة ومفروضة لا يقبل بها الشعب المغربي المسلم والمحافظ ، وعليهم أن يتذكروا القولة الشهيرة  للمرحوم الحسن الثاني التي جاء فيها : " إن الحسن بن محمد لن يحل حراما ولن يحرم حلالا " .

وإلى أن يعلن عن نتائج هذه اللقاءات بشكل رسمي، ستكون لنا وفقة أخرى مع هذا الموضوع  إن شاء الله تعالى .

وسوم: العدد 983