مصافحة القبضات المغلقة... مصافحة أو مناطحة

لدلالة كلمة مصافحة، ولتعبير الجسد الذي يدل عليها، معاني أكثر عمقا في الثقافة الإنسانية.

في ثقافتنا العربية، أن إخوتنا من أهل اليمن، هم أول من جاء بالمصافحة. وللبحث عن تاريخ المصافحة الإنساني، والألفاظ العملية المعبرة عنها في لغات الشعوب، ربما نحتاج إلى بحث أنثربولوجي معمق. يقول الفرنسيون مثلا: ضغط اليد. المصافحة عند العرب ليس فقط حركة اليد، بل إن دلالة تبادل الصفح ، هي بحد ذاتها دلالة ومطلب ومقتضى..

من جميل الدلالات أن كلمة "مناطحة" في اللغة العربية، توافق كلمة مصافحة وزنا وجرسا، وتقابلها في المعنى.

وما أقدم عليه الرئيس بايدن مع مضيفه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، بالتقابل بقبضات اليد المغلقة، يلخص الكثير مما يمكن أن يقال.

من المهم أن نعلم أن صاحب هذا الاختيار في الأصل هو الرئيس الأمريكي، للتخلص من الحرج الذي كان ينتظره من منتقديه في بلاده لو صافح المتهم في مقتل خاشقجي على الطريقة التي يزعمون...

الإشارة بالقبضة المغلقة، التي تواجه قبضة أخرى مفترضة، أو متوهمة، يلخص بالفعل الموقف الأمريكي من عقيدة هذه الأمة وحضارتها وثقافتها ومستقبل أجيالها، ومهما تكن جدية القبضة المقابلة، فإن القبضة الموجهة التي تقدم بها الرئيس "بايدن" هي عنوان للموقف الأمريكي من كل القضايا المحقة للشعوب العربية بل المسلمة.

عندما كنا أطفالا كانت لدينا لعبة أثيرة ما زلت ألعبها مع أحفادي..

باح ..باح . ياعروق التفاح. إجا العصفور ليتوضا. جابولو إبريق فضه. ثم نعدد أطراف المؤامرة المتمثلة في الأصابع الخمس، التي أمسكت بالعصفور والتي نتفته والتي ذبحته..

منذ كنت صغيرا ما زلت أفكر لماذا يذبحون العصفور الجميل الذي يحب أن يتوضا؟؟

على كل مناطحة القبضات لم تكن ذات دلالة عبثية ـو عابرة أو هكذا رجل مثلي يظن...

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 989