دلو بين الدلاء حول المونديال القطري وعالم الرياضة

لا شك أن عالم الرياضة عالم حقيقي ملموس وهو جزء من التشاط الانساني العام في هذا العصر. سواء في ميدان الكرة، أر وغيرها من ميادين التنافس الرياضي، وقد أصبحت هذه الألعاب جزء من عالم اليوم، حضارته وثقافته، ومضامير التنافس فيه.

لست من الذين يذهبون مع ما كنا نسميه "بروتوكلات حكماء صهيون" مهما كان الرأي فيها، أو الموقف منها، ولن أتدخل في الحديث عن استراتيجيات الإلهاء العالمية، وإشغال الناس بالتوافه، وإشعال رغباتهم التنافسية ثم إشباعها بأمور صغيرة. بل أراها بالنسبة إلى مثل شعوبنا وأمتنا، مثلا لاضطراب ترتيب الأولويات، وأرانا كأناس ينفقون الملايين على أشجار الزينة، وأزهارها، وهم يعانون المجاعة في حاجتهم إلى سنابل القمح وشجر الزيتون. ولا أحد جادا يستطيع ان ينكر أشجار الزينة وأزهارها جميلة ايضا..

شخصيا كلما تعمق لديّ الشعور بواقع الانكسار المرير الذي نعيش، تهجم عليّ الأمثالُ الشعبية البلدية، وبعضها يكون أحيانا خادشا لطبقة الأوزون الثقافية، ومع ذلك اراني محتاجا لأن أقول..

في حلب نقول وكذا ربما في كل مدن الشام، ويسلم الشام بأهلو ولأهلو: لبيس ما في والتكة بأربعة عشر.

التكة: كلمة عربية انتشرت في لغة المولدين.

والمولدون : هم طبقة المثقفين التي سادت في العصر العباسي الأول، حيث توقف علماء اللغة والنحو عن قبول أقوال الشعراء والمتأدبين كشواهد لغوية ونحوية على سلامة اللغة وقواعدها، كان جرير والفرزدق والأخطل الطبقة الأخيرة ممن قبل، وكان بشار بن برد وابو نوس ومسلم بن الوليد الطبقة الأولى فيمن هجروترك. ولكن أهل اللغة مع أنهم تركوهم خرًجوا الكثير من اقوالهم،، ووجهوها

ابتدأت هذه الطبقة كما قلتُ "ببشار بن برد" وأبي نواس.

وقد حيّر أبو نواس أهل النحو في إعراب قوله:

"غيرُ مأسوف على زمن

ينقضي بالهم والحزن"    

فابتدأ "بغير" الغارقة في التنكير، ومن قواعدهم

"ولا يجوز الابتدا بالنكرة

ما لم تفد كعند زيد نمرة"

وكذا في قوله في وصف الحبب "الفقاقيع"، على وجه كأس الخمر:

كأن صغرى وكبرى من فقاقعها

حصباء در على لجين من الذهب

فاستعمل صغرى وكبرى غير معرفة ولا مضافة، وأطلقها..

و انظر في المقابل مثلا إلى قول عمر بن ابي ربيعة:

قالت الكبرى: أتعرفن الفتى؟؟!!

قالت الوسطى: هذا عمر !

قالت الصغرى وقد تيمتها:

قد عرفناه وهل يخفى القمر!!

على كل أعتقد ونحن فيما تعيش شعوبنا من ظلم واضطهاد وجوع وعري وحرمان، نحتاج الى الاشتغال على … أكثر من حاجتنا إلى الإشغال ب….

خبزنا يومي..

كانوا يدللون على حياة الترف والبطر بقولهم "تأكلون الخمير وتشربون الغمير" اي تملكون الدقيق فضلة من الوقت حتى تعجنوا وتخمّروا. عامل المياومة في بلدنا، الذي يقف عند الصباحات في الورشات العامة، يقول أنا خبزي صاج، يعني يومي ان اشتغل عجن وخبز وأكل هو وأطفاله، وإن لم يشتغل!!!

لو قلت لكم نحن أمة خبزها صاج. وعملنا على أولوياتنا، وشغلنا بها، وزراعتنا لأشجار الزينة بدل سنابل القمح الذهبية سفه، وكل هؤلاء الذين يصفقون للمونديال القطري يذكرونني بالمثل البلدي: الغني غنولو ،و

ولا أستطيع أن أكمل لئلا تنخرق طبقة الأوزون الثقافية.

ودمتم..

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 1007