ذا نيشن: تراجع هارفارد عن قرارها بزمالة روث لا يعني وقف الرقابة على فلسطين ومحاباة إسرائيل

 نشرت مجلة “ذي نيشن” مقالا مشتركا لكل من نادين بحور، المتخرجة من جامعة هارفارد، وشرادها جوشي الطالبة بالجامعة، قالتا فيه إن تراجع هارفارد عن قرار منع الزمالة عن مدير منظمة هيومن رايتس ووتش السابق كينيث روث لا يعني تغيرا في موقفها من حرية التعبير عن القضية الفلسطينية.

وقالتا إن شخصيات بارزة ومحترمة على مستوى روث لم تسلم من الاستهداف لحديثهم عن انتهاكات إسرائيل لحقوق الإنسان الفلسطيني، وتساءلت الكاتبتان عما سيحدث للطلاب والناشطين مثلهما؟ فعلى مدى الأسابيع الماضية كانت جامعة هارفارد في مركز النقاش الوطني المتعلق بالتحيز والرقابة والحرية الأكاديمية. وكما كشفت المجلة عن قرار عميد كلية كيندي دوغلاس إيلمندورف منع الناشط والمناصر لقضايا حقوق الإنسان روث من زمالة في مركز كار لحقوق الإنسان. والسبب؟ ما يزعم عن “تحيزه ضد إسرائيل”.

وكان قرار الجامعة جزءا من حملة أوسع ضد منظمة هيومان رايتس ووتش وعملها في توثيق الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الفلسطينيين، واستحضرت فيه كل الخطاب المستخدم ضد أي مواطن يتجرأ على نقد الحكومة الإسرائيلية. وبالنسبة لجامعة شعارها “فيرستاس” (الحقيقة) والمنتشر في أروقة الجامعة وحرمها، فعلى ما يبدو الحديث عن الفصل العنصري الإسرائيلي موضوعا لا يرحب به. وأضافتا أن مدرسة كيندي في هارفارد وإن رحبت بالنقاش الصعب والمفتوح والموضوعي لقضايا مثل الحرب في أوكرانيا إلا أنها لا تبدو مستعدة لمناقشة واقع الأبارتيد الإسرائيلي مما يكشف عن تشدد ضد الرواية الفلسطينية. وبعد جهود منظمة من خريجي الجامعة وطلابها وعريضة وقع عليها الآلاف واهتمام إعلامي لم تكن الجامعة راغبة به، غيرت مدرسة كيندي موقفها ومنحت الزمالة مرة أخرى لروث.

ولكن المنظمين مع لجنة التضامن مع فلسطين في كلية هارفارد يؤكدون على أن هذا التراجع – رغم الترحيب به – لا يحقق المطلوب. فالنقاش الجاري ليس حول رمز في حقوق الإنسان ولا التزام المدرسة بالعدالة، بل عن كل الحالات المتعلقة بالرقابة والعنصرية والتي منعت الطلاب والكلية والباحثين من الحديث وبحرية عن فلسطين والفلسطينيين. ومن المثير انضمام روث للمجتمع الأكاديمي في هارفارد، لكن بدون الاعتراف بالتحيزات التي قادت لحرمانه بالمقام الأول، فإن القضايا الجوهرية تظل كما هي، أي المحاباة المؤسسية مع نظام الفصل العنصري الإسرائيلي والمناخ العدواني الذي خلقته في أروقة وحرم الجامعة ضد الفلسطينيين وحلفائهم.

وأكد روث في رده على تراجع الجامعة على حجم الوضع ودعاها لاتخاذ موقف أقوى لدعم الحرية الأكاديمية في ما يتعلق بنقد إسرائيل، وبخاصة للأفراد الذين لا يتمتعون بالمكانة العامة التي يتمتع بها. فلو كان شخصا مثله وبمكانة ومنبر عالمي هدفا لأنه انتقد انتهاكات إسرائيل للفلسطينيين، فماذا عن المنظمين الفلسطينيين وحلفائهم وماذا سيحدث لهم؟ وماذا عن الرقابة التي تجري بدون ملاحظة أحد أو عرائض أو اهتمام دولي؟.

وتقول الكاتبتان إن الكثير من الطلاب السابقين والحاليين تعودوا على تخلي الجامعة عنهم. فلدى هارفارد التي تعتبر نفسها ساحة للتقدم سجلا فقيرا عندما يتعلق الأمر بإسرائيل. ولدى أعضاء لجنة التضامن مع فلسطين تقليدا قبل بداية أي فصل وهو البحث في صفحات المساقات التي تعرضها الجامعة ومحاولة العثور على واحد يحتوي على اسم فلسطين وعلى أمل التسجيل بواحد يركز على الفلسطينيين وكفاحهم وحقوقهم الإنسانية. وفي كل فصل ينتهي بحثهم وبطريقة غير مقصودة إلى قائمة من زملاء البحث والمحاضرين والمسؤولين الحكوميين الذين يقدمون مساقات عن السياسة والاقتصاد والأمن في إسرائيل بدون أي ذكر لفلسطين والفلسطينيين والظلم الذي يعانون منه أو جرائم الفصل العنصري الإسرائيلية الموثقة بشكل جيد.

وتظل معاملة مدرسة كيندي لروث هي القاعدة وليست الاستثناء بالنسبة لأي مدافع عن الحقوق الفلسطينية. ولم تمنع محاولات الجامعة خنق النقاش المتعلق بفلسطين، لتجنب “الجدل”، الناشطين والطلاب من دفعها لتغيير موقفها. ففي مساق الصحة العامة و”الرد العالمي على الكوارث وأزمة اللاجئين” يختار الأستاذ كل أسبوع حالة للنقاش، لكن فلسطين غائبة. رغم وجود أكثر من 6 ملايين فلسطيني منذ عام 1948 بشكل يجعلهم أقدم المهاجرين في التاريخ الحديث، لكنهم لا يستحقون على ما يبدو حصة في درس مدته 120 دقيقة علاوة على محاضرة بأكملها. وعندما سأل الطلاب الأساتذة عن استبعاد فلسطين من المقرر كان الجواب المعروف ” موضوع مثير للجدل وعلينا احترام طلاب الفصل”، وبالنسبة للفلسطينيين الذي طرحوا السؤال فالجواب ينم عن قلة احترام ورفض كامل للهوية والوجود والتجربة الفلسطينية. ومشاعر من يريد الأستاذ احترامها؟. وفي حزيران/يونيو 2022 وبعد سلسلة من النقاشات الجادة، اتفق الطلاب على كتابة مسودة تضمن فلسطين في النقاش واقترحوا مواد للقراءة في ضوء تقارير بتسليم وأمنستي وهيومن رايتس ووتش الأخيرة، ورد الأساتذة بأنهم سيفكرون في شمل المقترح بالمقرر “لكن هناك آلاف الحالات الواجب التفكير بها”. ولم يتغير أي شيء رغم قرب بدء الفصل. وتشمل رقابة الجامعة على أمثلة مثل تقييد الدعم نظرا للمواقف أو التهديد بإجراءات تأديبية على الاحتجاجات. ويمتد المنع للرقابة المشددة على المناسبات، فقبل ساعات من مناسبة عن عنف الشرطة والدولة، أبلغت الإدارة المنظمين بأن هناك تهديدات بحدوث العنف وفرضت عددا من القيود على عقدها. وفي الوقت الذي تتصرف فيه الجامعة لحماية أمن الطلاب، ففي هذه الحالة حملت الجامعة لجنة التضامن مع فلسطين وجمهورها مسؤولية ما قد يحدث وليس مصدر التهديدات. ولا يريد المنظمون تعاطفا من الجامعة بسبب سياساتها ولكن احتراما ووقفا لمحاولات إسكات النشاط. وخلف محاولات المؤسسة التي وضعتها ضد مناصري فلسطين بهارفارد حقيقة لا يمكن تجاهلها وهي التحول في رأي الطلاب والدعم المتزايد للفلسطينيين وحقهم بالحرية والكرامة.

وفي نيسان/أبريل، نشرت مجلة الجامعة “كريمسون” افتتاحية دعمت فيها حركة المقاطعة ضد إسرائيل وعملت تحولا في التردد الطويل من القضية الفلسطينية وما حققته حركة المقاطعة داخل حرم الجامعة. وانضم عدد من طلاب السنة للجنة التضامن بعد المظاهرة الأولى، وتتواصل نشاطات اللجنة لدعم حركة المقاطعة وكذا تظاهراتها. وربما حاولت هارفارد إسكات نقاد إسرائيل ونظامها للفصل العنصري لكن ذلك لن يعادل الأصوات المتصاعدة في حرم الجامعة من الذين يرون أن التراجع عن قرار حرمان روث ما هو إلا مجرد خطوة حد أدنى. وهي أصوات تتحد تحت قيم معاداة العنصرية والحرية الجماعية والتضامن. أصوات لن تتوقف عن المطالبة بالحرية الأكاديمية والمحاسبة وأصوات سيرتفع صوتها عاليا، وهي أصوات ستعلو ونحن نخبر هارفارد أننا نرفض التسامح مع تعامل جامعتنا مع فلسطين وكأنها استثناء لحقوق الإنسان والكرامة”.

وسوم: العدد 1016