في الفروق بين مراكز رصد الأخبار، ومراكز تحليل الأخبار، وبين مراكز الدراسات

ورأيت كثيرا من بني قومنا لا يكادون يميزون...وفي الخلط بين هذا وهذا وذاك عنت كبير..

ومراكز رصد الأخبار: هي مراكز جمع وإحاطة واستقصاء، تجهد لتضعنا في صورة ما حدث، كما حدث، من روايات المتعددين. وهي بذلك تختلف عن وكالات الأنباء التي تروي الخبر بألسنة مراسليها، منطلقين أصلا بما استقر عندهم من سياساتها...

ثم مراكز تحليل الأخبار...

هي المراكز التي تقرأ لنا الأخبار، فتخبرنا عما جرى، وكيف جرى، ولماذا جرى، وماذا يتوقع منه أو قد ينبني عليه، في استشراف مستقبلي يقوم على السوابق والمعطيات، ولا يقوم على الرغبات!! قد تبشر، ولكنها لا تغرر ولا تورط.

أما مراكز الدراسات...

فهي مراكز "توليد الأفكار" الإيجابي منها والسلبي، وإلينا بعض التمثيلات

الشياطين الذين أقنعوا الأمريكان، بعد انتهاء الحرب الباردة، وسقوط الاتحاد السوفييتي، أن عدوهم القادم هو "الإسلام والمسلمون"...وكل ما جرى للتمهيد لهذه الحرب وخوضها تفصيل. لم تختر الولايات المتحدة بعد سقوط الاتحاد السوفييتي، تصفية الحسابات مع الصين، التي لم تدخل الجمعية العامة للأمم المتحدة إلا في عهد نيكسون, والتي ما تزال دولة إيديولوجية، دولة الحزب الواحد الذي اشتق نظامه من النظام البلشفي وما يزال،. هذه الحرب كانت مقررة ومدبرة ... وأسست لها مراكز دراسات...

لم تختر الولايات المتحدة بعد سقوط الاتحاد السوفييتي، عدوا لها اليابان التي ما تزال تنازعها في أسواق الاقتصاد، والتي سبق أن رمتها بقنبلتين ذريتين!! تأملوا هذا ولا تنسوه.. هادنت الولايات المتحدة العملاقين المنافسين واختارت الطرف الأضغف في الساحة الدولية، المتسلح بالعقيدة الأصلب!!

ومراكز الدراسات أيضا هي التي زينت للغرب أجمع التحالف مع ما يسمى الأقلية الشيعية في شخص الخميني، لضرب الأكثرية السنية في العالم العربي، المشروع الذي بدأ مع الخميني وما يزال...

مراكز الدراسات المشؤومة، هي التي اخترعت للرئيس أوباما، عنوان "الحل السياسي" هربا من استحقاق التغيير الديمقراطي في سورية، وهي التي ما تزال تفرض سياستها للتطبيع مع الأسد في ظل حزمة من الشروط الأمريكية التي لا حظ للشعب السوري فيها..

عندما نتحدث عن مركز دراسات، نتحدث عن سلة الأفكار، وليس عن نشرة الأخبار...

أكتب هذا وإني مستعد على ضعفي وقلة بضاعتي لتقديم جردة الحساب عن مركز الشرق العربي .. اللهم وأعنا على الرشد، وأيدنا بالراشدين...

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 1021