«سلام دائم» بدون الفلسطينيين؟

أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ما كان قد صرّح به ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بقوله، في خطابه في الجمعية العامة للأمم المتحدة أمس، إن الدولتين صارتا «على عتبة إقامة علاقات» لكنّه على عكس بن سلمان، الذي قال إن القضية الفلسطينية مهمة من أجل التطبيع، أفتى بمنع الفلسطينيين من «حق النقض» على «معاهدات السلام الجديدة مع الدول العربية» (والمقصود بذلك السعودية طبعا).

جاءت التصريحات الآنفة في ما يشبه الرد المباشر على الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الذي قال في خطابه للأمم المتحدة، إنه لن يكون هناك سلام في الشرق الأوسط بدون دولة فلسطينية، فاستعاد نتنياهو سردية «اتفاقات أبراهام» معتبرا إياها إشارة إلى «فجر عصر جديد من السلام» وهو ما يجعل وصفه لـ«السلام التاريخي بين إسرائيل والسعودية» تتويجا لذلك العصر المذكور.

يتكامل هذا الكلام مع التصريحات التي أدلى بها أنور قرقاش، مستشار الرئيس الإماراتي، قبل يومين، والتي قال فيها إن «اتفاقات أبراهام» لم تكن مصممة «لحل القضية الفلسطينية» لكنّ خطاب نتنياهو يضيف على ذلك منعهم حتى من حق الاعتراض على سلام لا يضعهم في حسبانه!

يشير صدور تصريحات نتنياهو بعد مقابلته مع الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى إمكانيات تدبير تسوية أمريكية ـ إسرائيلية تعالج مطالب الرياض الثلاثة: مشروع نووي، وتعهد واشنطن بالدفاع عن المملكة، وتقديم مكاسب مهمة للفلسطينيين في مسار حل الدولتين.

يحتاج بايدن ونتنياهو إلى مساعدة بعضهما البعض، فالإدارة الأمريكية ستقوم، عبر هذه الصفقة، بتقديم حبل إنقاذ لـ«ائتلاف الكوابيس» (كما تصف صحيفة «هآرتس» الحكومة الإسرائيلية الحالية) وهو أمر سيكلّف نتنياهو مهمة ترويض بن غفير وسموتريتش (أو اللجوء لائتلاف آخر مع المعارضة) بينما سيوظف نتنياهو نفوذ إسرائيل على النواب الجمهوريين (والديمقراطيين) في الكونغرس للموافقة على الاشتراطات السعودية (باستثناء ما يتعلق بالفلسطينيين طبعا) وسيتمكن ولي العهد السعودي، من جهته، من تحقيق عدة أهداف استراتيجية تدعم موقع السعودية الإقليمي والعربي والعالمي، بعد أن كانت، موضوع إشكاليات كبرى: من حرب اليمن، إلى حصار قطر، إلى تداعيات اغتيال جمال خاشقجي، إلى قضايا احتجاز عدد كبير من الأمراء ورجال الأعمال وغيرها.

توضح تصريحات نتنياهو أن محاولته للوصول إلى الاتفاق مع السعودية لا تتضمن الخلاف مع عناصر ائتلافه الفالتين من عقالهم، والمراهنة، بالتالي، على تراجع إدارتي بايدن وبن سلمان عن مطلب تحقيق مكاسب حقيقية للفلسطينيين.

سلام نتنياهو «الدائم» سيشتغل يدا بيد مع مخططات قادة «الإرهاب اليهودي» (على حد تعبير الصحافة الإسرائيلية نفسها) وستكون الصفقة مع الرياض، على عكس المقصود منها سعوديا، دعما لخطط ضم الضفة الغربية وتكريس الفصل العنصري مع الفلسطينيين وتوسيع الاستيطان ودعم «الإرهاب اليهودي».

فهل هذا هو «السلام الدائم» الذي يريد الأمريكيون والسعوديون تحقيقه؟

وسوم: العدد 1051