لماذا استثنى الجهاز المركزي الفلسطيني للإحصاء فلسطينيي الداخل المحتل من تعداد 2023 ؟

لمناسبة اليوم العالمي للإسكان ، ويوم الإسكان العربي ؛ أوضح الجهاز المركزي الفلسطيني للإحصاء أن عدد السكان " في فلسطين " حتى منتصف العام الحالي هو 48 ’ 5 ملايين نسمة ، ولم يأتَ في إيضاحه بيان عدد سكان الضفة وعدد سكان غزة منفصلين مع وجوب هذا البيان إلا أن خطأ الجهاز مثَله استثناؤه لعدد فلسطينيي الداخل المحتل من عدد سكان "فلسطين " ، ولا نقف عند استثنائه لعدد فلسطينيي الخارج . ونجد جذور تفسير استثنائه لعدد فلسطينيي الداخل المحتل في اتفاق أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل . في ذلك الاتفاق ، استثني فلسطينيو الداخل المحتل من ولاية منظمة التحرير ، وتباعا من ولاية السلطة الفلسطينية باحتسابهم مواطنين إسرائيليين  . وكان الهدف جليا من ذلك الاستثناء ، وهو فصلهم سكانيا ووطنيا من إخوانهم في الضفة وغزة حتى لا يؤلفوا معا كتلة وطنية فلسطينية خطيرة على إسرائيل . وكانت آفاق أوسلو تبدو مفتوحة على مثل ذلك الخطر . وتدفق عدد من فلسطينيي الداخل المحتل ، وبينهم شخصيات سياسية وبرلمانية واعتبارية ، على غزة  ليلتقوا ياسر عرفات . وصرع الشاعر ورئيس بلدية الناصرة توفيق زياد في 5 يوليو / تموز 1994 في حادث سير في طريقه ليلتقيه  في أريحا إلا أن أداء السلطة في الضفة وغزة صدم توقعات فلسطينيي الداخل المحتل مثلما صدم توقعات فلسطينيي غزة والضفة ، فانحسر حماسهم لها ولرموزها . وحين عرضت إسرائيل في مباحثات لاحقة مع السلطة ضم سكان مدينة أم الفحم إداريا للسلطة رفض السكان الفكرة رفضا حازما .كان  الواجب الوطني أن يضيف جهاز الإحصاء ولو فنيا عدد سكان الداخل ، وهو للمناسبة مليونان وسبعمائة ألف نسمة ، إلى عدد سكان الضفة وغزة ، فهم فلسطينيون وإن أجبرهم واقعهم السياسي على أن يكونوا إسرائيليين من الناحية القانونية . ولننظر إلى العين  التي ترى بها إسرائيل يهود العالم . كلهم في قانونها إسرائيليون ، ولهم وفق قانون العودة أن يأتوا إليها ، ويحصلوا على جنسيتها ، ويتساووا مع سائر مستوطنيها حقوقا لهم وواجبات عليهم ، وتطلب منهم الولاء لها أكثر من ولائهم لأوطانهم التي يعيشون فيها ويحملون جنسيتها . وكانوا دائما منقذين لها مما تسميه القنبلة السكانية الفلسطينية . وخوفها من هذه القنبلة يحفزها على إغفال شرط الديانة اليهودية لدى من تمنحهم حق العودة ومن بعده الجنسية . ومعلوم أن أكثر من نصف المليون السوفيتي الذين هاجروا إليها ليسوا يهودا ، ومنهم مسلمون . ويوجد مسلمون بين الفلاشا الأحباش الذين هجرتهم إليها في 1984 في عملية موسى  بعد أن رشت الرئيس السوداني جعفر  النميري بخمسين مليون دولار لم يجد لها رصيدا في المصرف الذي حددته له ليصرفها منه . وهي في هذا الإغفال ليهودية المهاجرين إليها تقترب كثيرا من أميركا التي هاجر إليها وما فتىء يهاجر مختلف الأجناس دون نظر للديانة . وأبدا تجد لها غنيمة من المهاجرين في مصائب الدول الأخرى ، وأحدث هذه الغنائم ما وجدته في مصيبة الحرب الروسية الأوكرانية . هاجر إليها آلاف من أوكرانيا المحترقة المهدمة التي تشرد من شعبها الملايين ، وهاجر إليها بعض الروس . وهي تعد المستوطنين في الضفة والقدس إسرائيليين ، وهذا منطقي سوي ولو بمقياسها ، وكل مقاييسها عوجاء ، وفي المقابل ، وأكثر منه منطقية واستواء ، كان من واجب جهاز الإحصاء الفلسطيني وطنيا أن يعد فلسطينيي الداخل المحتل فلسطينيين ، ويشملهم في إحصائيته ، ويذكر عددهم ولو فنيا مثلما أسلفنا . لا نقول إنه تعمد استثناءهم إلا أنه تقيد باتفاق أوسلو الذي يستثنيهم من ولاية منظمة التحرير الفلسطينية ، وتباعا من ولاية السلطة الفلسطينية . ولنتذكر مع من " نلعب " . نلعب مع إسرائيل التي لا تتقيد بقواعد اللعب مع الآخرين ، ولا مانع لديها ولا حرج في خطف كرة القدم بيدها ، والركض بها نحو مرمى الخصم ، وقذفها فيه ، والارتداد مسرعة هاتفة : "هدف ! هدف ! " . وفي إجمالي عدد فلسطينيي الضفة وغزة والداخل المحتل نرى تفوق هذا العدد على عدد مستوطني إسرائيل المرقوم ب 1 ’ 7  ملايين نسمة . القنبلة السكانية الفلسطينية تدق عالية الصوت ، وينقصها قيادة وطنية تسرع انفجارها في كيان العداة الغزاة .  

وسوم: العدد 1052