البراميل و الكبتاغون

هناك شبه بين البراميل المتفجرة و بين حبة الكبتاغون من الناحية الهندسية ، فالجسمان اسطوانيان ، بينهما بعض الفروقات البسيطة ، إذ أن البرميل طويل و الحبة قصيرة و البرميل كبير و الحبة صغيرة و غالبا مايكون البرميل ملونا  بينما الحبة على حد ما رأيت في الصور بيضاء اللون ، و لكن لو توجهنا للمقارنة من الناحية العملية نجد أن البراميل المتفجرة تقتل الأبرياء وكذلك تفعل حبوب الكبتاغون ، البراميل تقتل بالجملة و كذلك تفعل حبوب الكبتاغون ..

البراميل المتفجرة تدلل فتحمل بالطائرة لإلقائها فوق رؤوس الأبرياء، فتفجر منازلا سكنية أو خيما يسكنها النازحون ، أو تفجر مستودعا أو مستشفى مليئا بالمرضى و الجرحى أو مدرسة مكتظة بالأطفال أو تسقط فوق مصنع أو سوق بمن فيه من المتسوقين و البائعين، بينما تسقط حبات الكبتاغون في جوف الإنسان طفلا أو شابا أو امرأة أو رجلا أو شيخا كبيرا فتسبب له تشنجا لخلايا المخ و ضررا وإتلافا و نقصا في كريات الدم البيضاء، كما تسبب الأنيميا و فقدان الاتزان و الشك في الناس، مما يؤدي الى العزلة و الانطواء و سرعة الانفعال و اضطراب العقل و توارد أفكار الانتحار، بالاضافة ‘إلى  تشوهات وإعاقات دائمة بسبب ضمور بالمخيخ والجهاز العصبي، وحدث ولا حرج عن تزايد عدد ضربات القلب في الدقيقة وارتفاع ضغط الدم و هبوط النفس و تعرض للسكتات القلبية و….و….و بتعبير آخر الموت البطئ المأساوي .

الوحش المجرم قتل وهجر نصف الشعب السوري ، و قسم سوريا إلى شمالية من عدة أقسام و وسطى قابلة للانشطار، فيما يبدو أن الجنوبية في طريقها للتشكل، وعلى الجانب المقابل للقتل و التهجيروالتقسيم  نجد أنه فتح الباب على مصراعيه للتغيير الديمغرافي مستقبلا الملايين من ايران وافغانستان وباكستان و العراق والكثير  من هذه الشاكلة ، و باع جزءا كبيرا من سوريا لروسيا الاتحادية، وبعد ذلك توجه إلى الدول الشقيقة يمطرها بحبوب الكبتاغون ، فيقول وزير الخارجية الاردنية انهم يوقفون شحنة كبيرة بمعدل مرة كل عشرة أيام ، طبعا هذا غير الذي يمر و لا يتمكنون من اكتشافه، فالوحش المجرم فنان مبدع في طرق التهريب ، مرة يستخدم المسيرات الجوية الصغيرة، و مرة داخل البرتقال والتفاح والبصل أو في أرضيات الشاحنات ، و أحيانا في إطاراتها ، و البارحة كنت أسنمع إلى صحفي لبناني، ذكر أن الوحش المجرم بدأ بشق أنفاق سرية بين سورية و الأردن لهذا الغرض، وأشار وزير الخارجية الاردنية إلى أن بعضا من الشحنات المهربة تأتي أحيانا محمية بجنود مسلحين من الفرقة الرابعة، و تحصل معارك و يقتل جنود من الطرفين غالبا، مما يعني بداية انتقال التهريب السري  الى التهريب العلني المحمي بالأسلحة و الجنود ، وهي نقلة خطيرة جدا إذا ما استفحلت و تفاقمت و تزايدت أعداد المسلحين المرافقين للشحنات المهربة .

 

إذا تابعنا المقارنة بين البراميل المتفجرة و الكبتاغون، نجد أن القتل بالبراميل كلفته قليلة و لكنه مكلف في المحصلة و سريع المفعول و النتائج ، بينما القتل بحبوب الكبتاغون بطيء نوعا ما و لكنه مربح ماليا و له نتائج كارثية على الزمن المتوسط و الطويل ، و لنا أن نتساءل هنا لماذا شحنات التهريب هذه تتجه نحو الأردن و الخليج ، و لم نسمع عن شحنات مهربة إلى العراق الشقيق ؟؟ ، و نتفهم أن لبنان لا يحتاج هذه البضاعة المستوردة بسبب وجود مصانع الشركاء هناك تدار من الضاحية الجنوبية .

و ختاما للمقارنة بين البراميل المتفجرة و حبوب الكبتاغون / نجد أن القاسم المشترك الأعظم بينهما هو الوحش المجرم ، فهو المنتج و هو الموزع و المصدر و المهرب ، و هو القاتل و هو المجرم و هو السفاح الأشر .

 

خارج المقارنة بين البراميل و الكبتاغون ، نجد أن العرب وخصوصا دول الخليج حاولوا من جهتهم  أن يفتحوا له بابا للعودة إلى حضن الوطن العربي الكبير ، كمقدمة لمساعدته في التغيير السياسي والحل السياسي للمأساة السورية ، و في هذا انقاذ له من النهاية المنتظرة ، و كل ذلك على أمل  إيقاف تهريب هذه الحبوب القاتلة، لكن شيئا من هذا لم يحصل ، و لا يبدو أن الوحش المجرم قابل للتغيير في ذاته أو تفكيره و تنفيذه لهذه السياسة الإجرامية القذرة، طالما أنه مسكوت عنه عالميا من قبل الدول العظمى ، و مرضي عنه من قبل اسرائيل التي يقوم بتفريغ المنطقة من أهلها نيابة عنها و يرجع بشعوب المنطقة إلى الوراء مئات السنين فقرا و جهلا وتخلفا ….

ياترى هل سيستمر بتحقيق انتصاراته على شعبه و يتمكن من قتل الشعوب الشقيقة المجاورة ؟ أم أن الدول العربية المتضررة سيكون لها موقف مختلف ??

وسوم: العدد 1054