في مقاومة المشروع الصهيونيّ الإجراميّ العدوانيّ: الطوفان قُبَيْلَ اقتلاع الكيان 1+2

(الأولى)

 الكيان الصهيونيّ: زراعة بريطانية استعماريّة، برعايةٍ صليبيةٍ غربيةٍ وأميركية!..

لم تنتهِ ممارسة الإرهاب الغربيّ على العالَم الإسلاميّ بانتهاء الاستعمار الحديث، وبطرد الجيوش الاستعمارية الصليبية الغربية من بلاد العرب والمسلمين، بعد تمزيقها إلى كياناتٍ ودولٍ متناحرةٍ متنافرة.. فقد قام الغرب الصليبيّ، بزعامة (بريطانية)، بارتكاب أعظم جريمةٍ إرهابيةٍ في التاريخ، عندما قام بتصنيع كيانٍ لليهود في فلسطين العربية المسلمة، جاعلاً منه خنجراً مسموماً مغروزاً في قلب العالَم العربيّ والإسلاميّ!.. والغرب الاستعماريّ في ذلك، نفّذ مجموعةَ أهدافٍ متكاملةٍ تخدم مصالحه الخبيثة:

1- فهو يزرع بذلك جسماً شرّيراً غريباً في العالَم الإسلاميّ، الذي ينشغل به وبكونه مصدر قلقٍ مستمرٍ واضطرابٍ دائمٍ، يمنع المسلمين من الهدوء والاستقرار والأمن!..

2- ويشكّل مصدر فرقةٍ وتفتيت، فيحول دون إعادة توحيد أجزاء العالَم الإسلاميّ ودُوَله المصطنعة استعمارياً.. توحيدها في دولةٍ واحدةٍ قويةٍ مترابطة!..

3- ويشكّل هذا الكيان اليهوديّ الصهيونيّ المصطنع، قاعدةً متقدّمةً للغرب الصليبيّ، تحمي مصالحه، وتخدم أهدافه، وتُشكّل رأس حربةٍ لمؤامراته المستمرّة على المسلمين!..

4- وفي الوقت نفسه، يتخلّص الغرب من اليهود وشرورهم وخطرهم على المجتمعات الغربية، وجرائمهم التي عانت منها الدول الغربية قاطبةً!.. وفي هذا يقول (بنجامين فرانكلن) أحد زعماء الاستقلال الأميركي في عام 1789م: (هناك خطر عظيم يتهدّد الولايات المتحدة الأميركية، هو خطر اليهود، فكل أرضٍ يحلّ فيها اليهود ستُعاني من إطاحتهم بالأخلاق، وإفسادهم الذمّة التجارية، وهم يعملون على خنق الشعوب التي يقيمون بينها)!.. ويقول (نابليون) في عام 1808م: (اليهود هم أذلّ فئةٍ على وجه الأرض، ويجب علينا ألا ننظر إليهم بوصفهم عنصراً متميّزاً، بل بوصفهم غرباء يرتكبون الجرائم البشعة)!.. ويقول الملك الفرنسي (لويس التاسع): (إنّ أفضل حجّةٍ يمكنك استخدامها مع اليهوديّ، هي أن تغرز خنجركَ في معدته)!.. وتقول إمبراطورة النمسة (ماريا تريزا) في عام 1777م: (اليهود هم الوباء الذي يجلب الاضطرابات للدولة، كما يجلب الفقر للناس بالربا الفاحش الذي يمارسونه، وهم يمارسون كل أنواع الشرور والمخازي، التي يبغضها كل رجلٍ شريف)!.. (صحيفة الرباط-العدد 39-29ت1 1991م).

*     *     *

لقد تأسّس الكيان الصهيونيّ على الإرهاب والعدوان والجريمة واغتصاب الأرض وإبادة أصحابها الأصليين أو تهجيرهم.. وهي الأمور التي تشكّل ذروة الإرهاب والجريمة التي يمكن أن يرتكبها البشر على مَرّ التاريخ!.. ويزيد من بشاعة هذه الجريمة، ذلك الادّعاء الوقح، أنّ أشتاتاً من مختلف الأعراق والأجناس والأوطان في العالَم، الذين يتجمّعون على أرض فلسطين، التي تهبهم إياها دولة استعماريّة محتلّة هي بريطانية تحت سمع العالَم وبصره.. أنّ هؤلاء، هم الشعب صاحب الأرض والوطن.. بينما يُطرَد الشعب الأصليّ صاحب الأرض والوطن منذ فجر التاريخ.. يُطرَد من أرضه، ويُقتَلَع من وطنه، ثم يُتَّهَم بالإرهاب والقتل وسفك الدماء، فيما يُعتَبَر المحتلّ المجرم السفّاح اللصّ رمزاً للحرية والتحضّر والتسامح والإنسانية!.. فهل هناك نفاق وإرهاب ونذالة، كهذه التي يرتكبها الغربيون الصليبيّون العنصريون الإرهابيون، وربيبهم المسخ الصهيونيّ الإرهابيّ؟!..

الإرهاب صناعة يهودية صهيونية، بخبرةٍ غربيةٍ صليبيّة!..

ليس الكيان الصهيونيّ بالنسبة للغرب الاستعماري.. إلا كلب حراسةٍ، مهمّته رصد أي صحوةٍ إسلاميةٍ يمكن أن تنشأ في العالَم الإسلاميّ، وما على هذا الكلب الشرس حينها، إلا العواء في الوقت المناسب لتنبيه الغرب الاستعماريّ، وتحذيره من كل ظاهرةٍ تحرّريةٍ أو حركةٍ إسلاميةٍ يمكن أن تظهر، مُناديةً بعودة الأمة الإسلامية إلى إسلامها.. أولاً، وبالقضاء على التجزئة في العالَمَين العربيّ والإسلاميّ.. ثانياً، وبإقامة النظام الإسلاميّ، الذي يبني الدولةَ المدنيةَ الحديثةَ ذات المرجعية الإسلامية.. ثالثاً!.. وهذه الأمور الثلاثة تمثّل الأركان الرئيسية لتآمر الغرب الصليبيّ على العرب والإسلام والمسلمين!.. فكلب الحراسة الصهيونيّ يقوم في الواقع بمهمةٍ مزدوجة:

1- حماية الغرب من المدّ الإسلاميّ، الذي لا يهدف إلا إلى خير البشرية وصلاحها.. من جهة.

2- وحماية الكيان الصهيونيّ نفسه من الزوال والاقتلاع، عندما يعود المسلمون إلى دينهم الحق، الذي يدعوهم إلى استخدام حقهم المشروع في جهاد الغاصب المحتلّ ومقاومته، وإنهاء احتلاله وظلمه وعدوانه وإرهابه وفساده في الأرض!.. من جهةٍ ثانية.

وهذه الحقيقة يجسّدها (حاييم هيرتزوغ) رئيس الكيان الصهيونيّ في أوائل التسعينيات من القرن الماضي، بقوله عندما كان قبل ذلك رئيساً للاستخبارات الصهيونية (الموساد): (إنّ ظهور الصحوة الإسلامية بهذه الصورة المفاجئة المذهلة، أظهرت بوضوح أنّ كل وكالات الاستخبارات الغربية والأميركية، كانت تغطّ في سباتٍ عميق)!.. ويضيف الإرهابيّ (هيرتزوغ): (إنّ عودة الحركات الإسلامية لممارسة نشاطها في المنطقة العربية، تثبت أنّ الأساليب المتّبعة لكبت نشاطها كانت فاشلة)!.. ثم يختم أقواله بالتصريح محرّضاً الغرب: (إنّ الحركات الإسلامية هي عدوّ كل ما هو غربيّ)!.. (جريدة جيرازوليم بوست الصهيونية-25/9/1978م).

لقد أنعم الله عزّ وجلّ على منطقتنا العربية والإسلامية بالأمن والاستقرار كما أسلفنا، إلى أن تعكّر صفو هذا الأمن بالحملات الاستعمارية الصليبية الغربية (بريطانية وفرنسة وإيطالية و..)، فانتُهِكَت حقوقنا بأبشع صورةٍ عرفها البشر، ثم زُرِع الكيان الصهيونيّ الدخيل في قلب عالمنا العربيّ والإسلاميّ على غفلةٍ من شعوبنا، ليكون مصدراً مستمراً للاضطراب والقلق، وذلك بارتكاب الصهاينة الغاصبين كل أشكال الترويع والإرهاب والجريمة والعدوان، واليهود يعتبرون أنّ الإرهاب هو أبرز عناصر القوّة لديهم، وينطلقون في ذلك من عقيدةٍ تلموديةٍ راسخةٍ في أذهانهم المريضة، تحثّهم على القتل والجريمة، وتُلقي عليهم التعاليم اليهودية الشاذّة، التي تغذّي عندهم الشذوذ ونزعة الإرهاب بكل أدواته الشرّيرة!.. وهذا ما يؤكّده الإصحاح السادس من (سفر يشوع) عندهم، موضِّحاً البنية النفسية الإرهابية المتأصّلة في نفوس اليهود، والممتزجة بالحقد والخسّة والشرّ: (.. ودَمَّروا المدينة، وقَضوا بالسيف على رجالها ونسائها وأطفالها وشيوخها، وبَقَرِها وحَمِيرها وغَنَمِها)!.. والمدينة المذكورة هي مدينة (أريحا)، التي احتلّها اليهود في العصور الغابرة، ويتابع: (ثم أحرقوا بالنار كل ما فيها)!.. ثم يهدّد (يشوع) كل مَن يحاول إعادة بناء مدينة أريحا، لأنها بنظرهم ملعونة بسبب مقاومتها لشعب الله اليهوديّ (المختار -كما يزعمون-): (ملعونٌ أمام الربّ، كل مَن يحاول إعادة بناء مدينة أريحا)!..

أما في (سفر التثنية)، فيقول (يهوه) إله حاخامات بني إسرائيل: (.. أنت اليوم عابر الأردن، فاعلم أنّ الربّ إلهكَ هو العابر أمامك ناراً آكلةً، يُبيدهم ويُذلّهم أمامك، ثم تطردهم أنت وتُهلكَهم سريعاً كما أمرك الربّ)!.. ثم يستطرد (يهوه) بأوامره التي تتعلق بمدن المنطقة الواسعة الواقعة ما بين نهر الفرات والبحر الأبيض المتوسط بقوله: (لا تَسْتَبْقِ من شعوبها نسمةً، بل عليك أن تُهلكَهَا كما أمرك إلهك)!..

وهكذا.. فالإرهاب يهوديّ الجذور، والمجتمع اليهوديّ هو التربة التي ينبت فيها هذا الإرهاب، وينشأ عليها، وينمو في خباياها وجحورها!.. وهكذا.. كان (تيودور هرتزل)، مؤسّس الحركة الصهيونية.. كان حاملاً الإرهابَ عقيدةً ووسيلة، لتحقيق حلم اليهود في إنشاء كيانهم الصهيونيّ المسخ!.. ثم توالت بعده سلالات الإرهاب والشذوذ والجريمة والتطرّف، ملتزمةً بتعاليمه، ومطوِّرةً لها بما يضمن استمرار الشرّ والعدوان والتآمر على العرب والمسلمين!..

*     *     *

سلالات الإرهاب الصهيونيّ ، ومقوّماته

اعتبر (تيودور هرتزل) أنّ الوسيلة المشروعة لتحقيق أغراض اليهود الخبيثة في إنشاء (دولة إسرائيل).. هي الإرهاب، وذلك في كتابه الشهير (الدولة اليهودية)، وتوالت بعده سلالات الإرهاب اليهوديّ الصهيونيّ، ترشف تعاليم الإرهاب من التربة الخصبة التي وفّرتها (التوراة) المحرَّفة (التلمود) لليهود .. وتأسّست الحركات الصهيونية الإرهابية الإجرامية الكثيرة، على الجريمة والعدوان وسفك الدماء والإرهاب، منطلقةً في ذلك من عقيدةٍ تلموديةٍ شاذّةٍ حاقدة، تحمل بين طيّاتها حقداً دفيناً على الإنسانية بشكلٍ عام، وعلى المسلمين والإسلام بشكلٍ خاص!..

*    *     *

لقد تأسّست عشرات العصابات والحركات اليهودية الصهيونية على الإرهاب.. الإرهاب وحده!.. ثم فرّخت هذه العصابات كل القيادات الصهيونية، الذين تعاقبوا على شَغل المناصب القيادية في (الكيان الصهيونيّ)!.. وإذا استعرضنا أسماء تلك القيادات التي شَغلت المناصب العسكرية والسياسية والأمنية منذ تأسيس ما يسمى بدولة إسرائيل حتى اليوم.. فسنجد أنّ أي منصبٍ قياديٍ إسرائيليٍ، لا يمكن أن يَشغله إلا شخص له تاريخ حافل بالإرهاب والجريمة بحقّ الإنسانية، وبحق المسلمين بشكلٍ خاص!..

وهكذا، فإنّ عصابة (شتيرن) مثلاً، التي اشتهرت بارتكابها أفظع أنواع المجازر والإرهاب.. هي التي خرّجت الإرهابيَّيْن المجرمَيْن: (مناحيم بيغن) و(إسحاق شامير)، وهما من أبرز حكام إسرائيل في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي!.. وعصابة (شتيرن) التي أسّسها (إبراهام شتيرن) تلميذ الإرهابيّ المجرم (فلاديمير جابوتنسكي).. هي التي ارتكبت عدداً كبيراً من العمليات الإجرامية الإرهابية، منذ مرحلة الانتداب البريطاني على فلسطين، نذكر منها: اغتيال (اللورد موين) وزير الدولة البريطاني، واغتيال مبعوث السلام السويدي (الكونت فولك برنادوت)، والاشتراك مع عصابة (آرغون) الإرهابية الصهيونية في ارتكاب المجازر بحق الشعب الفلسطيني المسلم، على رأسها مجزرة (دير ياسين) الشهيرة في عام 1948م!.. ومن المعروف أيضاً أنّ (شامير) كان مطلوباً للسلطات البريطانية قبل ذلك بأكثر من نصف قرن، بسبب إدانته بارتكاب أعمالٍ إرهابية إجرامية!.. أما (بيغن) فيقول: (أنتم الإسرائيليون يجب أن لا تأخذكم شفقة أو رحمة عندما تقتلون عدوّكم، عليكم أن تدمّروا حضارة العرب، التي سنشيّد على أنقاضها حضارتنا اليهودية)!.. ومن مقولاته الشهيرة: (لا يمكن أن نشتريَ السلام من أعدائنا العرب، فالسلام الذي يمكن أن يُشتَرى، هو فقط سلام القبور)!.. (الرباط-العدد 40-في 5/11/1991م).

*     *     *

من العصابات الإرهابية اليهودية الصهيونية الشهيرة، التي ارتكبت المجازر البشعة بحق الشعب الفلسطينيّ: (آرغون) و(ليحي) و(أتسل) و(الهاغاناه) و(بالماخ).. و(كاخ)، التي تَعتبِر العربَ والمسلمين فئةً منحطّةً يجب اضطهادها وإبادتها!.. وعصابة (حي فاكيام)، التي سعت إلى تفجير المسجد الأقصى في أوائل الثمانينيات من القرن العشرين، وعصابة (حيرب ديفيد) التي تصرّ على استمرار قتل العرب، وينتمي إليها المجرم (غولدشتاين) مرتكِب جريمة مجزرة الحرم الإبراهيمي بتاريخ 25/2/1994م، التي خلّفت مئات الشهداء والجرحى المسلمين الفلسطينيين!.. وعصابة (أمناء جبل البيت) التي تسعى لإعادة بناء الهيكل المزعوم على أنقاض المسجد الأقصى الشريف!.. وعصابات وحركات أخرى كثيرة مغرقة في يهوديّتها وعنصريّتها وتطرّفها وإرهابها وإجرامها!..

*     *    *

في الواقع، إنّ الحديث عن الإرهاب اليهوديّ الصهيونيّ طويل لا ينتهي، لأنه إرهاب لا يساويه إرهاب في الأرض، لكننا يمكن أن نتحدّث عنه من خلال أمرين اثنين هما:

1- الشخصيات القيادية الإرهابية الصهيونية، التي لولا ممارساتها الإجرامية للإرهاب، لما تبوّأت المواقع القيادية في المجتمع اليهوديّ القائم أصلاً على الإرهاب والجريمة.

2- بعض العمليات الإرهابية الإجرامية، التي قام بها الصهاينة، بتنفيذٍ أو إشرافٍ مباشرٍ من تلك القيادات الصهيونية الإرهابية.

1- فيما يتعلق بالبند الأول (الشخصيات..)، نذكر إضافةً إلى ما ذكرناه عن السفّاحَيْن: (بيغن وشامير)، أهم الشخصيات الصهيونية القيادية الإرهابية، من مثل:

أ- شمعون بيريز: من رؤساء حزب العمل، ورئيس وزراء سابق، ووزير خارجية أسبق.. مؤسّس عصابة (كيبوت الموت)، التي تتخذ من القتل وسيلةً للاستيطان في فلسطين.. وهو صاحب مجزرة (قانا) في لبنان بتاريخ 18/4/1996م.. ومما يدعو للسخرية والاشمئزاز، أنّ هذا المجرم هو أحد الذين حصلوا على جائزة (نوبل) للسلام، في هذا العصر الأميركيّ الذي تضيع فيه الحقوق والقِيَم الإنسانية والأخلاق!..

ب- إسحاق رابين: من رؤساء حزب العمل، رئيس وزراء سابق، أحد أعضاء عصابة (الهاغاناه) التي دمّرت بعض قرى القدس في عام 1948م، وكان من بين المجرمين الذين قتلوا العشرات من أبناء قرية (السموع) الأردنية في عام 1963م، واشترك أيضاً في ارتكاب المجازر الوحشية للأسرى المصريين في عام 1956م وعام 1967م، التي راح ضحيتها الآلاف من جنود الجيش المصريّ.. و(رابين) هذا، هو صاحب أسلوب تكسير عظام شباب الانتفاضة الفلسطينية الأولى وأطفالها، في أواسط الثمانينيات من القرن المنصرم. ولكي تكتمل المهزلة الصهيونية الأميركية الغربية.. فقد مُنِحَ المجرم الإرهابيّ (رابين) جائزة (نوبل) للسلام أيضاً!..

ج- عيزرا وايزمن: تبوّأ مناصب عدّة، منها منصب رئيس الكيان الصهيونيّ.. وتاريخه الإجراميّ الإرهابيّ حافل، وفي طليعة ذلك ارتكابه لمجازر بشعة بحق الأسرى المصريين في عامي 1956 و 1967م، إذ كان قائداً لأحد أكثر ألوية الجيش الصهيونيّ وحشيةً.. ومن مقولاته: (إنّ اللجوء إلى العنف والإرهاب، والتعاون مع الشرّ.. أمر لا بد منه لإقامة الوطن القومي لليهود)!.. (الدستور الأردنية-الملف السياسي-ص15-5/5/1996م).

د- بنيامين نتنياهو: رئيس سايق لحزب الليكود ورئيس وزراء أسبق وحاليّ، وهو من أشدّ الشخصيات اليهودية حقداً على العرب والمسلمين، ويسعى لبناء ما يسمى بإسرائيل الكبرى، وكان من المشاركين في الاعتداء على (الأردن) في معركة (الكرامة) الشهيرة.. وفي عهده توسّعت رقعة الإجرام والإرهاب الصهيونيّ في لبنان.. وتتجلى عدوانيته وعنصريته في كتابه (حرب الإرهاب) عندما يقول فيه: (إنّ الإسلام هو عدو إسرائيل، وعلى إسرائيل أن تتهيّأ جيداً لمحاربة الإسلام، الذي ينتشر في الغرب، بعد أن قامت له قواعد في بعض الدول العربية والإسلامية)!.. كما يقول في الكتاب نفسه: (لا يمكن أن يقوم السّلام، إلا إذا زالت إحدى الديانتين: اليهودية أو الإسلام)!.. وخلال حكمه السابق، هدّد حلفاءه الأميركيين، بحرق واشنطن والبيت الأبيض الأميركيّ، إذا لم تخضع الإدارة الأميركية لشروطه في السّلام مع الفلسطينيين!..

ه- أيهود باراك: من رؤساء حزب العمل ورئيس وزراء سابق، وضابط في الجيش الصهيونيّ.. سِجِلّه الإرهابيّ الإجراميّ حافل بالوحشية والحقد، فقد كان أحد الضباط الذين اشتركوا في مجازر الأسرى المصريين، وفي اغتيال القادة الفلسطينيين: (كمال عدوان، وكمال ناصر، ومحمد يوسف النجار) في لبنان، بتاريخ 10/4/1973م، وهو مَن مَثّل بجثّة الفدائية الفلسطينية (دلال المغربي) في السبعينيات من القرن المنصرم، وصاحب المجازر الكثيرة، التي ارتكبها الصهاينة في عهده، أثناء اندلاع انتفاضة الأقصى المبارك!..

و- آرئيل شارون: رئيس حزب الليكود ورئيس الوزراء سابقاً، وهو سفّاح إرهابيّ قديم، ارتكب العديد من المجازر المروّعة أهمها: مجازر صبرا وشاتيلا (16/9/1982م)، وقِبية (14-15/10/1952م)، ومجازر الأسرى المصريين، ومجازر انتفاضة الأقصى المبارك، وكان من أبشع مجازره: عملية اغتيال الشيخ أحمد ياسين مؤسّس حركة حماس، رحمه الله، ثم اغتيال الدكتور عبد العزيز الرنتيسي القائد البارز في حركة حماس، رحمه الله.. فضلاً عن ارتكاب أبشع المجازر بحق أطفال فلسطين ونسائها ورجالها وقياداتها!..

أما بالنسبة لقادة الصهاينة الآخرين، من مثل: (غولدا مائير) و(حاييم هيرتزوغ) و(موشي دايان) و(بن غوريون).. وغيرهم، فقد ذكرنا بعضاً من نزعتهم العدوانية الإرهابية الشريرة، في مقالاتٍ سابقة، وهي لا تختلف عما ذكرناه من أسماء هنا، وكذلك عما لم نذكرهم في هذا المقام من مثل: (شاؤول موفاز) و(رفائيل إيتان) و(ديفيد ليفي) و(موشيه آرينز).. وغيرهم.. وغيرهم من القيادات العسكرية والسياسية، التي يعتبر اليهود إرهابها وإجرامها أهم عاملٍ يؤهلها لاحتلال موقعٍ قياديٍ في الكيان الصهيونيّ، ولعل قيام الإرهابي (إيهود أولمرت) رئيس وزراء الكيان السابق بمجازره واستباحته لقطاع غزة سابقاً (2006م)، هو خير دليلٍ على أنّ كل قيادات الكيان تولَد مَن مَفرخةٍ حاقدةٍ لئيمةٍ واحدة، هي المفرخة اليهودية الصهيونية الإرهابية الشاذّة!..

*     *     *

بعض أحداث السجلّ الإرهابيّ الصهيونيّ

من أهم أحداث الإرهاب والإجرام الصهيونيّ الحافل بالجريمة والعدوان والإرهاب، من تلك التي ارتُكِبَت قبل تأسيس الكيان الصهيونيّ:

1- نسف فندق (الملك داوود) في القدس بتاريخ 28/7/1946م، وكانت الحصيلة أكثر من تسعين ضحيةً من المدنيين.

2- ارتكاب مجزرة (دير ياسين) في 9/4/1948م، التي استشهد فيها أكثر من ثلاث مئة مسلم ومسلمة من كل الفئات العُمْرية.

3- نسف فندق (سمير أميس) في القدس بتاريخ 15/1/1948م، وقتل أكثر من عشرين مدنياً.

4- ارتكاب مذابح (حيفا وسعسع وصفد والدوايمة..) التي استشهد فيها مئات الأبرياء من الرجال والنساء والأطفال.

أما أهم الأعمال الإجرامية الإرهابية للصهاينة اليهود، التي وقعت بعد تأسيس الكيان الصهيونيّ فهي:

1- ارتكاب مذابح (كفر قاسم) بتاريخ 29/10/1956م، و(قِبية) بتاريخ 14-15/10/1952م، و(نحالين) و(حوسان) .. وراح ضحيتها مئات الشهداء.

2- ارتكاب مجزرة (خان يونس)، والضحايا كانوا أكثر من ألفي شهيدٍ وجريح.

3- ارتكاب مجزرة قرية (بحر البقر) المصرية، بتاريخ 8/4/1970م، بالقصف الوحشيّ الصهيونيّ لمدرسة الأطفال في القرية، وراح ضحيتها أكثر من ثلاثين طفلاً.

4- ارتكاب المجازر العديدة في حروب الأعوام: ( 1948م و 1956م و 1967م و 1973م و1978م و 1982م )، وذلك على جبهات القتال، وفي الغارات الجوية الوحشية على المدن والقرى والأهداف المدنية، في سورية ومصر والأردن ولبنان وفلسطين.

5- ارتكاب جريمة إحراق المسجد الأقصى بتاريخ 21/7/1969م.

6- ارتكاب مجزرة المسجد الأقصى بتاريخ 8/10/1990م، التي راح ضحيتها أكثر من ألف شهيدٍ وجريح.

7- ارتكاب مجزرة الحرم الإبراهيميّ في الخليل، بتاريخ 25/2/1994م، على يدي المجرم (غولدشتاين)، وبمؤازرةٍ واشتراكٍ من قبل الجنود الصهاينة، وقُدّر عدد الضحايا بالمئات ما بين شهيدٍ وجريح، وقد ارتُكِبت هذه المذبحة أثناء سجود المصلّين.. في صلاة الفجر.. في شهر رمضان المبارك.

8- ارتكاب مجازر (صبرا وشاتيلا) بتاريخ 16/9/1982م، و(قانا) بتاريخ 18/4/1996م، وغيرها، وضحاياها بالآلاف.

9- محاولة اغتيال أحد قادة حركة (حماس) البارزين (رئيس المكتب السياسي) وهو الأستاذ (خالد مشعل)، في الأردن بتاريخ 25/9/1997م، على الرغم من معاهدة السلام الموقّعة بين الأردن والكيان الصهيونيّ.

10- ارتكاب عمليات الدهس المتعمّد بالدبابات، للمدنيين الفارّين من همجية الصهاينة في لبنان أثناء حرب عام 1982م، وللسيارات المدنية.

11- اغتيال الأطفال بواسطة الألعاب الملغومة، التي كانت تقذفها الطائرات الصهيونية، فوق القرى والمدن اللبنانية.

12- اغتيال القائد الفلسطيني (خليل الوزير-أبو جهاد) رحمه الله، في تونس بتاريخ 16/4/1988م، وزعيم حركة الجهاد الإسلامي (فتحي الشقاقي) رحمه الله، في مالطة بتاريخ 26/10/1995م، و(كمال عدوان ومجموعته) رحمهم الله، في لبنان بتاريخ 10/4/1973م، ..

13- قصف المفاعلات النووية العراقية في عام 1981م.

14- اغتيال الشيخ (أحمد ياسين) رحمه الله، مؤسّس حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، عند باب المسجد، بعد صلاة الفجر، بصورةٍ من أبشع صور الإرهاب والحقد، ثم اغتيال الدكتور (عبد العزيز الرنتيسي) رحمه الله، أحد أبرز قيادات حركة حماس، ثم اغتيال الرئيس الفلسطيني (ياسر عرفات) بطريقةٍ غامضة، وبظروفٍ غامضةٍ أيضاً.. وكذلك قيام الموساد الصهيونيّ، بتنفيذ عددٍ كبيرٍ من عمليات الاغتيال في العراق المحتلّ، بحق العلماء والضباط العراقيين السابقين، بالتواطؤ مع جيش الاحتلال الأميركيّ، وممالئيه من العلاقمة الجدد، والمتواطئين من الصفويين والفُرس، الذين ما يزالون يعيثون فساداً في أرض الرافدين حتى هذه اللحظة.

15- تكسير عظام الأطفال، وارتكاب كل أنواع الإرهاب والإجرام، وتهديم البيوت، وتجريف الأراضي الزراعية، وقطع الأشجار، والقيام بتنفيذ الاغتيالات اليومية.. في فلسطين المسلمة المحتلّة، ولم ينجُ من الوحشية الإرهابية الصهيونية حتى الأطفال الرضّع (إيمان حجو 4 أشهر) والأطفال اليافعين (محمد الدرّة، وأبو عاصي والريّان وإيناس صلاح والطميزي و.. و..).

وغير ذلك الكثير.. الكثير، من الوقائع والأحداث الإجرامية اليهودية، التي نُعايشها ونسمع بها ونشاهدها عبر وسائل الإعلام المختلفة، التي تضع الكيان الصهيونيّ في طليعة أعداء الإنسانية والجنس البشريّ على الإطلاق، وذلك تحت سمع أميركة والعالَم الغربيّ الاستعماريّ الصليبيّ وبَصَره، بل والعالَمَيْن الإسلاميّ والعربيّ الصامتَيْن المتفرّجَيْن المستكينَيْن!..

في مقاومة المشروع الصهيونيّ الإجراميّ العدوانيّ:

الطوفان قُبَيْلَ اقتلاع الكيان

(الثانية)

 

الإرهاب هو حجر الزاوية في الإستراتيجية الصهيونية!..

الكيان الصهيونيّ -بكلّ اتجاهاته وقئاته- لا يُقيم وزناً لأي سلامٍ مزعومٍ مع العرب والمسلمين، لأنّ البنية النفسية الصهيونية اليهودية، هي بنية إجرامية إرهابية عنصرية، لا تَقْدِر على الخروج من جِلدها!.. ولنأخذ مثالاً على ذلك: محاولة اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الأستاذ (خالد مشعل) في العاصمة الأردنية عمّان (بتاريخ 25/9/1997م)، وهي المحاولة الآثمة التي ارتكبها الموساد الصهيونيّ، التي فضحت حقيقة النـزعة العدوانية الإرهابية الصهيونية، وكان من ثمرات تأييد الله عز وجل للمجاهدين المخلصين في ذلك الوقت: الإفراج عن الشيخ المجاهد الشهيد (أحمد ياسين) من سجون الكيان الصهيونيّ، فضلاً عن إنقاذ حياة القائد المغدور الأستاذ (خالد مشعل)!.. وهذه القضية أظهرت بوضوح، أنه عندما يتم التعامل مع الكيان الصهيونيّ على أساس أنه مجرم إرهابيّ نشاز.. فإنّ ذلك يحقق الكثير من النجاح، ويُحرج العدوّ، ثم يضعه في مأزقٍ حقيقيّ، ويضع الأمة عند أعتاب نصرٍ مبينٍ بثباتٍ واقتدار!.. وهكذا انقلب السحر على الساحر في هذه القضية، فبدلاً من أن يحقّق العدوّ الصهيونيّ إنجازاً باغتيال السيد (خالد مشعل).. فإنّ عناية الله في الطرف المقابل أدت في النهاية إلى إنقاذ حياة السيد مشعل.. أولاً، ثم إلى الإفراج عن زعيم المجاهدين وشيخهم (أحمد ياسين) –رحمه الله- من سجون الصهاينة.. ثانياً، فضلاً عن فضح حقيقة الصهاينة اليهود، وفضح نزعتهم العدوانية الإرهابية الإجرامية أمام العالَم كله.. ثالثاً!..

تلك العملية الآثمة تمت على أيدي أفرادٍ من اليهود الصهاينة (عملاء الموساد)، وهم يحملون جوازات سفرٍ (كندية)، وعلى أرض دولةٍ ذات سيادةٍ (الأردن) بينها وكيان (إسرائيل) اتفاقية سلام!.. لذلك فهذه العملية تكشف عن حقيقتين هامّتين:

1- اغتصاب الصهاينة لسمعة دولةٍ أخرى هي (كندا)، بكل غطرسةٍ واستخفاف!..

2- واستباحتهم للأرض الأردنية وسيادتها، منتهكين بذلك أبسط مبادئ العلاقات بين الدول، ومبادئ اتفاقية السلام المزعوم، الموقَّعة بين الطرفين الأردني والإسرائيلي، بضمانةٍ دَوْليةٍ وشهادةٍ أميركية!..

تلك الحادثة وتداعياتها إذن، تعبّر بوضوحٍ شديدٍ عن حقيقة السلام المزعوم، الذي يسعى إليه الإرهابيون الصهاينة وحلفاؤهم!.. وتشير بوضوحٍ أشد، إلى الموقع المرموق للإرهاب الإجراميّ في الإستراتيجية الصهيونية، بعنصريتها البغيضة، وفكرها الخبيث العدوانيّ الشاذّ!..

لا يفوتنا أن نشير أخيراً، إلى أنّ الضجة السياسية والإعلامية التي ظهرت في الكيان الصهيونيّ آنئذٍ، التي احتجّ أصحابها الصهاينة على محاولة اغتيال الأستاذ (مشعل).. لم تكن احتجاجاً على العملية العدوانية نفسها، وإنما كانت احتجاجاً على عدم إتقان الموساد لحلقاتها، ما أدى إلى فشلها!.. فالمحتجّون الصهاينة والشارع الصهيونيّ بكل فئاته وطبقاته، لم يحاكِم العملية الإرهابية الإجرامية الآثمة نفسها، بل حاكَمَ الفشل الذي وقع فيه (الموساد الصهيونيّ)، الذي لو نجح في إرهابه واغتياله وإجرامه، لَنَثَرَ الصهاينة عليه الأوراد والرياحين وأكاليل الغار!..

الإرهاب الصهيونيّ والمجتمع الدوليّ

من عوامل انحطاط النظام العالميّ الحاليّ، هذا التناغم والتواطؤ القائم، ما بين ما يُسمّى بالمجتمع الدَّوْليّ والكيان الصهيونيّ.. هذا المجتمع الدولي الذي يخضع لسيطرة القطب الأميركيّ الواحد، والمصالح الأنانية، والمقايضات السياسية غير الأخلاقية، وللتوجّها الـمَبنيّة على الخلفيات الصلييبيّة الـمُـــستأنِفَة للحملات الصليبية التاريخية، المحَمَّلَة بأحقادها الثأرية القديمة، التي تجعل هذا المسمّى بالمجتمع الدوْليّ، أقرب إلى شريعة الغاب منه إلى القانون الدوْلي النـزيه.. فما ذكرناه في الحلقة السابقة عن العقيدة التلمودية الإرهابية عند اليهود، وعن الأشكال المختلفة للإرهاب الصهيونيّ وطبيعته الإجرامية.. لا يجعل ما يسمى بالمجتمع الدولي آبهاً أو مهتماً، وهذا يعكس مدى التحالف الوثيق بين الغرب الاستعماريّ الصليبيّ والكيان الصهيونيّ، الذي تحدثنا عنه في مناسباتٍ سابقة:

- فوعد (بلفور) بأرضٍ لليهود المجرمين ليست أرضهم، وتأسيس شعبٍ مُرَكَّبٍ من مختلف الأعراق والأجناس.. ليس إرهاباً!..

- واقتلاع شعبٍ من أرضه، وقهره واضطهاده، ومُصادرة أرضه، وقتل أبنائه وتشريدهم.. ليس إرهاباً!..

- وانتهاك المقدّسات الإسلامية، وقتل المصلّين المسلمين في أماكن العبادة.. ليس إرهاباً!..

- وقتل الأسرى، وذبح الأطفال والنساء.. ليس إرهاباً!..

- وارتكاب المجازر الجماعية، وممارسة الاغتيالات.. ليس إرهاباً!..

- والاعتداء على كل أشكال الحياة، وتجريف الأراضي الزراعية، وهدم البيوت، وتدمير الممتلكات والمؤسّسات والمستشفيات والمراكز الصحيّة.. ليس إرهاباً!..

- واعتقال الأطفال والنساء والرجال والقادة والوزراء ونواب البرلمان.. ليس إرهاباً!..

الإرهاب في عُرْف الغرب الاستعماريّ الصليبيّ أو المجتمع الدوْليّ المنافق.. هو مقاومة الاحتلال، ومواجهة المحتلّ، ورفض الذبح والتعذيب والتشريد والاضطهاد.. فحسب!.. أما إرهاب اليهود الصهاينة المنظَّم، فهو مُباح تُطَأطَأ له الرؤوس، فعند الإرهاب الصهيونيّ الفعليّ يتوقف كل حديثٍ عن الإرهاب!..

*     *     *

إنّ تواطؤ الغرب الاستعماريّ الصليبيّ وما يسمى بالمجتمع الدوْليّ مع اليهود والصهاينة.. واضح بيِّن لا يمكن إقناع أحدٍ من الناس بمبرّراته ونفاقه، وعلى الرغم من أنّ الكيان الصهيونيّ لم ينفّذ قراراً واحداً من عشرات القرارات التي أصدرتها منظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدوْليّ بحقه، منذ زَرْعِه في منطقتنا العربية والإسلامية حتى اليوم.. فإنه يحظى بالتأييد والدعم والعون والمساعدة والمساندة، من أولئك الذين يُسمّون أنفسهم بالمجتمع الدّوْلي!.. وأكثر من ذلك، فإنّ هذا السلوك الغربيّ والأميركيّ الدوليّ.. يُعتَبَر من أكبر الخروقات لقرارات المنظمة التي صنعوها بأيديهم وأطلقوا عليها اسم: (الجمعية العامة للأمم المتحدة)!.. فالقرار رقم (3034) الصادر بتاريخ 18/12/1972م، يؤكّد على حق الشعوب قاطبةً بتقرير مصيرها، ويؤيّد شرعية (النضال) الذي تخوضه حركات التحرر الوطنيّ: (إنّ الجمعية العامة للأمم المتحدة تؤكّد على الحق الراسخ لكل الشعوب، التي ما تزال تحت نير الأنظمة الاستعمارية أو العنصرية أو السيطرة الأجنبية، في تقرير المصير والاستقلال، وتؤيّد شرعية النضال الذي تخوضه حركات التحرر الوطنيّ) ا.هـ!.. لكن يبدو أنّ هراطقة المجتمع الدوْليّ يعتبرون الكيان الصهيونيّ، من الذين لا تنطبق عليهم مواصفات البشر أو مقاييسهم، الذين يجب أن يمتثلوا للقرارات الدولية، فهذا الكيان المسخ البغيض الإجراميّ، هو فوق القانون الدوليّ، وهذا بالضبط.. ما سيقرّب -بإذن الله- نهايته، على أيدي المجاهدين المؤمنين، الذين لا ترهبهم جرائم اليهود، ولا تخدعهم سفسطة ما يسمى بالمجتمع الدوليّ الصليبيّ وهراطقته المجرمين!..

*     *     *

المجتمع الدوليّ الصامت الهامد، الذي لا تحركه جرائم الصهاينة الرهيبة ومجازرهم الإرهابية الإجرامية، القائمة هذه الأيام بزعامة مجرم الحرب (بنيامين نتنياهو).. يملأ الدنيا ضجيجاً وصراخاً عندما يمارس المجاهدون الفلسطينيون جزءاً من حقّهم المشروع في مقاومة الاحتلال ورفض المجازر اليهودية.. وهذا ما يتجلى بوضوحٍ شديدٍ وتحيّزٍ سافرٍ، من قِبَلِ قادة ما يُسمَّى بالمجتمع الدوْليّ في الدول الغربية الصليبيّة المنافقة، بزعامة أميركة المجرمة!.. والأمثلة على ذلك أكثر من أن تُحصى، ولعل أبرزها: تصريح البيت الأبيض الأميركيّ والأنظمة الغربية منذ أيام، تعليقاً على اجتياح قطاع غزّة من قبل الجيش الصهيونيّ المحتلّ: [إنّ الولايات المتحدة الأميركية (ودول الاتحاد الأوروبيّ) تعتبر أنّ إسرائيل تدافع عن نفسها]!.. فهل يتحمّل الأميركيون، أن يدافع العراقيون والعرب والمسلمون عن أنفسهم، نتيجة احتلال العراق وأفغانستان وارتكاب كل الانتهاكات بحقهما وحق شعبيهما.. هل يتحمّل الأميركيون، أن يدافع العراقيون والعرب والمسلمون عن أنفسهم في عُقرِ الدار الأميركية؟!..

إنه نهج أميركيّ صهيونيّ غربيّ ثابت، يسلكه كل أولئك السفّاحين، الذين استباحوا بلادنا وأوطاننا وثرواتنا وإنساننا.. هو نهج قديم جديد لم يتغيّر تجاهنا، فها هو ذا (بايدن) وزعماء الغرب يصمتون على كل الجرائم التي يرتكبها الصهاينة المجرمون خلال اجتياحهم للمدن والقرى الفلسطينية، لكنهم ينتفضون بكل وقاحة، لإدانة عمليات المقاومة التي يردّ بها المجاهدون بعض الأذى والإجرام الصهيونيّ وإرهابه.. فالتصريح الحاليّ للبيت الأبيض، هو نسخة طبق الأصل عن تصريح (بوش الصغير) منذ سنوات، خلال اجتياح الإرهابي (شارون) وجيشه.. الأراضي الفلسطينية بِقُراها ومُدُنِها، فقد صرّح حينئذٍ بكل غطرسةٍ وعنجهية، مؤيّداً الإرهاب الصهيونيّ: (إنني أتفهّم حاجة إسرائيل إلى الدفاع عن نفسها، وإنّ إسرائيل دولة ديمقراطية تستجيب لرغبات شعبها، ومن حقها اتخاذ القرارات والإجراءات التي تضمن بها أمن شعبها)!.. (موقع قناة الجزيرة على الإنترنت 30/3/2001م). فإذا كانت إسرائيل دولةً ديمقراطيةً ينبغي دعمها كما يزعم، فلماذا يحاربُ (بوشُ الصغير) حكومةَ حماس، التي وصلت إلى الحكم من خلال أنظف عمليةٍ ديمقراطيةٍ في العالَم؟!.. ولماذا يحاصرُها ويحاصرُ شعبَها ويشجّع الإرهابيين الصهاينة على اعتقال وزرائها ونوّابها في البرلمان الفلسطينيّ المنتخَب ديمقراطياً بامتياز، وفق أفضل المعايير الديمقراطية؟!..

*     *     *

لقد أظهرت الأحداث الأخيرة، التي ما تزال جاريةً حتى كتابة هذه السطور في غزّة وفلسطين العربية المسلمة المحتلّة.. أظهرت درجةَ التلاحم المتينة بين أركان الثالوث الإرهابيّ ضد المسلمين: أميركة، وزعماء الغرب الصليبيّ، والكيان الصهيونيّ، هذا التلاحم الذي وصل إلى درجة التنسيق الكامل، فالعدوان الصهيونيّ الحاليّ هو عدوان إرهابيّ أميركيّ غربيّ صهيونيّ مكشوف، ترتسم معالمه بكل وضوحٍ وبشكلٍ لا يخلو من الوقاحة والغطرسة، في ظلّ صمتٍ رسميٍ عربيٍ وإسلاميّ مريب، يدعو إلى الاعتقاد أنّ فصول المؤامرة على فلسطين، لا تقتصر على الصهاينة والغرب الاستعماريّ والأميركيّ، بل تتعدى ذلك إلى نواطير الغرب من الأنظمة العربية والإسلامية، لكننا على يقينٍ أنّ الله عزّ وجلّ سيُحبط أعمالهم ومؤامراتهم، ويردّ كيدهم ومَكرهم إلى نحورهم، وليس هناك من شرطٍ لتحقيق ذلك إلا إخلاص النية لله عزّ وجلّ، والتوكّل عليه، والعمل الجادّ والجهاد الحقّ والإصرار والصبر في سبيله، الذي يجب أن يميّز المجاهدين المخلصين، الذين باعوا أنفسهم لله عزّ وجلّ مالك الأمر كله، واشتروا منه الجنة والنصر بإذنه سبحانه وتعالى: (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ) (فاطر:10).

وهكذا، فمواقف ما يسمى بالمجتمع الدوليّ، الصادرة عن زعمائه وسياسيّيه، لا تعبّر إلا عن حقيقةٍ واحدةٍ فقط، هي: التواطؤ الكامل مع جرائم اليهود الصهاينة، والتغطية على إرهابهم وظلمهم وطغيانهم، بشكلٍ سافرٍ منحطٍّ، متنكّرٍ لكل الأسس الأخلاقية السويّة، ولكل الأعراف الدولية، ولكلّ مبادئ حقوق الإنسان والعدل والمساواة.. التي يتبجّحون بها ويتشدّقون، نفاقاً وتزويراً وكذباً وخداعاً!.. وهذا كله يغرس مسماراً آخر في نعش النظام العالميّ الأميركيّ الغربيّ الصليبيّ الظالم المتجبّر، الذي يحتكم إلى القوّة الغاشمة الطاغية وباطلها الزائف الزائل بإذن الله عزّ وجلّ!..

الأمم المتحدة مؤسّسة يهيمن عليها اليهود وحلفاؤهم!..

لابد في هذا المقام، من الإشارة إلى الدور الكبير الذي تقوم به منظمة الأمم المتحدة، في خدمة المشروع الصهيونيّ الإرهابيّ، ولن نجهد كثيراً هنا لذكر الحقائق اليومية الماثلة للعيان، التي تفضح دورَ هذه المنظمة في التغطية على جرائم الكيان الصهيونيّ، ودرجةَ التواطؤ معه ضد العرب والمسلمين وقضاياهم!.. ولا نعتقد أنّ عربياً شريفاً واعياً، أو مؤمناً مسلماً.. لم يَعُدْ يلمس حقيقة هذه المنظمة في ترسيخ الظلم، وفي الخضوع لجبروت زعماء الغرب الصليبيّ وأميركة -حلفاء الكيان الصهيونيّ وأولياء نعمته-.. لكن من المفيد هنا أن نجيب على السؤال الكبير الذي يتردّد على كل لسانٍ من ألسنة المسلمين وهو: لماذا هذا التواطؤ السافر، الذي لم تَعُدْ المنظمة الدوْلية قادرةً على إخفائه؟!.. ولماذا كل هذه النـزعة العدوانية تجاه العرب والمسلمين، التي تظهر في سلوك ما يسمى بمنظمة الأمم المتحدة؟!..

*     *     *

بغضّ النظر عن التصريحات الإيجابية الأخيرة للسيّد الأمين العام للأمم المتّحدة (أنطونيو غوتيريش)، البرتغاليّ، فإنّ هذه المنظمة الدوْلية، هي جزء من ما يسمى بالمجتمع الدّوْلي الذي تحدثنا عنه آنفاً، أي أنها خاضعة لهيمنة القطب الواحد الأميركيّ.. من جهة، وللصفقات الدوْلية التي تُطبَخ في الخفاء خدمةً لأغراض بعض الدول الكبرى الاستعمارية، بعيداً عن المعايير الأخلاقية والقانون الدوْلي.. من جهةٍ ثانية!.. وهي في كثيرٍ من الأحيان تخضع للنفوذ اليهوديّ الصهيونيّ المدعوم من أميركة والغرب الاستعماريّ!..

لقد سيطر اليهود على (عصبة الأمم) التي أُنشِئت في عام (1920م) في جنيف بسويسرة، وقبل أن تتحوّل إلى (هيئة الأمم المتحدة) في عام (1945م).. شَغَل اليهود أهم المناصب فيها منذ تأسيسها، من مثل:

(بول هيمانز): رئيس مجلس عصبة الأمم، و(السير إيريك دراموند): السكرتير العام، و(بول مانتوكس): رئيس القسم السياسي، و(الميجر إبراهام): مساعد رئيس القسم السياسي، والموظفة اليهودية (اسبلر): سكرتيرة القسم السياسي، و(إلبرت توماس): رئيس قسم العمل.. وغيرهم من اليهود!..

أما بعد تحويل (عصبة الأمم) إلى (هيئة الأمم المتحدة)، التي اتخذت من مدينة (نيويورك) مقرّاً لها، فقد سيطر اليهود بشكلٍ تامٍ على مفاصل هذه المنظمة!.. وقد أحصت مجلة (الاعتصام) المصرية في عددها الصادر في (إبريل 1989م) أكثر من سبعين منصباً هاماً يسيطر عليه اليهود في هذه الهيئة وأقسامها ومنظماتها المختلفة!.. وما يؤكّد ذلك، أقوال بعض الصهاينة، التي تفضح حقيقة هذه المنظمة منذ إنشائها!.. فمثلاً يقول القائد الصهيونيّ (إسرائيل زانقويل): (إنّ هيئة الأمم هي سفارة إسرائيل)!.. ويقول القائد الصهيونيّ (ناحوم سكولوف): (إنّ عصبة الأمم كانت فكرةً يهودية)!.. فيما يقول الصحفيّ (لورد ألفريد): (كانت عصبة الأمم منذ تأسيسها، بمثابة الحكومة اليهودية المركزية للسيطرة على العالَم)!.. (صحيفة الرباط-ع41- 12/11/1991م).

*     *     *

لقد أصدرت منظمة العلوم والثقافة (اليونسكو)، التابعة للأمم المتحدة.. موسوعةً باسم: (تاريخ الجنس البشريّ وتقدّمه الثقافيّ والعلميّ)، جاء فيها في الفصل العاشر من المجلّد الثالث ما يأتي من الافتراءات والأكاذيب:

1- الإسلام خليط مُلفّق من المسيحية واليهودية والوثنية العربية!..

2- القرآن كتاب عاديّ ليس فيه بلاغة كما يزعم المسلمون!..

3- الأحاديث النبوية وَضَعَها بعض الناس، الذين جاؤوا بعد الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) بفترةٍ طويلة، ونسبوها إليه!..

4- الفقه الإسلاميّ وَضَعَه الفقهاء المسلمون، بالاعتماد على القانون الروماني والفارسي والتوراة وقوانين الكنيسة!..

5- المرأة المسلمة ليس لها أية قيمة في المجتمع الإسلاميّ!..

6- الإسلام كان ظالماً بحق أهل الذمة، فقد أرهقهم بالخراج والجزية!..

(مجلة التمدّن الإسلامي-مجلد 44-ع7-ص508-تموز 1977م) و(كتاب: قادة الغرب يقولون: دمِّروا الإسلام.. أبيدوا أهله-عبد الودود يوسف-طبعة دار السلام-ص53 و54).

نعم، هذه هي الأمم المتحدة، وهذه هي حقيقة أعلى هيئةٍ ثقافيةٍ تابعةٍ لها (اليونسكو)، ليس لها من همٍّ إلا تزوير الحقائق، وتزييف حقيقة الإسلام، وتشكيك المسلمين بدينهم، وتشكيك غير المسلمين بالإسلام حتى لا يعتنقوه.. ومع ذلك.. مع ذلك كله.. فقد برعت الأنظمة العربية والإسلامية في ولائها لما يسمى بمنظمة الأمم المتحدة، وفي التفنّن بالبكاء عند أعتابها، وفي استجداء جهودها لحل قضاياهم، وفي الشكوى إليها على أعدائهم اليهود الصهاينة، الذين هم في حقيقة الأمر، ليسوا إلا القادة الحقيقيّين لهذه المنظمة المشؤومة!..

يتبع إن شاء الله

وسوم: العدد 1057