الشماتة في مدونة الأخلاق الإسلامية، أفي الحَسَن هي أم في القبيح؟؟

والشماتة: هي الفرح ببلية العدو. نقلا عن الراغب الأصفهاني في مفردات القرآن.

ووردت باشتقاقها في القرآن الكريم مرة واحدة، على لسان سيدنا هارون يخاطب أخاه موسى (فَلَا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ)

وتواردت الأدعية المأثورة، في الأحاديث الشريفة على الرجاء من الله أن لا يشمت بنا عدوا ولا حاسدا..

وأقرب ما قيل في تسويغ الشماته قوله تعالى: (قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ، وَيُخْزِهِمْ، وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ، وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ، وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ ۗ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَىٰ مَن يَشَاءُ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) في تعداد خماسية ثمرات الانتصار.

والشاهد في الآية في قوله: (وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ، وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ..)

واختلف في تأويل هذا، فقيل يشف صدور قوم مؤمنين بما يجد المقهور من لذة الانتصار من الظالم عند حصوله؛ وهذا ما يعبر عنه بالشماتة. وقيل في قول آخر المقصود: من شفاء الصدور ذهاب الشك والريب اللذين يرافقان تأخر النصر، وديمومة القهر الحاصل من تغلب الأعداء، وعلى القول الثاني فلا دليل في الآية على مشروعية الشماتة، أي الفرح ببلية الآخرين.

واختلفوا في قوله تعالى: ويذهب غيظ قلوبهم على قولين أيضا، وذلك في تفسير عائد الضمير من قوله قلوبهم، فقالوا المقصود قلوب المؤمنين، الذين يذهب الله غيظ قلوبهم بما يحققون من انتصار على الظالمين. وقيل العائد على قلوب الكفار، الذين يذهب الله غيظ قلوبهم بما كتب عليهم من القتل.. ففي القتل شكل من أشكال موت العداوة، وذهاب الغيظ، ويخرج السياق على هذا مخرج الاستهزاء بما يلقاه المكابرون..

ونعود إلى الشماتة ومكانتها في مدونة الأخلاق، فإذا أعدنا القول، إن الشماتة هي فرح يخالط القلوب ببلية العدو، علقنا حكم الشماتة على سياقها فقلنا: فإذا كانت العداوة لله وفي الله، ومن أجل دين الله، وإذا كانت البلية التي نزلت في العدو بسبب من أسباب ظلمه وتجبره وكبره وغروره فأحرِِ بالشماتة أن يكون فرحها فرحا مرضيا..

أما إذا كانت العداوة على أمور شخصية، وأغراض دنيوية، وأعراض قريبة، والبلية التي نزلت بالمخالف بلية إنسانية من مرض أو ضعف أو فقد؛ فأولى بالإنسان العاقل صاحب المروءة أن يترفع عنها,,,

والمؤمن الحق هو المؤمن الذي يحب لكل الناس الهدى والرشاد ومن ثم الصلاح..

وعليه حُمل قوله صلى الله عليه وسلم "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه". قالوا في شرحه حتى يحب لأخيه الإنسان ما يحب لنفسه من الإيمان والهدى والرشاد والصلاح والعافية...

ليس كبرا ولا بطر ولا حسدا... وإنما غضبنا لله، وحبنا وبغضنا فيه...

اللهم ونعوذ بك من جهد البلاء وشماتة الأعداء.

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 1080