الاستثمار الأعرج أو محاولة محوٍ للعاصمة الشامية الأعرق في العالم
اللهم فاشهد...
لا لن تكوني يا دمشق خادمة لأهوائهم، جارية في أسواقهم!!
وهذا الجنف ليس إيثارا لدمشق، بل محاولة لجعلها تئن… وتميع وتضيع..
امسحوا الدنس عن ضمير دمشق. عن دمشق وغوطة دمشق، لتبقى دمشق جنة من جنات الدنيا الأربع.. لا سوقا من أسواق النخاسة العالمية ينصب إليها مثل الذين انصبوا إلى دبي… وأخواتها..
حتى على مستوى المجتمع السوري هل المطلوب أن يزاحم كل أبناء الأطراف في سورية الإنسان الدمشقي على حجر بيته؟!!..
كما صيادو المكافآت في كل العالم!!
إن الهجرة نحو المركز المختنق أصلا إحدى معضلات السياسة التي لا يعيها المهوسون بلعبة الأصفار..
لا والله ليست غيرة من دمشق، ولكن غيرة عليها…
أيها أولى بسورية الجميلة أربع مطارات كل مطار بمليار، أو مطار واحد بأربع مليارات. ثم يدفع ابن دير الزور قيمة وقود مستورد، ليلحق بمدينته؛ بعد اضطراره للنزول في مطار دمشق، ألا تستحق دير الزور مطارا بمليار.. ثم يستهلك أبناء المنطقة الشرقية، في طريقهم إلى منطقتهم الوقود والطريق ويشاركون في تأجيج الدفيئة الكونية..؟؟
كيف سيصمد سوق الحميدية الدمشقي بعراقته التاريخية أمام منافسة المولات الاقتصادية الضخمة بأسواقها الأكثر مركزية؟؟
وأين سيذهب البائعون على العربات الصغيرة في منطقة المرجة ومحطة الحجاز..؟؟
كيف نفكر اقتصاديا بالمول ونحن بلد مدنف؟؟ المول الذي قد يشغل ألفا ويتسبب ببطالة العشرة آلاف..؟! وإن جددتم في الحساب جددنا!!
نحن من حين أدخلوا جرار الحراثة، وماكينة الحصاد إلى مجتمعنا بدون بصيرة دمروا حياة الريف.. لسنا ضد الحداثة والتحديث ولكننا مع التخطيط المبصر والمتدرج.
كانت في مجتمعنا طبقة سكانية، عنوانها الحواصيد! رزقها من حصاد القمح والشعير، وجني القطن وقطف التين والزيتون..
نحن في هذه المرحلة التاريخية أمام مجتمع يئن. جيل من الأطفال عائد من مخيمات الاغتراب، وبعضهم قد تجاوز العشرين!! أميون في العشرين يبحثون عن عمل، هؤلاء هم الشهداء الأحياء بيننا!! هؤلاء لن يكونوا عمالا لا في المولات ولا في المطارات ولا في فنادق الخمس نجوم.. فلا تقتلوهم مرتين!! وكونوا أوفياء لهم ولآبائهم..
حكى لي أحدهم؛ خريج تدمري، قال عندي شابان نجحا في الثانوية بتفوق، أحدهم جعلته عاملا في مقهى "واحد سكر خفيف.. أيوة حاضر" والآخر …
لن تقفزوا ببنيتنا السكانية إلى عصر الثورة الصناعية الرابعة.. وعصر الرقمية والذكاء الاصطناعي.. نحن ما نزال بفعل المهلوع في عصر المكننة أو الأتمتة.. بل لعلنا.. ومازالت صناعتنا اليدوية هي فخرنا…
عندنا مشكلة اسمها محو أمية، وتعليم أولي، وتدريب مهني، ليس للجيل العائد من الغرب، ولا نمنع التفكير بهم، بل للجيل من أبناء الشهداء الذين كانوا يعملون في جمع المخلفات البلاستيكية وعلب الكرتون.. هؤلاء يجب أن يكونوا الأولوية وفاء للثورة وثوارها.. وفاء للجيل الذي ظل مرابطا في إدلب وأرياف الشمال …
الخبراءَ الاقتصاديين مع التحية يجب أن تكونوا آباء مجتمعيين، وتفكرون بأبناء المجتمع، كما يفكر الوالد بولده الأضعف...
تفكيرنا بواقعنا لإغاثته.. لا الجري وراء لعاب المستثمرين...
لا تصادروا على المستضعفين سبل رزقهم، لا تبيعوا وطنا ثار من أجل العزة والكرامة والسؤدد في أسواق المال العالمية لا دبي ولا مونتكارلو ولا لاس فيغاس ولا حتى بيروت...
اللهم إني قد بلغت.. اللهم فاشهد...
وسوم: العدد 1130